حذرت جامعة الدول العربية، الخميس 18 ديسمبر، من تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة والتي تستهدف تقويض الاستقرار الإقليمي. وأعلن الأمين العام للجامعة العربية د.نبيل العربي، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه نائبه السفير أحمد بن حلي أمام مؤتمر "مجتمع مصري آمن ..الحقيقة والخداع " الذي بدأت أعماله اليوم بالجامعة العربية، عن عقد اجتماع خاص لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري لبحث التحركات المطلوبة في مواجهة الإرهاب. وقال السفير بن حلي، في كلمته أمام المؤتمر الذي تنظمه مؤسسة صقور مصر، إن الأجهزة العربية المعنية تعكف حاليا على إعداد الخطط والإجراءات العملية لتنفيذ قرار مجلس الجامعة الذي تم اتخاذه بتاريخ 7 سبتمبر الماضي الذي ربط لأول مرة الإرهاب بتهديده للأمن القومي العربي، مشيرا إلى أن الأمين العام للجامعة العربية وجه إلى الدول الأعضاء مؤخراً دراسة أعدها عدد من الخبراء والمسؤولين في الأمانة العامة وخارجها تعرضت إلى أسباب وعوامل بروز ظاهرة الإرهاب بهذا الشكل الجديد والتحولات التي تشهدها الظاهرة، كما تضمنت الدراسة مجموعة من الاقتراحات العملية لمواجهة الإرهاب، وذلك تمهيدا لعرض ما تتوصل إليه الأجهزة العربية على الاجتماع الوزاري لاعتمادها والبدء في تنفيذها. ونبه بن حلي إلى مخاطر التأثيرات الكارثية للإرهاب على مستقبل الوطن العربي إلى أن لم يتم التعامل معه بالحسم السريع، وبكافة الوسائل القانونية المتاحة والعمل على إقصاء المنحرفين الذين يحاولون استحضار الفترات المظلمة من التاريخ الإسلامي والأحداث المقيتة المثيرة لغرائز الحقد والبغضاء ونوازع الفتنة الطائفية والصراع المذهبي. ولفت إلى أن هذا المؤتمر يندرج في إطار تعزيز التحرك الشامل الذي تشهده مصر لإبراز الصورة الحقيقية للواقع المصري، وما تشهده مصر من تطورات عميقة وهامة من أجل استكمال خارطة المستقبل وتصويب المسار في اتجاه بناء ديمقراطية راسخة الأسس، واعية بقضايا المجتمع وانشغالاته ومواكبة لمجرى التاريخ أيضاً من حولها لأنها صانعة هذا التاريخ الحضاري والإنساني، والانخراط ضمن مصاف الدول البازغة نحو بناء مستقبل آمن ومستقر وتابع بن حلي: "عندما أتكلم عن مصر فإنني أعني بذلك أيضا بقية الدول العربية، لأننا كمجتمعات ودول عربية كلنا في سفينة واحدة، مما يحتم على الجميع التكاتف والتعاضد والتضامن وشد أزر بعضنا البعض وخاصةً في الأزمات، لمواجهة هذه الأمواج الهائجة والرياح العاتية من حولنا وفي البعض منا داخل بلداننا". ونبه بن حلي إلى تفاقم درجة الجرائم الإرهابية بشكل بالغ الخطورة في الآونة الأخيرة، كما برز على الساحة العربية نوع من الإرهاب المهجن الذي أصبح يحتل الأرض ويسقط الحدود الجغرافية بين الدول ويعمل على تقويض الدولة الوطنية والنظام العربي والاستقرار الإقليمي. وعبر بن حلي عن ترحيب الجامعة العربية بالدور المتنامي لمنظمات المجتمع المدني خاصة تلك الوليدة من رحم العمق الشعبي والحس الوطني وليست رافدة أو موحية لها من الخارج، باعتبار منظمات المجتمع المدني أصبحت تشكل أحد الركائز الأساسية للدولة الحديثة ولصناعة القرار. ولفت إلى أن الجامعة العربية تبذل جهودا لإعداد معايير محددة، لتمكين مختلف منظمات المجتمع المدني في الدول العربية من التمتع بصفة المراقب في منظومة العمل العربي المشترك بدءاً بالمشاركة في أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن مشروع تعديل ميثاق الجامعة المزمع عرضه على القمة العربية المقبلة التي ستحتضنها مصر، قد منح حيزاً هاماً للبعد الشعبي في منظومة العمل العربي المشترك، كما أن عملية التغيير التي تشهدها المنطقة العربية تتطلب مشاركة كافة القوى الوطنية في مشاريع الإصلاح والتطوير وتفادي الاهتزازات والانزلاقات التي تحيد عن الطريق السوي الذي تنشده الإرادة الشعبية، وتعمل الحكومات المعبرة عن هذه الإرادة على تجسيد تطلعات الشعوب وتحقيق آمالها. وأكد بن حلي أن الديمقراطية ليست صكاً جاهزاً أو روشتة معدة سلفاً يمكن استيرادها وتطبيقها في مجتمعاتنا، بل هي نتائج نظام توافقت عليه الإرادة الشعبية ضمن عقد اجتماعي، تتحدد فيه الحقوق والواجبات تحت عباءة المواطنة التي يتساوى تحتها أبناء المجتمع بدون تمييز أو إقصاء. وقال بن حلي، إن الأسلوب الديمقراطي لابد أن يأخذ في الاعتبار درجة التطور لكل مجتمع وخصوصيته الدينية والثقافية وتركيبته الاجتماعية واحتياجاته الآنية والمستقبلية، مؤكدا أن ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية والنظم السياسية هو تراث إنساني مشترك يقوم على قيم انصهرت عبر تفاعلات بين مختلف الحضارات وتمازج بين مجموعة الثقافات وليست الديمقراطية كما تدعي بعض الأوساط الغربية، والمتخلفة، حكراً على ثقافة معينة أو صناعة غربية أو قيم هُم مُلاكها وحُماتها بل هي عصارة أفكار إنسانية مشتركة. ومن جانبه، أكد إسماعيل الحكيم رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صقور مصر"، أهمية هذا المؤتمر لتوجيه رسالة مفادها أن مصر آمنة ولابد من مواجهة كافة المخططات الرامية إلى بث روح الفرقة والفتنة في المجتمع ، كما أن مصر تسير وفق خارطة الطريق نحو الاستقرار وجذب السياحة والاستثمار .