الناشط صابر أفضل الآركاني: لا توجد إرادة حقيقية للعالم لحل أزمة مسلمي الروهنجيا

 الآركاني: مسلمو الروهنجيا ممنوعون من الصيام وصلاة التراويح في رمضان

قضى مسلمو الروهنجيا خمسة قرون كمواطنين في مملكة آراكان المستقلة المسلمة قبل أن تقع مملكتهم تحت احتلال دولة ميانمار البوذية.
ومنذ ذلك الوقت تمارس دولة ميانمار حملة إبادة وتطهير عرقي ضد المسلمين بمساعدة الجماعات البوذية المتطرفة التي قتلت وحرقت وشردت الملايين منهم، وبينما تتواصل الجرائم البوذية يعيش مسلمو الروهنجيا في مخيم كبير يقع في منطقة آراكان، ذاك السجن الكبير الذي أنشأته الحكومة والذي يضم نحو 160 ألف شخص يعيشون بلا خدمات أو رعاية لأن الدولة تنكر عليهم أبسط حقوقهم وهو حق المواطنة.
 قبل أيام وفي العاشر من يونيو أحيت أقلية الروهنجيا ذكرى النكبة الروهنجية وهي المذبحة الشهيرة التي وقعت عام 2012 وراح ضحيتها الآلاف نتيجة القتل والتعذيب والتي أعادت للأذهان النكبة القديمة التي وقعت عام 1942 وراح ضحيتها مائة ألف مسلم.
 ودشن الناشطون حملة " حاكموا جنرالات جيش ميانمار" في محاولة لجذب أنظار العالم لما يحدث في آراكان، وما بين نكبة وأوضاع مأساوية يعيشها مسلمو الروهنجيا في المخيمات داخل ميانمار وخارجها في دول الجوار التي تستضيفهم كلاجئين كان لنا هذا الحوار مع صابر أفضل الآركاني أحد نشطاء الحملة الذي يرصد لنا حال مسلمو الروهنجيا .. الشعب الذي يقتل لأنه مسلم.


في البداية حدثنا عن أوضاع مسلمي الروهنجيا في أيام شهر رمضان الكريم؟
بوجه عام الوضع المأساوي كما هو ولا جديد غير فرض المزيد من الحصار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والديني للمسلمين الروهنجيا من قبل السلطات الميانمارية التي تقوم بالتضييق الديني عليهم في ممارسة الشعائر الدينية فكثيرا ما تمنعهم من الصيام ومن صلاة التراويح وغيرها من شعائر الشهر الكريم.

في ذكرى نكبة الروهنجيا ومع استمرار جرائم البوذيين..ما أوجه القصور في التعامل الدولي مع أزمة الروهنجيا؟
أوجه القصور برأيي هو غياب الإرادة الحقيقية من أصحاب القرار مثل منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي لها صوت ونفوذ لوضع حدٍ للسلطات الميانمارية التي تمارس أبشع الجرائم والإرهاب بحق هؤلاء الروهنجيا التي تصنفهم الأمم المتحدة بأنها أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم، وفي نفس الوقت لم نر منها غير الإدانات والاستنكارات وإرسال فرق تقصي الحقائق، والمأساة لم تنتهي! بل في تزايد مستمر وباتت تهدد حياة ملايين المسلمين الروهنجيين في ظل سياسات التمييز العنصري من قبل السلطة الحاكمة في ميانمار وجيشها ورجالات دينها البوذيين.

كيف تفسرون الموقف السلبي لأونج سان سوتشي رئيسة الوزراء في بورما والتي سجنت لسنوات باعتبارها زعيمة المعارضة وحصلت على جائزة نوبل للسلام ورغم ذلك تشارك اليوم في اضطهاد مسلمي الروهنجيا؟
التفسير لموقفها هو سيطرة الانقلاب العسكري الميانماري منذ 1962 لبورما "سابقاً " ميانمار حالياً على مفاصل الحكم في البلاد، وتعتبر أونج سان سوتشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام هي الحاكمة الفعلية للبلاد في الوقت الراهن ولكنها لا تتمتع بأي حكم مستقل لأن الجنرالات هم من يملون عليها قراراتها وإدارة البلاد من خلف الكواليس وهي أصبحت حاكمة صورية في البلاد، والتفسير الآخر من منطق الإيدلوجيا هي تمارس تمييزاً عنصرياً بين المسلمين الروهنجيا وبين البوذيين، أما التفسير الثالث فهو المزاج البوذي العام في البلاد الذي لا يساعد سوتشي لإجراء أي تغييرات لمصلحة المسلمين الروهنجيا، وهي تحتاج لقرارات جادة وسن قوانين تحد من التمييز العنصري تمهيداً لإعطاء الحقوق المنزوعة من الروهنجيا وعلى رأسها حق المواطنة منذ عام 1982 م حتى يومنا هذا.


 بعيدا عن المعاناة التي يلقاها الروهنجيون في بورما يتعرض اللاجئون لموجة من العداء والمخاطر التي تهدد حياتهم في الدول المجاورة.. فلماذا لا تضغط هذه الدول على حكومة بورما لحل القضية؟

هناك ضغوطات مستمرة من قبل الدول المجاورة ضد ميانمار بالأخص من دولة بنجلاديش وماليزيا وإندونيسيا لكن هذه الضغوط ضعيفة جداً أمام المعاناة الكبيرة التي تعاني منها الروهنجيا .وبرأيي في حال عدم تدخل البلدان المجاورة لميانمار أمام سياساتها العنصرية قد تتفاقم قضيتهم إلى مستوى عالٍ من الخطورة ولا يمكن السيطرة عليها في حال خروجها عن السيطرة، ونحن الروهنجيا ملتزمون بالحلول الدبلوماسية والسلمية منذ اندلاع الأزمة مجدداً بحق الروهنجيا في 10 يونيو 2012 حتى هذه اللحظة ونأمل استرجاع حقوقنا بوجه سلمي حتى لا ينفجر المسلمون الروهنجيا جراء هذه الانتهاكات الإنسانية إلى اتخاذ أساليب العنف.

تقوم العديد من الدول الإسلامية وعلى رأسها السعودية ومصر وماليزيا وتركيا بتقديم مساعدات ودعم مستمر للاجئين وأقيم مؤخرا مؤتمر في الأزهر لنصرة مسلمي الروهنجيا، لماذا في رأيك لم تسفر تلك الجهود حتى الآن لتحرك ملموس لحل هذه القضية؟
قضية الروهنجيا أصبحت قضية شائكة جداً بسبب التجاهل العالمي والإسلامي بالأخص، وربما انشغال العالم الإسلامي بمشاكلهم الداخلية أدت إلى مشكلة تهميش المسلمين الروهنجيا في ميانمار اضطراراً، السعودية بذلت جهداً على كافة الأصعدة أكثر من أي دولة عربية وإسلامية أخرى وهي تحتضن في أراضيها أكثر من 250 ألفاً من مسلمي الروهنجيا وتعمل على الصعيد الدبلوماسي والسياسي والإغاثي لحل قضية الروهنجيا منذ القدم ولازالت هي الأكثر تفاعلاً مع قضية الروهنجيا وتحظى قضيتهم باهتمام خاص منذ تأسيس المملكة على يد مؤسسيها رحمهم الله، لكن وبكل أسف شديد نقول قضية الروهنجيا تحتاج إلى حلول استراتيجية واضحة من جميع دول العالم لا سيما دول العالم العربي والإسلامي بتخصيص صندوق مالي يجمع بنظام معين لحل قضيتهم وبأيادي أبنائها المثقفون والعلماء والإعلاميون والساسة وتخصيص مقراً لهم في دولة مستقرة ومسلمة مثل السعودية لتستعيد هذه الأقلية الروهنجية نشاطها بتلقي أبناءها التعليم العالي وأما غير ذلك من ردود الأفعال اللحظية لن تغير أبداً من هذه القضية شيئاً .

في رأيك ما الذي سيجعل العالم يلتفت لمسلمي الروهنجيا؟
أصبح العالم يعيش وضعاً مرعباً في ظل غياب العقوبات المنصوصة في الدساتير القانونية للمعتدين ولمنتهكي الحقوق الإنسانية، إذا كانت هنالك ضمائر إنسانية حية لما استمرت وامتدت مأساة الروهنجيا وغيرها من الشعوب المنتهكة لحقوقها لعقود طويلة، ربما سيجعل العالم يلتفت لمسلمي الروهنجيا بتكثيف الجهود الإعلامية وتسليط الضوء أكثر على قضيتهم وإظهار ما يعانون بشكل محايد عبر الإعلام بتغطية الأحداث الواقعية من مناطق المعاناة في الداخل الميانماري وبالتحديد من داخل أراكان المحتلة التي يقطن فيها الروهنجيا.

رغم اهتمام المنظمات الدولية والحقوقية بقضية الروهنجيا وعلى رأسهم منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان لماذا لم تنجح حتى الآن في استصدار قانون من مجلس الأمن يدين الجرائم التي تحدث في بورما؟
أصحاب القرارات والنفوذ السياسي مثل أمريكا قامت برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على ميانمار منذ اندلاع الأزمة مجدداً في 10 يونيو 2012 بسبب المصالح الاقتصادية ومصالح أخرى مع ميانمار، وهذا تناقض وانتهاك جسيم من قبل هذه الدول التي من المفترض أن تطبق القانون الدولي بحق المعتدين لكنهم يتغاضون عن هذه المآسي للاستفادة من المصالح الذاتية لبلدانهم على حساب جثث الإنسان الروهنجي والمنتهك حقوقه وعرضه وعلى أنقاض الجماجم الروهنجية بالمقابر الجماعية والجثث المحروقة المتفحمة، وأيضاً هنالك إدانات واتهامات صريحة من منظمة هيومين رايتس ووتش لميانمار بالضلوع في التطهير العرقي بحق الروهنجيا وإبادة الآلاف منهم وتغيير ديموغرافية الأرض الأركاني وإخلائه بتهجيرهم قسراً، جاء ذلك في تقاريرهم الرسمية والمؤسف في الأمر هو استمرار الجرائم الميانمارية بواسطة السلطة والجيش والراديكاليين الرهبان وغياب قوانين صارمة لإيقاف شلالات الدماء الروهنجية النازفة.

وهل يحقق الضغط الإعلامي الدور اللازم كي يوقظ العالم من هذا الصمت حيال إبادة مسلمي الروهنجيا؟
الضغط الإعلامي ليس إلا نضالاً من نضالات الروهنجيا لأهميته في تعريف العالم بجرم السلطات الميانمارية وجيشها ورجالات دينها وهذا من أضعف الإيمان وتعتبر من الوسائل المتاحة في أيدي الروهنجيا واستثمروا هذه الوسائل استثماراً جيداً منذ تجدد الأزمة في عام 2012م، ويتطلع قادة الروهنجيا مثل قادة المركز الروهنجي العالمي واتحاد أراكان الروهنجيا ARU تقديم كل ما يمكنهم تقديمه لنيل حقوق الروهنجيا المسلوبة وهم بحاجة إلى الاعتراف الأممي ودعمهم مادياً ومعنويا في حال أردنا إنهاء قضيتهم على المستوى المتوسط والبعيد وأما غير ذلك فلا أعتقد بتاتاً نيل الحقوق بالإدانات والتعاطف والتفاعل الإغاثي والدبلوماسي.

ألا تخشون على القضية من التوجه العالمي المعادي للإسلام والإدعاء بأن الإسلام والإرهاب وجهان لعملة واحدة؟
الروهنجيا ملتزمون بالأساليب السلمية منذ البداية ومن الطبيعي جداً انزلاق البعض منهم إلى أساليب العنف والقوة لصد الهجمات الميانمارية العنصرية بحقهم ومن حق كل إنسان الدفاع عن نفسه وعرضه، والروهنجيا صبروا كثيراً وإذا كان في محلهم أناس آخرون لم أتوقع صبراً مثل صبرهم أمام كل هذه الجرائم الفظيعة باعتراف المنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية العالمية مثل منظمة هيومين رايتس ووتش ومنظمة يونيسيف ومنظمات أخرى.


وكيف للمسلمين في العالم نصرة الروهنجيا؟
التعاطف غير كافي .. والدعاء واجب ولكنه غير كافي دون وضع استراتيجيات عملية لحل قضية الروهنجيا وأنا كناشط أراكاني روهنجي أقترح دعم المركز الروهنجي العالمي GRC ومقره في مكة المكرمة وهو من المنظمات الروهنجية الممتازة وانبثقت فكرة تأسيس هذا المركز بعد مؤتمر مظلومو بورما في تركيا 21 مارس 2012 بتنظيم من الهيئة الإسلامية العالمية للمحامين التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، ويمتلك المركز رجال أكفاء وأصحاب خبرات واسعة من أبناء القضية ولكن ينقصهم الدعم المادي والمعنوي لاستمرار النضال الحقوقي والإعلامي والسياسي والإعلامي لنيل جموع الحقوق المسلوبة من الروهنجيا في ميانمار.