على أرض آسيا، تقف إحدى القبائل متمسكة بكل عاداتها وتقاليدها.. تأكل لحوم البشر بالفعل.. وتعاشر جثث الموتى دون رهبة أو خوف أو تأنيب ضمير، بل وذهبوا إلى أكثر من ذلك بأنهم يأكلون ويتأملون وينامون وسط الجثث المحترقة ويهيمون على وجوههم عراة ويستخدمون الجماجم البشرية كأوان.. إنها قبيلة الأغوري الهندية.
وطائفة الأغوري، التي تعني باللغة السنسكريتية «الشجعان الذين لا يخافون»، يُعتقد أن جذورها منشقة عن طائفة الكابلاكا «حملة الجماجم» التي نشأت في القرن الرابع الميلادي، وظلت موجودة حتى القرن السابع الميلادي، وكانت تتقرب إلى آلهتها بالقرابين البشرية، وأغلب الظن أنها أوشك على الانقراض، وذلك بحسب البروفيسور المختص في التاريخ الهندي نيشا بنجاني.
آكلو لحوم البشر
«والأغوري والكابلاكا»، كانوا يعبدون الإله الهندي شافا - إله الدمار عند الهندوس - وقرينته شاكثي، ويعيش أتباعهم بالقرب من المقابر، ويغطون أجسادهم برماد البقايا البشرية المحترقة، ويحيطون طقوسهم بسرية تامة، كما يستخدمون البقايا البشرية بتلك الطقوس، إذ يستخدم المنتمون لتلك الطائفة الجماجم البشرية لشرب المياه، ويأكلون اللحم البشري أيضا، اعتقادا منهم بأنه يمنح لمن يأكله القوة الروحية والجسدية العالية، ويساعده على إطالة عمره.
والأغوريون، يخروجون وأجسادهم ملطخة بالرماد المحروق، وشعورهم طويلة وكثيفة، وغير منسقة، مسدلة على وجوههم، وعراة إلا من عقود من الخرز وقطع من اللحم مجدولة على صدورهم، ويدخنون غلايين خشبية، ويتمتمون بطقوس وحركات غير مفهومة، ولا يتحدثون إلى أحد ولا يقترب منهم أحد، غير أنهم منعزلين عمن حولهم ولا يخرجون إلا مرة واحدة كل 4 سنوات في احتفال بمهرجان «كمبه ميلا».
مهرجان كمبه ميلا الهندي - الوعاء المقدس - يعد أكبر تجمع سلمي للحجاج في العالم، حيث يقصد الزوار نهر الجانج، ليستحموا أو يغطسوا فيه اعتقادا منهم بتخلص الجسد من الأمراض والروح من الخطايا، بعدما يقطع عشرات الملايين من الهنود، آلاف الكيلومترات للقدوم إلى النهر المقدس، بحثا عن استعادة الحياة عبر الاغتسال عند ملتقى نهري الجانج ويامونا مع نهر ساراسواتي الأسطوري.
ويقام المهرجان كل 4 سنوات في واحدة من أربع مدن بالتناوب، هي أوتار براديش، وهاريدوار، وأوجان وناشيك، ويحضره نحو 150 مليون شخص، بغض النظر عن الطائفة أو العقيدة أو الجنس.
كسر المحرمات
الغريب أن منهج الأغوري يعتمد في الأساس على كسر المحرمات، وتجاوز المفاهيم المعتادة للخير والشر، حيث أن طريقهم للتقدم الروحي يشمل ممارسات خطيرة ومجنونة؛ مثل تناول اللحم البشري، وحتى فضلاتهم، كما يعتقدون أن إقدامهم على ذلك يعزز حالة الوعي لديهم.
ومن المرجح أن الأغوريين يتمركزون بالأساس في قرية فاراناسي، شمال الهند على ضفاف نهر الجانج، وأنهم يستمدون روحانيتهم من رجل دين زاهد يدعي «كينارام»، عاش لـ 150 عاما، قبل قرون من الزمن، ويرون أن الجسم غير منطقي، واللحوم والدماء عابرة، وهذا هو السبب في أنهم يحيطون أنفسهم بالموت، ويتنقل المنتمون إلى الطائفة أحيانا من دون ملابس للدلالة على إظهار الجسم بأنقى صورة.
تباين الآراء
«بوابة أخبار اليوم» تواصلت مع الكاتب الصحفي من نيودلهي محمد وجيه الدين، وقال إنه سمع عن تلك القبيلة، لكنه لم يلتق أو يتحدث إلى أحد منهم، وبحكم أنهم يفضلون العزلة، فإنه لا يعرف عن مجتمعهم أو طقوسهم الكثير.
من 500 عام
بدوره، أوضح الكاتب الصحفي عبدالودود ساجد بجريدة «انقلاب» الأردية في الهند، أن هناك فئات مختلفة من الهندوس الذين يعيشون في الهند، مشيرا إلى أن لديهم الآلاف من المعتقدات والطقوس، لكن لم تظهر أي قبيلة كهذه بعد، مستطردا أن الأمر يمكن أن يكون مجرد شائعة.
ساجد، تحدث في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» من نيودلهي، عن أنه رغم ذلك فمنذ حوالي 500 عام كانت هناك مثل هذه الطبقات في المناطق القبلية مفقودة الآن؛ حتى اليوم، مبينا أن مثل تلك القبائل تريد أن تعيش في عزلة، خاصة في الجبال، ولكن بسبب سباق التطور في الحياة الحضرية، فإن وعيهم يستيقظ، وهم الآن يتلقون التعليم أيضًا.
وأشار الكاتب الصحفي الهندي، أن هناك طبقات معينة في جزر غوا وما إلى ذلك تعتبر الشعوب المتحضرة أعداء لها، لافتا إلى أنه وقع حادث هناك منذ حوالي عامين عندما قتلوا عاملة اجتماعية أجنبية، على الرغم من أنها ذهبت لمساعدتهم، موضحا أن هؤلاء الناس يعيشون عراة ويأكلون أسماك البحر والقشريات.
لقطات موثقة
رغم تضارب الآراء حول تلك الطائفة، إلا أن المصور البولندي يان سكوارا، البالغ من العمر 38 عاما، تمكن من التقاط صور لا تصدق لتلك القبيلة المرعبة، لتوثق إحدى الصور لحظة قيام رجل برفع يديه قبل الشرب من جمجمة بشرية حقيقية، وفي أخرى، يظهر رجل جالسا مع جمجمة بشرية حمراء تطفو فوق وجهه المغطى بغبار أبيض غريب.
ولكن على جانب آخر، يؤكد مانوج ثاكار مؤلف كتاب أغوري، أن هذه المجموعة يساء فهمها، لافتا إلى أن الأغوريين مجموعة بسيطة تعيش مع الطبيعة وليس لهم مطالب ويرون في كل شئ تجسيدا للإله وهم لا يرفضون أحدا ولا ينكرون أحدا، ولا يفرقون بين لحم حيوان أو بشر إذ يأكلون ما يجدونه.
وخلال العقود الماضية، قام الأغوريون بالمساهمة في الخدمات الاجتماعية مثل تقديم الدواء لمرضى الجذام. وقال رون باريت من مركز طبي وثقافي في منيسوتا، إن الأغوريين يتعاملون مع أكثر فئة لا تلمس من البشر، ويجد العديد من مرضى الجذام، الذين تخلت عنهم أسرهم، الملاذ في مستشفى يديره الأغوريون بمدينة فاراناسي حيث يقدمون للمرضى العلاج والبركات.
يبقى في النهاية العديد من القبائل التي لها من العادات والتقاليد ما هو خارج عن المألوف، كما أنها جميعا تموج بالأديان والمعتقدات، ومازال كثير منها يتمسك بعادات غربية ترجع لآلاف السنين.