المدير التنفيذي للغرفة الأمريكية بواشنطن لـ«الأخبار»: حكم الإخوان أصعب فترة مرت علينا

شهدت الفترة الأخيرة تحسنا ملحوظا فى العلاقات المصرية الأمريكية على جميع الأصعدة. العديد من المستثمرين الأمريكيين أبدوا رغبتهم فى زيادة استثماراتهم فى مصر والاستفادة من الحوافز التى تقدمها الحكومة المصرية للمستثمرين الأجانب.

الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى لواشنطن واجتماعه مع بعض المستثمرين الامريكيين وزيارته للغرفة التجارية الامريكية كان لها اثر إيجابى كبير فى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب فى الاقتصاد المصري، خاصة فى ظل حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها الحكومة والاجراءات التى تتخذها وزارة الاستثمار لتحسين بيئة الاعمال وتبسيط الإجراءات.
»الأخبار« حاورت المدير التنفيذى للغرفة الامريكية بواشنطن، الذى كشف عن المطالب التى تقدم بها المستثمرون للرئيس السيسى وتحدث عن القلق البالغ الذى انتاب رجال الاعمال الامريكيين خلال فترة حكم الاخوان المسلمين. وإلى نص الحوار:
ما أهم الأمور التى تم بحثها مع الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال زيارته الأخيرة لواشنطن؟
ـ الحقيقة أن الزيارة كانت مثمرة بشكل كبير، وتم بحث العديد من الأمور التى تهم المستثمرين الامريكيين فى مصر. وعلى رأسها المقترح الذى تم عرضه على الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن عقد اجتماع سنوى على مستوى الوزراء ورجال الأعمال من الجانبين المصرى والأمريكي، ويضم وزراء الاستثمار والتجارة والصناعة من الجانب المصرى بالاضافة على رجال الاعمال والمستثمرين من البلدين. الهدف من هذا الاجتماع هو إعطاء فرصة للمستثمرين الامريكيين للتعرف على الفرص الاستثمارية فى مصر وكذلك فرصة لرجال الاعمال المصريين لعقد شراكات استثمارية مع نظرائهم الأمريكيين. كما أن حضور وزراء الاستثمار والتجارة والصناعة له أهمية كبيرة للإجابة عن تساؤلات المستثمرين الامريكيين بشأن مناخ الاستثمار فى مصر والفرص المتاحة فى القطاعات المختلفة. ورحب الرئيس السيسى بهذا المقترح وهناك مشاورات تُجرى حاليا مع د. سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى لتحديد توقيت وشكل الاجتماع حتى يتم عقده بصورة دورية بصرف النظر عن أى تغيرات سياسية قد تطرأ على البلدين. وكما تعلم، فإن الاجتماعات السنوية تهدف بالأساس الى وضع الأطر والخطوط العريضة التى يمكن العمل من خلالها، وإعطاء تصور شامل عن مناخ الاستثمار فى مصر. لكن بالتوازى مع ذلك يجب عقد اجتماعات وورش عمل متخصصة خلال العام، وذلك فى قطاعات الزراعة والتعدين والصناعة وجميع المجالات التى تمثل أهمية بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين. وقد تم عرض مقترح بهذا الأمر أيضا على الرئيس السيسى ورحب به. 
إجابه مختصرة 
• هل هناك شىء يقلق المستثمرين الامريكين بشأن الاستثمار فى مصر؟
ـ إذا كنت تريد اجابة مختصرة بالنفى أو الإثبات، فأقول إنه فى هذه الفترة لا يوجد قلق من جانب المستثمرين بشأن الاستثمار فى مصر، خاصة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التى اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية. كما أن هناك تفاؤلا كبيرا من جانب رجال الاعمال الامريكين فى مستقبل الاستثمارات فى مصر خاصة فى ظل العلاقات الجيدة الموجودة بين البلدين حاليا. هناك أمر آخر عزز التفاؤل بين رجال الاعمال الامريكيين وهو علاقة الصداقة الحميمة التى تربط بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى ودونالد ترامب. 
• ماذا عن فترة حكم الإخوان المسلمين؟
ـ هذه الفترة كانت من أصعب الأوقات التى مرت على المستثمرين الأمريكيين فى مصر، وكان هناك قلق شديد بشأن مشروعاتهم القائمة، خاصم فى ظل الغموض الذى اتسمت به سياسة الاخوان المسلمين. العديد من أعضاء الغرفة كان لهم تساؤلات كثيرة حول مستقبل استثماراتهم فى مصر، وازداد قلقهم من عدم قدرتهم على استرداد أموالهم بسبب حالة عدم الاستقرار السياسى فى ذلك الوقت. 
الاصلاحات الاقتصادية 
• كيف ترى الاصلاحات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة؟
ـ أولا أود أن أعبر عن سعادتى بقدرة الحكومة على اتخاذ مثل هذه الإجراءات، وأقول إنه لم يكن أحد يتوقع أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات التى طالما انتظرناها منذ عقود فى هذه الفترة القصيرة. ولم يكن يتوقع أحد من المستثمرين المهتمين بالاستثمار فى مصر أن يأتى اليوم ويروا هذه الحزمة الكبيرة من الإِصلاحات الاقتصادية الجريئة يتم تنفيذها على أرض الواقع. كما أن سرعة اتخاذ وتنفيذ برنامج الاصلاح يزيد الثقة لدى رجال الأعمال الامريكيين فى الاقتصاد المصري. على الجانب الآخر، طبقا لحجم الناتج المحلى الاجمالى لمصر، فلم يكن من المعقول للموازنة العامة ان تتحمل الدعم الحكومى بالشكل الذى كان عليه. وكان من الضرورى للسيطرة على عجز الموازنة العامة،  ورفع الدعم عن بعض السلع خاصة المحروقات وذلك بالتوازى مع التوسع فى تطبيق برامج حماية اجتماعية لحماية الفقراء من اثار الاصلاح الاقتصادي.
آمنة ومستقرة 
• هل هناك مطالب من للمستثمرين الأمريكيين من الحكومة المصرية؟ 
ـ كما تعلم، الهدف الرئيسى لأى مستثمر مهما تكن جنسيته، هو تحقيق أرباح والعمل فى بيئة آمنة ومستقرة حتى يضمن استعادة أمواله فى الوقت الذى يشاء. وهنا أقول إنه خلال العامين الماضيين، حدث تحسن كبير فى مناخ الاستثمار فى مصر لكن مازال هناك مطلب رئيسى لجميع المستثمرين وليس الأمريكيين فقط. وهو ضرورة استقرار البيئة التشريعية للاستثمار فى مصر. وأقصد ضرورة الالتزام بقانون واحد للاستثمار وقواعد موحدة لتنظيم عمل المستثمرين وتجنب تكرار تغيير القوانين واستحداث مسميات جديدة لنفس الآليات والقواعد. لا يوجد مستثمر يحب المفاجآت فى العمل حتى وإن كانت فى صالحه. أحد أهم عوامل جذب المستثمرين الأجانب لأى دولة هو استقرار بيئة الاستثمار وعدم ارتباطها بأشخاص أو حكومات، حتى يتمكن المستثمرون من القيام بدراسات جدوى دقيقه تساعدهم على تحديد تكاليف المشروع والأرباح المتوقعة. هناك شئ أخر يجب الاهتمام به فى هذا الشأن، وهو أن هناك العديد من القرارات والقوانين المتعلقة بالاستثمار يتم إصدارها من وقت لآخر، وبعد ذلك تعرض على المستثمرين الأجانب لأخذ مقترحاتهم. واعتقد من حق المستثمرين أن يتم إشراكهم فى هذه القرارات قبل اتخاذها، خاصة القوانين التى تتعلق مباشرة بعمل المستثمرين الأجانب. وأهمية ذلك تتمثل فى زيادة ثقة المستثمرين فى الحكومة والاقتصاد المصري، كما أنه يوفر وقتا كبيرا تستغرقه الوزارات المختصة فى تعديل القوانين.
< كيف استقبل المستثمرون الأمريكيون  قرار تعويم الجنيه؟ 
ـ هذه الخطوة من أهم ما قامت به الحكومة خلال العام الماضي. وبالرغم من الاثار السلبية لها على معدل التضخم فى المدى القصير، إلا أنها خطوة على الطريق الصحيح، وكان يجب القيام بها منذ سنوات. كما أن تحرير سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية كان له أثر كبير على زيادة ثقة المستثمرين الأمريكيين، وشجع مستثمرين جددا على الدخول فى السوق المصرية. لأنه لا يمكن لأى مستثمر أن يغامر بدخول سوق جديدة بها سعران للعملة المحلية خاصة أن الفرق بين السعرين وصل الى مستويات قياسية. وكان هناك تساؤلات من قبل بعض المستثمرين بشأن قدرة الحكومة على الحفاظ علي  سعر واحد للعملة على المدى الطويل. هناك أمر آخر يرتبط بقرار تعويم العملة، وهو فى غاية الأهمية بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين، هو إمكانية تحويل أرباحهم بالدولار دون قيود. 
تغيرات كثيرة 
< كيف ترى مناخ الاستثمار فى مصر حاليا؟
ـ بلا شك هناك تغيرات كثيرة تحدث فى بيئة الاستثمار فى مصر حاليا، خاصة ما يتعلق بتبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية واختزال الوقت المستغرق فى استخراج التراخيص. وأود أن أحيى الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار على ما تقوم به لتحسين بيئة الاعمال. فهى نموذج ناجح يجب تكراره فى باقى الوزارات فى مصر حتى يمكن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة. التغيرات التى نشهدها الآن فى مصر جاءت بسبب وجود قيادة سياسية لديها الرغبة فى التغيير للافضل ولا تدخر جهدا فى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحقيق ذلك. واعتقد ان وجود شخص بمواصفات وزيرة الاستثمار الحالية على رأس وزارة الاستثمار سيكون له ايجابيات كثيرة على الاستثمار الأجنبى فى مصر. لكن أؤكد أيضا أن مناخ الاستثمار الملائم لا يمكن ان يتحقق دون وجود بيئة تشريعية متكاملة ومستقرة، بالاضافة الى ضرورة وجود قدر كاف من الشفافية فى جميع القرارات ومشروعات القوانين التى تنوى الحكومة إصدارها. 
< وكيف ينظر المستثمرون الأمريكيون الى الفرص الاستثمارية فى مصر؟ 
ـ العديد من رجال الأعمال هنا ينظرون الى مصر باعتبارها دولة واعدة وتمتلك العديد من الفرص الاستثمارية. كما أن معدلات الربح فى مصر عالية مقارنة بدول آخرى كثيرة، وهذا يزيد من فرص جذب المستثمرين الأجانب  بالإضافة الى الموقع الجغرافى المتميز الذى يربط مصر بجزء كبير من العالم. وعلى جانب أخر، فإن حجم السوق الاستهلاكى فى مصر يمثل أحد أهم عوامل الجذب للمستثمرين الأجانب. 
< ما تقييمك للحوافز التى تقدمها الحكومة للمستثمرين؟
ـ بلا شك هذه الحوافز تشجع على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، والمزايا التى تقدمها مصر للمستثمرين خاصة فى مناطق الصعيد تجذب انتباه العديد من المستثمرين وتحفزهم على ضخ مزيد من الاستثمارات فى تلك المناطق. لكن دعنى أوضح لك الأمر، الحوافز الاستثمارية لا تكون جاذبة اذا لم تكن هناك بنية تحتية شاملة فى المناطق التى ترغب الحكومة جذب استثمارات اليها. على سبيل المثال، لا يمكن الحديث عن جذب استثمارات الى الصعيد دون وجود شبكة طرق ممهدة ومحطات كهرباء تغطى احتياجات المصانع الجديدة وغيرها من المتطلبات الضرورية لكل مستثمر حتى يمكنه اتخاذ القرار بالاستثمار. وجدير بالذكر أن برنامج تنمية الصعيد الذى تنفذه الحكومة سيساهم بشكل كبير فى خلق بنية تحتية شاملة وسيجعل الصعيد منطقة جذب للمستثمرين.
< هل تتوقع زيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر خلال الفترة القادمة؟
ـ طبقا للمؤشرات الحالية، نعم. خلال الفترة الماضية تلقينا العديد من التساؤلات من قبل المستثمرين الامريكيين عن مناخ الاستثمار فى مصر والفرص المتاحة فى العديد من القطاعات. واهتمام المستثمرين عادة ما يعقبه قرارات بإقامة استثمارات. كما ان التحسن الكبير فى العلاقات بين مصر ومؤسسات التمويل الدولية خاصة البنك وصندوق النقد الدوليين كان له نتائج إيجابية فى عودة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصري.