ورقة وقلم ..

ياسر رزق يكتب من «شيامنّ الصينية: خماسي «البريكس» يستمع لمصر في مدينة الفن الصيني

الكاتب الصحفي ياسر رزق
الكاتب الصحفي ياسر رزق
يجيد الصينيون إبهار ضيوفهم في كل محفل، في سبتمبر الماضي، استضافوا قمة العشرين أو ما يعرف بمجلس إدارة اقتصاد العالم، في مدينة «هانغجو» فائقة التقدم، والمسماة بالمدينة الأسفنجية، حيث كل قطرة ماء لا تذهب سدى، وحيث مروج خضراء ممتدة أكسبت المدينة العبارة الشهيرة التي قيلت عنها: «فى السماء الجنة.. وعلى الأرض هانغجو». 

فى تلك القمة، كانت مصر ضيف الشرف، وكان رئيسها عبدالفتاح السيسى أبرز المتحدثين أمام قادة أكبر الاقتصادات العالمية.

تستضيف الصين قمة «البريكس» للدول الخمس ذات الاقتصادات الناهضة صاحبة معدلات النمو الأعلى في قارات أوروبا وأسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، ومقر القمة هذه المرة هو مدينة «شيامن»، التي تعرف بمدينة الرسامين والموسيقيين ومركز التعليم ومقصد السياح من عشاق سحر الطبيعة. 
هذه المرة أيضا حرصت الصين على دعوة مصر ضمن 5 دول محورية في قارات العالم، وسيكون رئيسها أول زعيم عربي يشارك فى قمة «البريكس» منذ تأسس هذا التجمع. 

«شيامن» تقع في أقصى الجنوب الشرقي لسواحل الصين عند مضيق تايوان ومصب نهر «جيولونج»، وتضم المدينة جزيرة «شيامن» الرئيسية وعددا آخر من الجزر منها جزيرة «جولانجسو» التي يؤمها سنويا 10 ملايين سائح، وهى مقصورة على المشاة، ويحظر فيها أى وجود للسيارات أو حتى للدراجات. 

يسكن المدينة 3.5 مليون نسمة ويبلغ حجم ناتجها 55 مليار دولار، ويبلغ معدل النمو بها 12.1?، وتوصف بأنها مدينة متوسطية على أرض صينية حيث يشبه جوها مناخ مدن البحر المتوسط، فضلا عن أن مبانيها يمتزج فيها الطابع الصيني بالعمارة الأوروبية، ومن هذه المدينة خرج عدد من أشهر الموسيقيين الصينيين، وبها قرية للرسامين يعمل بها نحو 5 آلاف رسام للوحات الزيتية، وتعد أكبر مركز لتجارة وتصدير اللوحات الفنية فى الصين.
 
دعوة مصر لحضور قمتي «العشرين» و«البريكس» في الصين خلال 12 شهراً، تعبر أولا عن متانة علاقات الصداقة المصرية الصينية، وتقدير الصين لدور مصر السياسي عالميا وإقليميا، وتعكس ثانيا إدراك النجاحات التي حققتها مصر في مجال المشروعات الكبرى، وآفاق التقدم الواعد لاقتصادها، خاصة بعد الإصلاحات الأخيرة. 

كلمة «بريكس» أو «Brics» هي تجميع للأحرف اللاتينية الأولى من أسماء الدول الخمس الأعضاء فى هذا التجمع: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، وفكرة هذا التجمع نشأت عام 2006، بين الصين وروسيا والهند والبرازيل، للتتنسيق فيما بينها تجاه القضايا الاقتصادية العالمية، بوصفها من الدول صاحبة أعلى معدلات للنمو فى العام، التي تمتلك فى مجموعها أكبر عدد من السكان وتستحوذ على نصيب كبير من الإنتاج العالمي. 

وفى عام 2009 انعقدت القمة الأولى للدول الأربع باسم تجمع «بريك» فى مدينة «يكاترينبرج» بروسيا ودعت القمة إلى زيادة تمثيل الأسواق الواعدة والدول النامية فى المؤسسات المالية الدولية، كما أصدرت بيانا بشأن الأمن الغذائي العالمي. وفى العام التالي.. انضمت جنوب أفريقيا إلى التجمع ليصبح اسمه تجمع «البريكس»، وتم في هذه القمة التي انعقدت في العاصمة البرازيلية الاتفاق على أطر تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الخمس. 

وفى القمة السادسة بمدينة «فورتاليزا» بالبرازيل اتفقت الدول الخمس على إنشاء بنك للتنمية برأسمال 50 مليار دولار، وصندوق احتياط نقدى برأسمال 100 مليون دولار، يكون مقرهما «شانغهاى»، وتضم دول البريكس الخمس 42? من سكان العالم، وتمثل اقتصاداتها 23? من إجمالى اقتصادات العالم، مقابل 12? عند تأسيسها، ويبلغ إجمالى الناتج المحلى لدولها نحو 17 تريليون دولار، ويبلغ نصيبها من حجم التجارة الدولية 16?. 

هذا العام.. تنعقد القمة التاسعة لدول «البريكس» في مدينة «شيامن» يومي الاثنين والثلاثاء، تحت عنوان «شراكة قوية من أجل مستقبل أكثر إشراقا»، و دعت الصين 5 دول محورية للمشاركة في أعمال قمة «البريكس» هي بجانب مصر، كل من المكسيك، تايلاند، طاچيكستان، وغينيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
 
وهذه هي المرة الثانية التي تستضيف فيها الصين قمة لدول «البريكس» بعد قمة شنغهاى عام 2011، بكل المعايير تستحق مصر الانضمام إلى تجمع «البريكس»، ليس فقط لتأثيرها السياسي عربيا وشرق أوسطيا، ومكانتها فى منطقة المتوسط، ودورها الرائد في قارتها الأفريقية، وإنما أيضا لحجم اقتصادها وسوقها وعدد سكانها ومؤشراتها الواعدة اقتصاديا.

 على سبيل المثال.. يبلغ إجمالي الناتج المحلى المصري 342.8 مليار دولار مقابل 280.4 مليار دولار لجنوب أفريقيا عضو «البريكس»، معدل النمو لاقتصادها في العام الماضي 3.8? مقابل 0.5? لجنوب أفريقيا ويتجاوز عدد سكانها 97 مليون نسمة مقابل 54.8 مليون هم سكان جنوب إفريقيا. 

ويصل الرئيس السيسى إلى «شيامن» في زيارته الرابعة للصين، للمشاركة فى أعمال تجمع «البريكس»، على رأس وفد رفيع المستوى يضم سامح شكري وزير الخارجية، د. سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون  الدولي، طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، د. هشام عرفات وزير النقل. 

كما يضم الوفد اللواء مصطفى شريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية والوزير خالد فوزي رئيس المخابرات العامة واللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية والسفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. 

يشارك الرئيس في منتدى الأعمال لدول «البريكس»، ويلقى كلمة يعرض فيها فرص الاستثمار بمصر خاصة فى المنطقة الاقتصادية لإقليم قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات البنى التحتية والنقل، كما يتناول الخطوات التي تمت فى برنامج الإصلاح الاقتصادي والمؤشرات الإيجابية التي نتجت عنها. 

كما يلقى الرئيس كلمة أمام قمة «البريكس» بحضور القادة المشاركين من أعضاء التجمع وضيوف الشرف، يتناول فيها رؤية مصر لإنشاء نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية لوضع شروط ائتمانية أكثر تيسيرا على الدول النامية، وتوسيع نطاق التعاون بين مصر ودول «البريكس». 

خلال يومى قمة «شيامن» يلتقي الرئيس مع عدد من قادة دول «البريكس» والدول المدعوة للمشاركة فى القمة. أبرز هذه اللقاءات التي تم ترتيبها ستكون مع الرئيس الصيني شى چين بينج، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم غد «الاثنين». 

هذا هو اللقاء الخامس بين الرئيسين السيسى وبينج.. اللقاء الثالث جرى فى القاهرة بداية يناير 2016.. واللقاءات الأخرى تمت فى الصين خلال الزيارات الثلاث السابقة التي قام بها الرئيس السيسى لهذا البلد الصديق منذ تولى منصبه. 

- الزيارة الأولى كانت في الأسبوع الأخير من ديسمبر عام 2014 وفى لقاء القمة الذي جمع الرئيسين السيسى وبينج تم توقيع عديد من الاتفاقات أهمها اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، كما تم الاتفاق على عدد من مذكرات التفاهم للتعاون فى مجالات متنوعة، ومن المقرر أن توقع الاتفاقات الخاصة بها فى الزيارة الحالية.

 - الزيارة الثانية.. كانت في مطلع سبتمبر عام 2015، حيث شارك الرئيس فى احتفال الصين بالذكرى السبعين لانتصارها على الفاشية فى الحرب العالمية الثانية. وحضر خلالها الرئيسان التوقيع على 3 اتفاقيات منها اتفاقية كبرى إطارية للتعاون فى 14 مشروعا. 

- الزيارة الثالثة بدأت يوم 2 سبتمبر من العام الماضى، حيث شارك الرئيس السيسى كضيف شرف فى أعمال «قمة العشرين» بمدينة «هانغجو» بدعوة من الرئيس بينج، وعلى هامش القمة التقى الرئيسان في مباحثات قمة، وفى قمة العشرين، خرج الرئيس الصيني على الأعراف المتبعة في مثل هذه المحافل الدولية، وكان تعقيبه على مداخلة الرئيس السيسى ليس مجرد عبارات مجاملة دبلوماسية، وإنما كلمة مطولة عبر فيها عن رؤيته لقيادة الرئيس السيسى ونظرته لمصر ومستقبلها.
 
فى تلك الكلمة.. قال الرئيس الصيني للرئيس السيسى: «سيادة الرئيس.. إن مصر تحت قيادتكم قد اختلفت وباتت في صورة جديدة نقدرها، إننا نتابع الدور المهم الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط ونسانده،  ولقد استمعت بتمعن إلى الموضوعات التى طرحتها في مداخلتكم، وهى قضايا يتعين النظر إليها بجدية ومتابعتها باهتمام، لا سيما ما يتعلق بظاهرة الإرهاب، ونعلم ان مصر تخوض حربا للقضاء عليها، وكذلك قضية المناخ التي تتحدثون عنها بلسان أفريقيا». 

واختتم بينج كلمته قائلا للرئيس السيسى : «نحن في الصين معكم ونثق في قيادتكم لمصر، وأنكم ستقودون بلادكم وشعبها إلى النجاح على طريق التقدم». 

فى مباحثات القمة المصرية الصينية الخامسة، يناقش الرئيسان تطورات قضايا إقليم الشرق الأوسط، ويستعرضان ما تم فى تنفيذ اتفاقات التعاون الموقعة بين البلدين، فى هذا السياق.

ومن المقرر أن توقع مصر والصين عدداً من الاتفاقات أهمها اتفاقان.

-  الاتفاق الأول .. اتفاق تمويل إنشاء القطار الكهربائي الذي يربط مدينة السلام بمدينة العاشر من رمضان، ويمر بمدن العبور والشروق والروبيكى ثم يتفرع عند الروبيكى في خط آخر يصل إلى العاصمة الجديدة. 

تقوم الصين بإنشاء هذا الخط الكهربائي ومحطاته الإحدى عشرة وتوفير القاطرات والعربات بقرض قيمته 740 مليون دولار يسدد على 15 عاما بعد فترة سماح 5 أعوام، وبفائدة ميسرة متوسطها 1?8?، ويستغرق إنشاء خط القطار الكهربائي 3 سنوات، لكن الرئيس السيسى طلب في لقائه مؤخرا برئيس الشركة الصينية اختصار الزمن إلى سنتين فقط. 

- الاتفاق الثاني.. يتعلق بإطلاق القمر الصناعي «مصر سات -2 » بمنحة صينية 300 مليون يوان أى حوالى 45 مليون دولار. 

وينتظر أن يبقى وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل فى الصين بعد انتهاء زيارة الرئيس السيسى لحضور افتتاح معرض الصين والدول العربية بمدينة «نينجشيا» والذي اختيرت مصر لتكون ضيف الشرف لدورته الحالية، وسوف يلتقي قابيل بنظيره الصينى كما يلتقي مع رؤساء 8 شركات صينية للتباحث حول إقامة مشروعات لها بمصر. 

اللقاء المرتقب بين الرئيسين السيسى وبوتين فى مدينة «شيامن» هو السابع بينهما منذ تولى السيسى منصب الرئيس، وقبلها جمعهما لقاء بموسكو حين كان المشير السيسى وزيرا للدفاع. 
آخر لقاء بين السيسى وبوتين، جرى في سبتمبر من العام الماضي فى الصين أيضاً على هامش قمة «هانغجو» لدول مجموعة العشرين. 

أزمات الشرق الأوسط، وعلى رأسها الوضع فى سوريا وليبيا ستكون على رأس الملف السياسي فى جدول أعمال قمة السيسى وبوتين، وستتطرق المباحثات فى ملف التعاون الاقتصادي، إلى اتفاق إنشاء المحطة النووية بالضبعة المقرر توقيعه قُبيل نهاية العام، وإلى التعاون الاستثماري وإزالة العقبات أمام التعاون في مجال السياحة.
 
تبدو مشاركة مصر فى قمة «البريكس»، بعد حضورها العام الماضي قمة العشرين، في نفس البلد وهو الصين الصديقة، ترجمة للتقدير الدولي لدور مصر، لكن التعبير الحقيقي عن مكانة مصر ومؤشرات اقتصادها، يستوجب ضمها إلى تجمع «البريكس» بوصفها تحتل المركز الثاني والثلاثين بين أكبر الاقتصاديات العالمية، وربما لا يمضى وقت طويل، حتى نجدها مدعوة للانضمام إلى مجموعة العشرين، إذ تشير توقعات كبريات مؤسسات الدراسات الاقتصادية العالمية، إلى أن الاقتصاد المصري المتنامي سيحتل المركز التاسع عشر عالميا بحلول عام 2030.

image
◄| فى غضون أسابيع.. يترك السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية مهمته الدقيقة الشاقة، ويغادر القاهرة إلى مهمة أخرى سفيرا لمصر فى سويسرا ومندوبا لها لدى المقر الأوروبى للأمم المتحدة.. السفير علاء يوسف أحد أبرز علامات جيله فى الدبلوماسية المصرية، وهو يتسم بجانب دماثة الخلق والثقافة الرفيعة، جلدا ودأبا فى العمل وسط أصعب الظروف، وكفاءة عالية ومقدرة فائقة فى صياغة مجريات لقاءات وزيارات الرئيس السيسى داخليا خارجيا، وهو مع كل ذلك يحظى بمحبة واحترام كل من اقترب منه وتعامل معه من صحفيين ورجال إعلام من مختلف الأجيال.. كل التمنيات للسفير علاء يوسف بالتوفيق فى مهمته الوطنية الجديدة.

 ◄| اقتربنا من الاحتفال بالذكرى 44 لأعظم أيام مصر، يوم السادس من أكتوبر. أتمنى فى هذا العام أن يتم تكريم خاص للواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية أثناء حرب أكتوبر، والفريق عبدالمنعم خليل قائد الجيش الثانى فى الأيام الأخيرة للحرب.. الرجلان متعهما الله بالصحة والعافية، هما الباقيان من جيل كبار القادة الذى خطط للحرب وشارك فى إدارتها. كلاهما يقترب من سن الخامسة والتسعين.. بمناسبة هذه الذكرى على إصدار عدد خاص « كتاب اليوم » الغالية.. اتفق الزميل علاء عبدالهادى رئيس تحرير يتضمن ذكريات اللواء فؤاد نصار التى رواها للكاتب الصحفى شريف عارف.

 ◄| يختلف المدربون، وتتواصل الأجيال فى منتخبنا الوطنى، وتبقى حقيقة ثابتة لا تتغير هى عادته فى إصابة الجماهير بالنكد قبل الأعياد، وانتظار حسم موقفه فى تصفيات كأس العالم على مدار السنين حتى الدقيقة الأخيرة من آخر مباراة.. لقاء المنتخب مع أوغندا الذى انتهى بخسارة هى الأولى لمنتخبنا أمام المنتخب الأوغندى منذ 52 عاما، لندخل حسبة برما. لحسن الحظ أن منتخب غانا هو الآخر فرط فى فرصته الضئيلة بالتعادل على أرضه أمام منتخب الكونغو.. ندعو الله أن يوفق كوبر والجهاز المعاون له ولاعبى المنتخب فى لقاء بعد غد ببرج العرب أمام المنتخب الأوغندى. رغم كل شيء.. حلم العودة إلى المونديال مازال قريبا من التحقق، فلا تحرموا الجماهير من الفرحة!

 ◄| على ذكر المونديال.. فى عام 2020 تمر 90 سنة على تأسيس بطولة كأس العالم. اقترحت على المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والمهندس هانى أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولى أن تنظم مصر بطولة كأس عالم مصغرة فى هذه المناسبة تشارك فيها المنتخبات الثمانية التى فازت بالبطولة. وظنى أن هذا الحدث سيعطى دفعة هائلة للسياحة فى مصر وغيرها من المجالات. المهندس أبو ريدة فاتح أحمد أحمد رئيس الاتحاد الأفريقى فى هذا الموضوع وينتظر عرضه على انفانتينو رئيس الاتحاد الدولى.. يا مسهل.