التعامد الملكي بين العرش والميلاد.. بعد ساعات

قال مدير عام آثار أبوسمبل بأسوان الأثري حسام عبود، لـ "بوابة أخبار اليوم"، أن كافة الاستعدادات قد أنهت لتنظيم الحدث العالمي، لظاهرة تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني، بمعبده الكبير، بمدينة أبو سمبل السياحية جنوب أسوان، في صباح يوم الأحد 22 أكتوبر2017 ، والأجانب والمصريين منتظرين مع إشراقه أول شعاع شمس في الظاهرة الفلكية الأبرز على مستوى العالم، والتي تستمر منذ قرابة 33 قرنا، إذ تتعامد الشمس داخل قدس الأقداس بمعبد رمسيس الثاني على وجه التمثال لمدة تستغرق 20 دقيقة.


وأضاف "حسام عبود"، أن المتوقع منذ ساعات قليلة يشاهده قرابة الألفي سائح وعشرات المصريين، يتقدمهم وزيرا الآثار الدكتور خالد العناني والثقافة حلمي النمنم ومسئولو وزارات الآثار والثقافة والسياحة ومحافظة أسوان.


أشار حسام عبود، أنه سيتم نقل هذا الحدث الفريد عالميا عبر شاشات عرض ضخمة سيتم وضعها أمام ساحة المعبد ليشاهدها العالم أجمع بالتزامن مع نفس توقيت حدوثها ومشاهدتها في دولة مصر.


وأكد "عبود"، أن الاجتماع الذي قد قرر في وقت سابق بالتشاور مع وزراء الآثار والثقافة والسياحة ومحافظ أسوان، والذي وصلوا مدينة أبوسمبل، أمس، لإلغاء كافة مظاهر الاحتفالات الفنية بظاهرة تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل السياحية، وإلغاء افتتاح قصر ثقافة أبو سمبل، تضامنًا مع شهداء الشرطة البواسل، حيث سيقتصر الاحتفال على مشاهدة الظاهرة الفلكية فقط.


وقال مجدي شاكر كبير أثريين وزارة الآثار، لـ"بوابة أخبار اليوم"، أن اليوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر سيقام احتفال كبير بمناسبة مرور مائتي عام على اكتشاف معبد أبو سمبل ويتواكب هذا الاحتفال مع تعامد الشمس على معبد أبو سمبل نرجو من خلالكم ألقاء الضوء على هذا الحدث العالمي.


وأضاف شاكر، أن التعامد حدث هام وهو الاحتفال بمرور مائتي عام على اكتشاف وإزاحة الرمال عن أهم وأجمل معابد مصر وهو معبد أبو سمبل الكبير في احتفالية كبيرة كان قد طالب بها شباب أسوان في مؤتمر الشباب الذي أقيم فى أسوان والذي شجعه السيد الرئيس ويتواكب هذا الحدث مع اختيار أسوان عاصمة للاقتصاد والثقافة الأفريقية .


وأكد شاكر ، أن الحدث فريد ويتكرر مرتين سنويا من آلاف السنين وهو تعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبو سمبل الكبير بهذه المناسبة نلقى الضوء على هذا المعبد وهذه الظاهرة. 


وأوضح شاكر، أن قرية أبو سمبل تقع في أقصى الجنوب الغربي لمصر على الشاطئ الغربي لبحيرة السد العالي ٢٨٠ك م جنوب أسوان، حيث يوجد معبدي أبو سمبل الذي بناهما الملك رمسيس الثاني ثالث ملوك الأسرة ١٩ والذي يعد من أعظم فراعنة مصر وكيف لا ، وهو صاحب أكبر وأضخم معابد وتماثيل في مصر وصاحب أول معاهدة سلام في التاريخ ومن أكثر الفراعنة حكما سبعة وستون عاماً، وأولادا أكثر من مائة ، وزوج الجميلة نفرتارى صاحبة أجمل مقبرة في وادي الملكات والوحيدة التي بني لها زوجها معبد كامل لها فقط بجوار معبده في أبو سمبل.


وقد اكتشف المعبد الرحالة السويسري يوهان لودفيج بوكهارت عام ١٨١٣ ثم قام الايطالي جيوفاني باتستا بلزونى بتنظيفه ووصل حتى قدس الأقداس عام ١٨١٧ م فى النوبة التي كانت موطنا لعبادة الكثير من الآلهة طوال العصور الفرعونية والرومانية والمسيحية وأنشئ بها كثير من المعابد على جانبي النيل من دابود إلى أدندان لأنها من الأماكن التي قدسها المصريون من أقدم العصور .


وحين بدأت مصر بناء السد العالي وجهت مصر نداء لدول العالم لإنقاذ أثار النوبة ، وعرض حينها السفير الأمريكي على وزير الثقافة آنذاك د. ثروت عكاشة شراء المعبدين فأطلق نداء لإنقاذ أثار النوبة وساهمت مختلف دول العالم لإنقاذ هذه المعابد وفى ١٨_٣_١٩٦٠انعقد مؤتمر فى باريس لتوجيه الدعوة عن طريق اليونسكو لكافة حكومات العالم ومنظماته للمساهمة فى إنقاذ التراث الانسانى من الغرق ولأول مرة يعلن فيه أن منطقة أبو سمبل جزء من تراث العالم القديم وقد اشتركت واحد وخمسون دولة من دول العالم في المساهمة في إنقاذ هذا التراث وكان أهم ما تم إنقاذه منها هو معبد رمسيس الثاني.


ويعتبر معبد أبو سمبل أكبر وأضخم معبد منحوت في الصخر في العالم وهو آية في العمارة والهندسة القديمة إذ نحت في عمق جبل صخري لمسافة ٦٢م على الضفة الغربية للنيل وهو فريد في واجهته التي ترتفع ٣٢م بعرض ٣٥م وتتقدمها أربعة تماثيل منحوتة جالسه لرمسيس الثاني بارتفاع ٢٠م وبجوارها عدة تماثيل أصغر لزوجته وأبنائه وفى أعلى صف من القرود واقفة تهلل لشروق الشمس عددها واحد وعشرون فوق تمثال لرع حور اختى برأس صقر ناهيك عن مناظر المعبد التي تسجل معركة قادش كاملة التى قادها ضد الحثيين وأنتصر عليهم.


ووقع مع ملكهم أول معاهدة سلام فى التاريخ بل وتزوج أبنته بما يسمى زواج سياسي، وكرس المعبد لعبادة الإله رع حور اختى الذى يصور عادة على هيئة بشرية برأس صقر على رأسه قرص الشمس، وهناك أعجوبة هندسية وفلكية ترتبط بهذا المعبد حيث تخترق أشعة الشمس باب المعبد ثم القاعات حتى قدس الأقداس لعمق أربعة وستون متر مرتين فى العام يومي ٢٢فبراير، ٢٢أكتوبر، وقيل هما يومي ميلاده وتتويجه على العرش؟


وقيل لأنهما بداية فصل الشتاء والصيف تبعا للتقويم المصري القديم؟
وقيل يتواكب مع زراعة وحصاد القمح ؟
حيث تبدأ أشعة الشمس أولا على وجهي المعبود آمون ثم رع ثم رمسيس الثاني الذي آلهة المصريين ولا تأتى على بتاح نهائيا لارتباطه بالموت وكانت كل احتفالات المصريين القدماء مرتبطة بالشمس وكانوا متقدمين في مجال الفلك ورصد الظواهر الفلكية المرتبطة بالشمس والنجوم حيث كانت ظاهرة الفيضان ومهنة الزراعة مرتبطة بالشمس وكان لهم مرصد فلكي في مدنية آون التي تسمى عين شمس الآن وتوجد على أسقف معابدهم الأبراج السماوية كاملة مثل سقف معبد دندرة وإسنا.


وكما كان المعبد معجزا في كل تفاصيله القديمة فقد كان إنقاذه معجزة بكل المقاييس فبدأت العملية فى عام ١٩٦٤ _١٩٦٨حيث بدأت بإحاطة المعبدين بسد حديدي ارتفاعه ٢٥م يعزلهما عن مياه النهر ثم رفع الجبل وأزالته ثم تقطيعه لأجزاء بلغ عددها ١٥٠٠كتلة تتراوح من ٧طن _٣٣ طن بمنشار يدوى من الأمام وكهربائي من الخلف(يبلغ المعبد الكبير ٢٥٠الف طن) ثم تقطيع كل أجزاء المعبد إلى أجزاء لا تتعارض مع تقسيم النقوش ثم ترقيمها ونقلها للموقع الجديد والذي يبعد عن المكان الأصلي ٢٠٠م ويعلوه ب٦٠م ، ثم أعادة بنائه مرة أخرى.


حيث بدأ العمل من قدس الأقداس في اتجاه الواجهة مع المحافظة على الاتجاهات الهندسية التي كان مقاما عليها والمكان الجديد فوق مستوى سطح البحر ١٨٩م وأعلى منسوب لمياه السد ١٨٣م.


وهناك معجزة هندسية تمت وهى إقامة قبة خرسانية لحماية المعبد وإعادة شكل الجبل الذي كان موجود قبل الإنقاذ في منطقة زلازل والقبة هي أكبر قبة في العالم ترتفع ٣٨م وطولها ٦٦م وعرض ٦٠م وسمك الخرسانة من المركز ١٤٠سم ومن الجانبين مترين وتحمل ستمائة ألف طن من الركام من الحجر الجيرى والتراب فوقهما مكونا جبل صناعي وتم تركيب ٣٦٠ جهاز قياس في سقف القبة وأنحائها لإعطاء كل القياسات المطلوبة للمحافظة عليها واكتشاف أي شروخ أو تفتت في الصخور.


وعلى مسافة قريبة شمال المعبد الكبير نحت رمسيس الثاني معبد لجميلة الجميلات زوجته نفرتارى وكرس المعبد للمعبودة ربة الجمال والحب والرقص والموسيقى المعبودة حتحور، وليتنا نستغل هذا الحدث وغيرها من ظواهر التعامد التي تحدث على آثارنا المصرية فهي تحدث في أوقات مختلفة في معابد كثيرة في الكرنك والدير البحري وغيرها في الترويج أكثر السياحة وجذب مزيد من السائحين.