في كثير من الأحيان تضطر الحكومات لاتخاذ قرارات غير تقليدية لإنقاذ اقتصادها إذا كان في حالة صعبة، ويعتبر قرار تغيير شكل العملة من القرارات التي يصعب علي الحكومات اتخاذها بسهولة، إلا أنها قد تضطر للجوء إليه إذا لم يكن هناك طريق آخر. وكان الخبير الاقتصادي ورئيس حزب الانتماء المصري إبراهيم الغريب، قد اقترح على وزارة المالية تغيير شكل "العملة الورقية"، مؤكدا أنه في حال القيام بذلك سنجد أن كل من لديه أموال مدخرة خارج البنوك سيحاول إيداعها بكل الطرق، للحفاظ على حقه وسيكون صرف هذه الإيداعات خلال 5 سنوات، وبهذه "الأموال الضخمة" يتم عمل مشروعات إنتاجية أخرى بجانب مشروع قناة السويس، وأشار إلي أنه يجب استخدام هذه الأموال لعمل مشروعات قومية، وأخرى بنظام حق الانتفاع، كل هذا مع طرح أسهم مشروع قناة السويس على البنوك المصرية للمساهمة فيها بدلا من الركود الذي يسودها ويتحقق من ذلك تحريك عجلة الاقتصاد للإنتاج وحل الأزمة الاقتصادية. تخريف اقتصادي وحول فكرة تغيير شكل العملة وتأثيرها علي الاقتصاد القومي، قال د.سلطان أبوعلي، وزير الاقتصاد الأسبق، إن المطالبين بهذا الأمر يجهلون خطورة مثل هذه الاقتراحات علي الاقتصاد، فهي مجرد "تخريف اقتصادي" لا يمكن أن يتحقق إلا في أصعب الظروف أو في حالات الكوارث الاقتصادية الكبرى، لأن تجميع العملة الموجودة بالسوق سيقابلها إنفاق العملة الجديد بنفس القيمة وبالتالي لا فائدة منه. وأضاف أن من الحالات المشهورة التي تم فيها تغيير شكل العملة عندما قامت العراق بغزو الكويت وتم حينئذ تهريب كميات كبيرة من العملة الكويتية وكذلك العملات الأجنبية، اضطرت الحكومة الكويتية إلي تغيير شكل عملتها كي يتم السيطرة علي سوق العملات، وكذلك قامت ألمانيا بتغير شكل عملتها عام 1924، فيما قامت تركيا أيضا في بداية التسعينات بتغيير شكل عملتها بعد أن وصلت قيمة الدولار الأمريكي آنذاك إلي 2 مليون ليرة تركية. وشدد وزير الاقتصاد الأسبق على ضرورة اعتماد الاقتصاد على الإنتاج الذاتى وليس المنح الخارجية، مشيراً إلى أن هناك إجراءات يمكن القيام بها من أجل زيادة الإيرادات بصورة عاجلة منها التركيز على الضريبة التصاعدية على رجال الأعمال الذين أبدوا استعدادهم إلى أن تصل إلى 35% وذلك مراعاة للظروف الراهنة التى يعيشها الاقتصاد، وفضلاً عن ذلك يمكن فرض ضريبة قدرها 10% لمرة واحدة فى العمر على من تزيد ثرواتهم على 10 ملايين جنيه، والحصيلة يمكن أن تتراوح بين 30 و50 مليار جنيه على أقل تقدير. كل فئات العملة فيما رحب الخبير الاقتصادي صلاح جودة بالفكرة، مؤكدا أنها الوسيلة الأفضل لحل المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد القومي حاليا بشرط أن يتم تغيير شكل العملة في كل فئات النقود، وهو ما سيساعد في جمع كل الأموال الموجودة خارج الجهاز المصرفي للدولة ولاتي تعرف بالسوق الموازية، وضرب مثالا بـ"المستريح" الذي استطاع خلال عدة شهور قليلة جمع ملايين الجنيهات، وكذلك عندما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي شهادات الاستثمار بقناة السويس الجديدة تم جمع أكثر من 64 مليار جنيه خلال عدة أسابيع من بينهم 32 مليار علي الأقل من خارج الجهاز المصرفي وهو ما يعني أن هناك نقود كثيرة خارج السيطرة يجب الاستفادة منها قدر الإمكان خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن نجاح هذا الأمر يقتضي أن يتم تحديد مدة معينة لتجميع النقود ولتكن أسبوع واحد فقط تعمل خلاله كافة البنوك علي مدار اليوم وكذلك فروع البريد ومكاتب الصرافة في الوزارات والمؤسسات المالية الحكومية، بالإضافة إلي تجهيز المطابع لطباعة النقود الجديدة، أي أن المنظومة المصرفية يجب أن تعمل بشكل متكامل في وقت واحد، وذلك كي لا يتمكن مالكي الأموال من شراء أي عملات أجنبية، كما يجب أن تكون هناك آليات لتشجيع أصحاب الأموال علي ضخ أموالهم في البنوك الوطنية. وأكد أن حجم الأموال المتوقع ضخها في البنوك ستصل إلي ثلاث أضعاف حجم السيولة الموجودة في السوق الآن وهو ما سيساعد في حل كثير من المشكلات التي نعاني منه الآن، مؤكد أن الشارع المصري لن يرفض القرارات الجديدة إذا تم تطبيقها بشكل سليم لا يضر بالاقتصاد القومي حيث سيكون هناك رغبة في خوض التجربة الجديدة. آثار سلبية ومن جانبه قال إسماعيل حسن، محتفظ البنك المركزي الأسبق، إن الحدث عن تغيير شكل العملة في الوقت الحالي ليس له أي أساس اقتصادي، ولن يحقق النتائج المراد تحقيقها، بل علي العكس يمكن أن تكون له آثار سلبية يصعب التخلص منها، مضيفا أن قوة العملة تأتي من التوازن الاقتصادي في السوق، ومدي قدرة الدولة علي توفر النقد الأجنبي اللازم لوارداتها من حصيلة تصدير السلع والمنتجات. وأضاف أن تغيير شكل العملة ليس عملية سهلة، ويمكن أن يربك حركة السوق الداخلية والتجارة البينية مما سينعكس بآثار سلبية، كما أنه قد يكون سببا في رفع أسعار الصادرات ويؤدي إلى تدهور الميزان التجاري وهدر للموارد الخارجية، وقد يؤدي إلى انهيار أسعار الصرف عقب أزمة في ميزان المدفوعات.