ورقة وقلم

ياسر رزق يكتب : حديث ليس مبكراً عن انتخابات الرئاسة

الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم
الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم
بعد ستة أشهر بالضبط من الآن، ستبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، قبيل 120 يوماً على الأقل من انتهاء مدة الرئيس عبدالفتاح السيسي في السابع من يونيو 2018.
هكذا ينص الدستور في مادته رقم (140).

اسم الرئيس الجديد سيعلن يوم السابع من مايو على الأكثر. ربما تعلن نتيجة الانتخابات واسم الفائز في الأسبوع الأخير من شهر إبريل إذا لم تكن هناك حاجة لإجراء جولة إعادة، وهذا ظني!
إذن الحديث الآن عن انتخابات الرئاسة، ليس مبكراً ما دامت إجراءاتها تستهل في نهاية يناير أو مطلع فبراير المقبل، حينما تجتمع الهيئة الوطنية للانتخابات وتصدر قرارها بشأن موعد فتح باب الترشح، ومدة الحملة الانتخابية، وموعد التصويت.

حتى الآن.. لم يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي موقفه من مسألة الترشح لمدة رئاسة ثانية. ربما يرى أن أمامه مهام أكثر إلحاحاً في هذه الآونة تستلزم منه التركيز عليها لاسيما ما يتعلق بشئون الأمن القومي وإصلاح الاقتصاد ومتابعة المشروعات القومية، وتستوجب أيضاً عدم صرف انتباه الرأي العام بعيدا عنها وإشغاله بموضوع لم يحن أوانه.

كل ما ذكره الرئيس السيسي في هذا السياق، أنه سيتقدم إلى الشعب بكشف حساب في يناير أو فبراير المقبلين، أي في موعد مواكب لبدء إجراءات انتخابات الرئاسة، متضمنا تفاصيل كل ما حققه في جميع المجالات وكل ما جرى إنجازه من مشروعات خلال ما يقرب من 4 سنوات أمضاها في سدة الحكم.

هذا ما أعلنه الرئيس لأول مرة فى حواره مع الصحف القومية منذ نحو ثلاثة أشهر، وأعاد التأكيد عليه أمام مؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية منذ قرابة أسبوعين.
،،،،،،،،

لي رأي آخر في هذه المسألة
لست أدعي أنني أعرف أن الرئيس حدد موقفه بنسبة مائة في المائة من هذا الموضوع، ولكنى أعلم أن عنده «لكل حادث حديث». أي أن حديثه في مسألة الترشح سيكون عندما يحل الأوان.
في نهاية الأمر.. لا يساورني شك في أن قرار الرئيس سيكون هو خوض انتخابات الرئاسة لخدمة البلاد في مدة رئاسية جديدة.

الجماهير سوف تضغط عليه، مثلما حدث منذ 4 سنوات وعلى مدى شهور، حتى استجاب.
هو شخصيا، لن يتأخر. فما تأخر أبداً عن تلبية أي نداء وطني.

سبب ثالث وهو  إنساني ومشروع، أن من حرث وغرس وزرع، من حقه أن يحصد بيديه، ويقدم الثمار لمن فلح الأرض من أجلهم.

رأيي أن هذه الآونة هي الأنسب لإعلان موقف الرئيس بالترشح للانتخابات القادمة.
على مستوى الشارع المصري.. يؤدي الإعلان من الآن إلى حالة هدوء واستقرار وأمن على المستقبل - وهو بيد الله أولاً وأخيراً -، وينتج عنه تبديد لمناخ شائعات تجرى تهيئته، وإجهاض لحملات أكاذيب يتم طبخها!

على مستوى الاقتصاد.. يشجع الإعلان عديداً من المستثمرين الأجانب والعرب بل والمصريين على الانتقال من وضع الترقب والحذر إلى الإقدام على الاستثمار من الآن دون انتظار 6 شهور قادمة على الأقل، في نفس الوقت له انعكاسات إيجابية على البورصة، وعلى سرعة إنجاز المشروعات القومية، وعلى المضي في برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري وغيرها بإيقاع أسرع، خاصة أن أجواء الانتخابات استُحضِرَت بالفعل، في المنتديات والأروقة!

على مستوى علاقات مصر الدولية.. يعزز الإعلان سياسة مصر الخارجية ويقوى الجسور التي شيدتها مع القوى الكبرى. صحيح أن تلك القوى تضع ترشيح الرئيس السيسي كاحتمال غالب، وتضع مسألة فوزه لو ترشح كأمر يكاد يكون محسوماً. لكن إعلان القرار من الآن ينقل التقديرات من منزلة الاحتمال إلى مرتبة التأكد.
على مستوى الحياة السياسية.. يؤدى إعلان الرئيس السيسي من الآن عن نيته في الترشح إلى ترطيب أجواء، يريد البعض أن يفتعلها ساخنة على غير لهيب أو وقود!
سيكون أمام القوى السياسية أو الأحزاب أن تنظر في أمر اختيار مرشحها أو مرشحيها.

سيكون أمام الشخصيات التي لا تطل علينا إلا في مواسم الانتخابات أن تحسم مواقفها، فيعلم الرأي العام هل هي تريد الترشح فعلاً أم إنها تعتبره ورقة مقايضة، في عهد لا يقايض على مواقف وليست عليه فواتير واجبة السداد!

ستكون أمام الجماهير فرصة زمنية واسعة، لفرز المرشح الوطني عن المرشح الذي يركب حصان طروادة الإخواني، عن المرشح الذي يستظل بغير المظلة الوطنية.

أعلم أن هناك قطاعاً من الناس، تستبد بهم المحبة للرئيس السيسي، لدرجة أنهم لا يتصورون أن يقدم أحد على الترشح أمامه وهذا أمر غير محمود، فإما أن يؤدى بنا إلى انتخابات استفتائية، وهو ما لا نرضاه لبلدنا، وأحسب الرئيس لا يرضاه، بل إنه يسىء إلى صورتنا في الخارج ويعود بنا إلى عهود ودعناها. وإما أن يؤدى إلى إحجام شخصيات محترمة لها رؤيتها المغايرة، عن الترشح خشية التعرض لحملات اغتيال معنوي، ومن ثم فلن يقدم على الترشح إلا قرون استشعار الإخوان والباحثين عن الشهرة والمؤلفة جيوبهم. وبالقطع لا يستحق الرئيس السيسي أن يكون هؤلاء هم منافسيه.
أدرك أيضا أن هناك قطاعاً لا يستهان به من الناس مقتنع أن دورتين فقط لرئيس الجمهورية مسألة مقبولة بحكم تجارب الماضي، لكنه يتساءل لماذا 4 سنوات فقط للمدة الواحدة؟ ويرغب في زيادتها ولو للمدة القادمة فقط. وأظن ذلك المطلب لو عليه توافق شعبي لابد أن يكون ضمن بعض تعديلات للدستور تستوجبها التجربة خاصة في مسألة التوازن بين السلطات، مع مراعاة أن الدستور يستشرف المستقبل، فمن أدرانا بمن سيأتي بعد السيسي؟!

،،،،،،،،

التحدي في انتخابات الرئاسة المقبلة، ليس في ترشح السيسي، ولا من سيترشح أمامه، وليس في نسبة التأييد التي سيحصل عليها السيسي، إنما هو في نسبة المشاركة الشعبية في التصويت.
هناك من يقول إن النسبة ستنخفض إذا لم يكن هناك مرشحون آخرون، ومعهم حق.
وهناك من يرى أن النسبة لن تكون عالية إذا كان المنافسون لا يرقون إلى مستوى انتخابات الرئاسة، ولرأيهم وجاهة.
غير أني أحسب الجماهير المصرية كعادتها ستفاجئ أصحاب التكهنات وستقبل على الصناديق، ليس فقط لاختيار من تريده رئيساً للبلاد، وإنما أيضا لتضعه في أعلى مراتب قوة الشرعية.

،،،،،،،،،

بصراحة لا تشغلني انتخابات الرئاسة المقبلة بقدر ما أهتم بما هو بعد انتهاء المدة الثانية للرئيس السيسي، إذا ترشح وهذا ما أعتقده، وإذا فاز وهذا ما أحسبه.
فالساحة السياسية والحزبية مازالت غير قادرة على إنتاج كوادر جديدة مؤهلة لتولي هذا المنصب الرفيع وتحمل هذه الأمانة الهائلة في ذلك التوقيت.
وهذا يضع القوى السياسية والأحزاب في بؤرة مسئولية عساها تنهض بها، لفرز شخصيات وطنية، مؤهلة، صاحبة رؤية وعزم، وقادرة على كسب تأييد الجماهير ومعه احترام مؤسسات الدولة وركائزها.
وإن كنت أظن نضج الحياة السياسية، لا يتأتى بقرار أو بقانون، ولا يتحقق قبل الأوان بالحَقْن!
وأذكر حينما سألت الرئيس عن هذه القضية منذ ثلاثة أشهر، كانت إجابته: إنني منشغل بها من الآن، وليس بما سيكون بعد سنوات.
فهو كرجل قدري مؤمن، يعلم أن الأعمار بيد الله.. متعه الله بالصحة والعمر المديد.
على كل حال.. هذه قضية يطول الحديث فيها، ويتشعب!

،،،،،،،،

قلت إن الأوان الأنسب لإعلان الرئيس السيسي عن اعتزامه الترشح للرئاسة، هو هذه الأيام، وعددت أسبابي، وأرجو ألا أكون مخطئاً!
وأقول إن الأوفق أن يكون التركيز الآن ليس فقط على إعداد كشف الحساب الذي سيتقدم به الرئيس للشعب في يناير أو فبراير، وإنما أيضا على خطة المستقبل في مدة الرئاسة الثانية لاستكمال المشروع الوطني لبناء الدولة الحديثة، بعد أن استقرت دعائمها أو كادت.. ولعلي في هذا على صواب!
يومها.. سيقف السيسي أمام الشعب، حاملاً كتابيه بيمينه. كتاب الأمس واليوم وكتاب الأمل في المستقبل.
حينئذ سنحمد الله على نعمة عناد مبارك وقراراته المتأخرة منتهية الصلاحية، وعلى نعمة عدم فوز منافس مرسي، فلو كان فاز لسقط بعد شهور، ولجاء الإخوان من بعده على جياد بيضاء يقبعون سنوات وسنوات على صدورنا، سنحمد الله على نعمة عمى بصيرة مرسى واستعلاء واستكبار وطغيان جماعته، سنحمد الله على نعمة الجيش المصري العظيم، وعلى سلامة نظم الترقي وإسناد القيادة في المؤسسة العسكرية المصرية التي لا توسد إلا للأكفاء القادرين.
لولا كل ذلك وغيره، ما عرفنا السيسي.
إنها تصاريف الأقدار.

سن القلم

* اليوم.. يمر عامان على افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس. لو كان قرار الرئيس السيسي بشق القناة الذي صدر منذ 3 سنوات تأجل إلى هذا العام، ما كان المشروع قد رأى النور، لأن تكلفة المكون الأجنبي فيه كانت ستتضاعف بعد تحرير سعر الصرف. ولو كان المشروع استغرق الزمن الطبيعي له أي ما بين 3 إلى 5 سنوات، ربما كان توقف ولم يكتمل بسبب الزيادة الكبيرة في التكلفة..  في الحالتين كانت القناة ستبقى على حالها بطاقتها القديمة، وما كان باستطاعتها استيعاب النمو المتوقع فى حركة التجارة العالمية، وكان تعطل أي سفينة في القناة سيغلق المجرى الملاحي برمته أمام حركة السفن. كل التحية لصاحب القرار المدروس، الذي اختار التوقيت الأنسب للانجاز، وطلب اختصار الزمن المحدد للتنفيذ. وتحية خالصة للفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورجالها الذين خططوا لهذا المشروع وجعلوه ممكنا، وللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ورجاله البنائين.

* على ذكر قناة السويس الجديدة، أظن هدوء الأوضاع في شمال سيناء، وتحريك الجمود في عملية السلام، سيتيح لنا استثمار أهم قطعة أرض في القارات الثلاث، من حيث الموقع والإطلالة، وهى الجزيرة المحصورة بين القناتين بطول 35 كيلومتراً وعرض 900 متر. أكاد أراها فى المستقبل مركزاً سياحياً ترفيهياً لا نظير له.

* أشفق كثيراً على د. سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي من جولاتها المكوكية الشاقة بين مختلف العواصم للترويج للفرص الاستثمارية في مصر، لكن معرفتي بنشاطها ودأبها يدفعني إلى توقع دفعة كبرى في مجال جذب الاستثمارات العربية والأجنبية خلال الفترة المقبلة. وأعتقد أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار قبل نهاية الشهر سيسهم في سرعة تحقيق هذا الهدف.. قضية الاستثمار والتصدير ستكون هي الموضوع الرئيسي للمؤتمر الاقتصادي الثالث الذي ستنظمه دار أخبار اليوم فى شهر أكتوبر المقبل.. ولعلنا نسمع أنباء سارة فى هذا السياق.

* مازلت أحلم بأن أرى في العاصمة الجديدة مدينة للسينما «إيچيوود»، على غرار «هوليوود» في كاليفورنيا، و«بوليوود» في «بومباي». هذه المدينة كما أتصور ستحدث نقلة هائلة في صناعة السينما المصرية خاصة لو واكبها توسع في إنشاء دور العرض، وستكون مصدراً لجذب الأفلام الأوروبية والأمريكية للتصوير في الاستديوهات المصرية.. بوجود «إيچيوود» مع «مدينة الإنتاج الإعلامي» المتخصصة في الدراما التليفزيونية، نستطيع أن نتحدث عن قوة ناعمة مصرية عظمى في مجال الفنون.. اقتراحي المحدد إنشاء شركة مساهمة يشارك فيها كبار رجال الأعمال والصناعة ومنتجو السينما والجهات المختصة في الدولة. وعلينا أن نبدأ من نقطة طموحة، حيث وصلت الدول المتقدمة في الصناعات الترفيهية.

* مسألة الإصلاح الإداري لا تقل أهمية عن الإصلاح الاقتصادي وتحسين بيئة الاستثمار. في رأيي أن كل جهود جذب الاستثمارات مهددة بالبيروقراطية المصرية العتيدة.
المشكلة ليست فى الحكومة ولا وزرائها ولا المحافظين، إنما فى سلسلة تنفيذ الأوامر والقرارات عند المستويات التنفيذية والإدارية الأقل، وكذلك فى الإدارات القانونية فى جهات الدولة التى تبحث فى كل قرار أو إجراء عن ثغرة لتعطيل المراكب السائرة. نحتاج فعلاً إلى ثورة إدارية شاملة تحطم عوائق البيروقراطية بأسلوب «النسف الحذر» الذي يزيل المباني الآيلة للسقوط في لحظات.
الأمل معقود على الوزيرة المحترمة د.هالة السعيد ونائبها د.صالح الشيخ.

* هذا الشهر يحتفل الجهاز المركزي للمحاسبات بمرور ٧٥ عاماً على إنشائه باسم «ديوان المحاسبة».. المستشار الجليل هشام بدوى رئيس الجهاز حقق تطويراً ملحوظاً في أداء جهاز المحاسبات برغم توليه منصبه منذ مدة قصيرة. أهم ما حققه في تقديري هو استعادة مصداقية الجهاز.. أتمنى سرعة إصدار القانون الجديد لجهاز المحاسبات الذي يكفل له الرقابة السابقة على أعمال الجهات الخاضعة لرقابته المحاسبية. فالوقاية من الأخطاء والانحرافات أجدى للبلد وللمال العام، من المحاسبة عليها بعد فوات الأوان