من الطهطاوي وأمين لـ "طه حسين"| شعلة التنوير في مصر تنطلق من «فرنسا»


"مدينة النور" وبوابة التنوير، وملهمة كبار المفكرين المصريين في الأدب والشعر، وتجديد الخطاب الديني والثقافي.... "فرنسا".

كانت "فرنسا" منذ أوائل القرن الماضي متفردة في العمارة والتعليم والفن، وذلك ما جعل "محمد علي" يأمر بإرسال أول بعثة تعليمية عددها أربعين طالبًا على متن السفينة الحربية الفرنسية "لاترويت"بالفرنسية في 13 أبريل 1826 لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان من بينهم رائد التنوير "رفاعة رافع الطهطاوي".

"فرنسا" زرعت بذرة التنوير في وجدان "رفاعة الطهطاوي" 
كان الشيخ حسن العطار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة كإمامٍ لها وواعظٍ لطلابها، وكان بينهم 18 فقط من المتحدثين بالعربية، بينما كان البقية يتحدثون التركية، وذهب بصفته إمامًا للبعثة ولكنه إلى جانب كونه إمام، اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك.

وبعد خمس سنواتٍ حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".

وعندما "الطهطاوي" إلى مصر عام 1831كان مفعماً بالأمل واشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية.

وفي عام 1835 افتتح مدرسة الترجمة "الألسن" وعُيـِّن مديراً لها إلى جانب عمله مدرساً بها.

 وفي هذه الفترة تجلى المشروع الثقافي الكبير لرفاعة الطهطاوي ووضع الأساس لحركة النهضة.

"فرنسا" شعلة تجديد الخطاب الديني عند الإمام "محمد عبده" 
الإمام "محمد عبده" أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي، وبسبب موقفة من تأييد الثورة العرابية، وتم الحكم عليه بالنفي ثلاث سنوات ثم انتقل إلى بيروت ومكث بها عام، ثم انتقل بعدها إلى باريس ليكون بالقرب من صديقه "جمال الدين الأفغاني"، حيث تعلم الفرنسية واستفاد من الأعمال الأادبية الفرنسية وترجم كتاب في التربية من الفرنسية إلى العربية، وظل يحاول في تطبيق الفكر الفرنسي في تطوير التعليم، أعجب بالقانون الفرنسي، ودعم تطبيقه في مصر.

"قاسم أمين" حرر المرأة من قيدها بمفتاح "فرنسي"
سافر "قاسم أمين" في بعثة دراسية إلى فرنسا لمدة أربع سنوات، وأثناء دراسته بفرنسا جدد صلاته مع جمال الدين الأفغاني ومدرسته حيث كان المترجم الخاص بالإمام محمد عبده في باريس.

عاد قاسم من فرنسا بعد أن درس المجتمع الفرنسي، واطلع على ما أنتجه المفكرون الفرنسيون من مواضيع أدبية واجتماعية، وجذبته الحرية السياسية التي ينعم بها أولاد الثورة الفرنسية والتي تسمح لكل كاتب أن يقول ما يشاء.

فأقام مبدأ الحرية والتقدم على أسس من الثقافة المسلمة وكان من المؤيدين للإمام محمد عبده في الإصلاح، ورأى أن الكثير من العادات الشائعة لم يكن أساسها الدين الإسلامي.

 و أيد قاسم أمين بعض آراء كارتور في كتابه تحرير المرأة، كان يرى أن تربية النساء هي أساس كل شيء، وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح وتخرج أجيالا صالحة من البنين والبنات، فعمل على تحرير المرأة المسلمة، وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا فاتهمه مهاجميه بالدعوة للانحلال.

"فرنسا" أضاءت فكر "طه حسين" لتطوير التعليم والأدب
درس "طه حسين" في جامعة باريس، التاريخ اليوناني ، والروماني ، والتاريخ الحديث ، وعلم الاجتماع .
دعا طه حسين بالنهضة الأدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها.

استمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها.
 
كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونا على قدر كبير من التمكن، والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.