طويل التيلة وفائق النعومة

القطن المصرى .. يستعيد عرشه

القطن المصرى
القطن المصرى

ندى‭ ‬البدوى

شمسٌ‭ ‬جديدة‭ ‬تُشرق‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬القطن‭ ‬المصري،‭ ‬ليمضى‭ ‬الذهب‭ ‬الأبيض‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬استعادة‭ ‬مجده،‭ ‬بتضافر‭ ‬جهود‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بحل‭ ‬الأزمات‭ ‬التى‭ ‬ظل‭ ‬يئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأتها‭ ‬لسنواتٍ‭ ‬طويلة،‭ ‬الأملُ‭ ‬الذى‭ ‬تجدد‭ ‬مع‭ ‬القفزة‭ ‬التى‭ ‬حققتها‭ ‬أسعار‭ ‬القطن‭ ‬فى‭ ‬الموسم‭ ‬التسويقى‭ ‬الجديد،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬العالمى‭ ‬على‭ ‬الأقطان‭ ‬المصرية،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬المحلى‭ ‬مع‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج،‭ ‬وتعميم‭ ‬منظومة‭ ‬التداول‭ ‬الجديدة،‭ ‬التى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬عملية‭ ‬تسويق‭ ‬الأقطان‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬نقائها‭ ‬ومواصفاتها‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬سعر‭ ‬عادل‭ ‬للمُزارع،‭ ‬ما‭ ‬ينبئ‭ ‬بانتعاش‭ ‬محصول‭ ‬القطن‭ ‬وزيادة‭ ‬إقبال‭ ‬المزارعين‭ ‬عليه،‭ ‬بعد‭ ‬تراجع‭ ‬المساحات‭ ‬المنزرعة‭ ‬منه‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭.‬

يلفت‭ ‬المهندس‭ ‬صفوت‭ ‬الشهاوي،‭ ‬مدير‭ ‬منظومة‭ ‬تداول‭ ‬القطن‭ ‬الجديدة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توحيد‭ ‬نظام‭ ‬التداول‭ ‬كان‭ ‬ضرورة‭ ‬حتمية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالمنظومة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬المطلوب‭ ‬للسوق،‭ ‬وهناك‭ ‬شروط‭ ‬وقواعد‭ ‬مُحكمة‭ ‬وضعتها‭ ‬اللجنة‭ ‬المعنية‭ ‬لتداول‭ ‬القطن‭ ‬الزهر‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬المنظومة،‭ ‬حيث‭ ‬حددنا‭ ‬آلية‭ ‬تسعير‭ ‬عادلة‭ ‬لفتح‭ ‬المزادات‭ ‬وفق‭ ‬معادلة‭ ‬سعرية‭ ‬تُحقق‭ ‬هامش‭ ‬ربح‭ ‬مُجزيا‭ ‬وعادلا‭ ‬للمزارع‭ ‬والشركات‭ ‬وفق‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية‭ ‬للقطن،‭ ‬الذى‭ ‬يتم‭ ‬وفق‭ ‬سعر‭ ‬اإنديكسب‭ ‬الذى‭ ‬يُمثّل‭ ‬متوسط‭ ‬خمسة‭ ‬أصناف‭ ‬معيارية‭ ‬عالمية،‭ ‬يُضاف‭ ‬إليه20%‭ ‬لمحصول‭ ‬القطن‭ ‬بالوجه‭ ‬القبلي،‭ ‬و40%‭ ‬لمحافظات‭ ‬الوجه‭ ‬البحري‭.‬

يضيف‭: ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬قواعد‭ ‬تنظيمية‭ ‬للشركات‭ ‬المُشاركة‭ ‬فى‭ ‬المزادات‭ ‬العلنية،‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الشركات‭ ‬مُرخصة‭ ‬ومعتمدة‭ ‬لدى‭ ‬لجنة‭ ‬تنظيم‭ ‬تجارة‭ ‬القطن،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬جديتها‭ ‬بسداد‭ ‬خطاب‭ ‬تأمينى‭ ‬بقيمة‭ ‬250‭ ‬ألف‭ ‬جنيه،‭ ‬لحساب‭ ‬الشركة‭ ‬القابضة‭ ‬للقطن‭ ‬والغزل‭ ‬والنسيج‭ ‬يتم‭ ‬استرداده‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الموسم‭. ‬كما‭ ‬طبقنا‭ ‬آلية‭ ‬جديدة‭ ‬لتحصيل‭ ‬المزارعين‭ ‬ثمن‭ ‬الأقطان،‭ ‬بأن‭ ‬تودع‭ ‬الشركة‭ ‬التى‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬المزاد‭ ‬المبالغ‭ ‬المستحقة‭ ‬بعد‭ ‬انتهائه،‭ ‬وذلك‭ ‬فى‭ ‬حساب‭ ‬بنكى‭ ‬موحّد‭ ‬لمنظومة‭ ‬القطن،‭ ‬لتصدر‭ ‬بعدها‭ ‬أوامر‭ ‬التحصيل‭ ‬للمزارعين،‭ ‬ليتمكنوا‭ ‬من‭ ‬صرفها‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬البنك‭ ‬الأهلى‭ ‬المصري‭.‬

ويرى‭ ‬الشهاوى‭ ‬أن‭ ‬ثمار‭ ‬أعمال‭ ‬تطوير‭ ‬منظومة‭ ‬القطن‭ ‬والغزل‭ ‬والنسيج‭ ‬ستظهر‭ ‬خلال‭ ‬الموسم‭ ‬المقبل،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتضاعف‭ ‬المساحات‭ ‬المنزرعة‭ ‬من‭ ‬المحصول‭ ‬إلى‭ ‬450‭ ‬ألف‭ ‬فدان‭ ‬يصل‭ ‬إنتاجها‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬إغراق‭ ‬للسوق‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬أعمال‭ ‬التطوير،‭ ‬التى‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬المنافسة‭ ‬والطلب‭ ‬على‭ ‬القطن‭ ‬مع‭ ‬التوسع‭ ‬المتوقع‭ ‬فى‭ ‬تصدير‭ ‬الغزول‭ ‬والمنسوجات،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬تطوير‭ ‬مصانع‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج‭ ‬بالمحلة‭ ‬التى‭ ‬ستستوعب‭ ‬مليونا‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬القطن،‭ ‬بخلاف‭ ‬مجمّع‭ ‬المصانع‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬افتتاحه‭ ‬بمنطقة‭ ‬الروبيكى‭ ‬التابع‭ ‬للشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬الصناعية‭.‬

ومن‭ ‬جانبه‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬هشام‭ ‬مسعد،‭ ‬مدير‭ ‬معهد‭ ‬القطن‭: ‬إن‭ ‬القطن‭ ‬المصرى‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الأفضل‭ ‬عالمياً،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬بدأت‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬شاملة‭ ‬لإعادة‭ ‬القطن‭ ‬إلى‭ ‬وضعه‭ ‬سواء‭ ‬محلياً‭ ‬أو‭ ‬عالمياً،‭ ‬وهذه‭ ‬الجهود‭ ‬شملت‭ ‬خطوات‭ ‬عِدة،‭ ‬فمثلاً‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬تستهدف‭ ‬زيادة‭ ‬المساحة‭ ‬المنزرعة‭ ‬سنوياً‭ ‬من‭ ‬القطن،‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ ‬فكر‭ ‬الدولة‭ ‬الهادف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التصنيع‭ ‬المحلي،‭ ‬حتى‭ ‬يغطى‭ ‬الإنتاج‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬لحماية‭ ‬المزارع‭ ‬وتسهيل‭ ‬عملية‭ ‬التسويق‭ ‬وتحقيق‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬كبيرة،‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬زراعة‭ ‬القطن‭ ‬كمصدر‭ ‬للزيوت‭ ‬النباتية‭ ‬لتقليل‭ ‬فجوة‭ ‬الاستيراد،‭ ‬وفى‭ ‬المقابل‭ ‬توفير‭ ‬االكُسبب‭ ‬لتغذية‭ ‬الحيوان،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬للقطن‭ ‬المصري،‭ ‬مما‭ ‬يعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬المزارع‭ ‬والناتج‭ ‬القومي‭.‬

يتابع‭: ‬اكما‭ ‬اتخذت‭ ‬الدولة‭ ‬خطوات‭ ‬لتطوير‭ ‬صناعة‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج،‭ ‬والتى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬يمكن‭ ‬تطوير‭ ‬الزراعة،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬جرى‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬طموحة‭ ‬لعملية‭ ‬التطوير‭ ‬وزيادة‭ ‬المساحة‭ ‬المنزرعة،‭ ‬وبالفعل‭ ‬زرعنا‭ ‬240‭ ‬ألف‭ ‬فدان‭ ‬فى‭ ‬الموسم‭ ‬الحالى‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ180‭ ‬ألف‭ ‬فدان‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬25‭ ‬إلى‭ ‬30%،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مصانع‭ ‬الروبيكى‭ ‬التى‭ ‬افتتحها‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬تعاقدت‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬قنطار،‭ ‬لتصنيعها‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬بواسطة‭ ‬الأيادى‭ ‬المصرية،‭ ‬وسيتم‭ ‬افتتاح‭ ‬مصنع‭ ‬المحلة‭ ‬العام‭ ‬المقبل،‭ ‬بالتالى‭ ‬سيتعاقد‭ ‬المصنع‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬وسيكون‭ ‬هناك‭ ‬استهلاك‭ ‬للأقطان‭ ‬المصرية‭.‬

ويوضح‭: ‬احصلنا‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ (‬الرخصة‭ ‬الدولية‭) ‬بعد‭ ‬اشتراك‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬مبادرة‭ (‬القطن‭ ‬الأفضل‭) ‬العالمية‭ ‬فى‭ ‬2018-2019،‭ ‬وهى‭ ‬مبادرة‭ ‬تتعاقد‭ ‬مع‭ (‬براندات‭) ‬عالمية،‭ ‬بالتالى‭ ‬هناك‭ ‬طلب‭ ‬على‭ ‬الأقطان‭ ‬المصرية‭ ‬عالمياً‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬واستعادة‭ ‬بعض‭ ‬الأسواق‭ ‬التى‭ ‬فقدتها‭ ‬مصر‭.‬

ويعتبر‭ ‬نظام‭ ‬زراعة‭ ‬القطن‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬أنظمة‭ ‬الزراعة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬يصدر‭ ‬قرار‭ ‬وزارى‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لتحديد‭ ‬أماكن‭ ‬زراعة‭ ‬الأصناف‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تسبقه‭ ‬دراسات‭ ‬كثيرة،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجرى‭ ‬توفير‭ ‬بذور‭ ‬القطن‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الجمعيات‭ ‬للمزارعين،‭ ‬لتشجيع‭ ‬زراعة‭ ‬القطن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬للمستهدفات‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬السوق‭ ‬وأزماتها‭ ‬وحل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭.‬

ويتربع‭ ‬القطن‭ ‬المصرى‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬الأقطان‭ ‬العالمية‭ ‬بلا‭ ‬منافس‭ ‬لصفاته‭ ‬المميزة‭ ‬وطول‭ ‬التيلة‭ ‬ونعومته‭ ‬الفائقة،‭ ‬حيث‭ ‬ننفرد‭ ‬بإنتاج‭ ‬23%‭ ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬الأقطان‭ ‬طويلة‭ ‬التيلة،‭ ‬فائقة‭ ‬النعومة،‭ ‬وهو‭ ‬نوع‭ ‬ينتج‭ ‬فى‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬منها‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبيرو‭ ‬والسودان‭ ‬وهذه‭ ‬الدول‭ ‬تنتج‭ ‬حوالى‭ ‬450‭ ‬ألف‭ ‬طن،‭ ‬ويشكل‭ ‬إنتاج‭ ‬مصر‭ ‬نحو‭ ‬23%‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬الأقطان‭ ‬الطويلة‭ ‬والفائقة‭ ‬المنتجة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬ويمتاز‭ ‬إنتاجنا‭ ‬بميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬لكونها‭ ‬فائقة‭ ‬الطول‭ ‬والنعومة‭ ‬مثل‭ ‬أصناف‭ ‬جيزة‭ ‬45‭ ‬و87‭ ‬و93‭ ‬وفائقة‭ ‬المتانة‭ ‬مثل‭ ‬جيزة‭ ‬92‭ ‬وجيزة‭ ‬96‭.‬

وكما‭ ‬يوضح‭ ‬الدكتور‭ ‬عباس‭ ‬الشناوي،‭ ‬رئيس‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬والمتابعة‭ ‬بوزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬وعضو‭ ‬لجنة‭ ‬متابعة‭ ‬تداول‭ ‬القطن،‭ ‬فإن‭ ‬المنظومة‭ ‬الجديدة‭ ‬لا‭ ‬تُحمِّل‭ ‬المزارع‭ ‬أى‭ ‬أعباء‭ ‬بينما‭ ‬تحقق‭ ‬له‭ ‬أعلى‭ ‬سعر‭ ‬يمكنه‭ ‬الحصول‭ ‬عليه،‭ ‬بإعطاء‭ ‬شركات‭ ‬التجارة‭ ‬الفرصة‭ ‬للمُزايدة‭ ‬على‭ ‬المحصول،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬21‭ ‬مركزًا‭ ‬للتجميع‭ ‬بمحافظات‭ ‬الوجه‭ ‬القبلي،‭ ‬بينما‭ ‬ستصل‭ ‬المراكز‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مركز‭ ‬بالوجه‭ ‬البحرى‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬موسم‭ ‬الحصاد‭ ‬به‭. ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الأراضى‭ ‬الزراعية‭ ‬وداخل‭ ‬الجمعيات‭ ‬المنتشرة‭ ‬بالقرى‭ ‬والمراكز،‭ ‬وتتم‭ ‬داخلها‭ ‬عملية‭ ‬الوزن‭ ‬والفرز‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬كوادر‭ ‬وزارة‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال‭ ‬ووزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬وهيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬واختبارات‭ ‬القطن‭.‬

يواصل‭: ‬يحصل‭ ‬المُزارع‭ ‬على70%‭ ‬من‭ ‬مستحقاته‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬الشركة‭ ‬التى‭ ‬تحظى‭ ‬بالكميات‭ ‬المُنعقد‭ ‬عليها‭ ‬المزاد‭ ‬العلنى‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬التالى‭ ‬لإجرائه،‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬المبلغ‭ ‬المُتبقى‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬الفرز‭ ‬وتحديد‭ ‬معدلات‭ ‬التصافى‭ ‬والرتب،‭ ‬بحيث‭ ‬يصله‭ ‬النقد‭ ‬الإضافى‭ ‬حسب‭ ‬جودة‭ ‬القطن‭ ‬ومواصفاته‭ ‬ودرجة‭ ‬نقائه‭ ‬ونظافته،‭ ‬قبل‭ ‬نقل‭ ‬القطن‭ ‬إلى‭ ‬المحالج‭ ‬المرخصة‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لعمليات‭ ‬التصدير‭ ‬أو‭ ‬التصنيع‭ ‬المحلى‭ ‬بمصانع‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬ربيع‭ ‬محمد،‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬بمحافظة‭ ‬الفيوم‭: ‬االقطن‭ ‬محصول‭ ‬استراتيجى‭ ‬مهم،‭ ‬خاصة‭ (‬طويل‭ ‬التيلة‭)‬،‭ ‬لذا‭ ‬ننظم‭ ‬دورات‭ ‬للإرشاد‭ ‬الزراعى‭ ‬بجميع‭ ‬القرى‭ ‬التابعة‭ ‬للمحافظة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬معهد‭ ‬بحوث‭ ‬القطن‭ ‬ومتابعة‭ ‬المزارعين‭ ‬ومدهم‭ ‬بأفضل‭ ‬أنواع‭ ‬البذور‭ ‬التى‭ ‬تعطى‭ ‬إنتاجية‭ ‬أعلى،‭ ‬وبالفعل‭ ‬تم‭ ‬عمل‭ ‬إحلال‭ ‬وتبديل‭ ‬للبذور‭ ‬الموجودة‭ ‬بأخرى‭ ‬مستوردة‭ ‬تعطى‭ ‬إنتاجية‭ ‬أعلى،‭ ‬وتطبيق‭ ‬نظام‭ ‬الزراعة‭ ‬التعاقدية‭ ‬وتوعية‭ ‬المزارعين‭ ‬بالفوائد‭ ‬التى‭ ‬تعود‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬حرصاً‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تشجيع‭ ‬الفلاحين‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬وفى‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة،‭ ‬طبّقت‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬نظام‭ ‬التجميع‭ ‬أو‭ ‬التشوين‭ ‬وأقامت‭ ‬مزادات‭ ‬علنية‭ ‬لتوصيل‭ ‬قنطار‭ ‬القطن‭ ‬لأعلى‭ ‬سعر،‭ ‬مما‭ ‬يشجع‭ ‬الفلاح‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬فى‭ ‬الزراعة،مما‭ ‬أدى‭ ‬لزيادة‭ ‬سعر‭ ‬قنطار‭ ‬القطن‭ ‬إلى‭ ‬٣٨٠٠‭ ‬جنيه‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ1700‭ ‬جنيه‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭.‬

أما‭ ‬حل‭ ‬مشكلات‭ ‬الجمعيات‭ ‬الزراعية،‭ ‬فيكون‭ ‬بتطبيق‭ ‬الكارت‭ ‬الذكى‭ ‬للفلاح،‭ ‬والذى‭ ‬يُحمّل‭ ‬بجميع‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمزارع‭ ‬كالاسم‭ ‬والرقم‭ ‬القومى‭ ‬والحيازة‭ ‬الزراعية،‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬يستطيع‭ ‬صرف‭ ‬جميع‭ ‬احتياجاته‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬ماكينة‭ ‬زراعية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬لإعادة‭ ‬توجية‭ ‬الإرشاد‭ ‬الزراعى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬عمل‭ ‬شاشات‭ ‬عرض‭ ‬ووضع‭ ‬أفلام‭ ‬بالأنظمة‭ ‬الجديدة‭ ‬التى‭ ‬سيتم‭ ‬التعامل‭ ‬بها‭.‬

ويشير‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬غريب‭ ‬مهدى،‭ ‬أستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الزراعى‭ ‬بكلية‭ ‬الزراعة‭ ‬بجامعة‭ ‬قناة‭ ‬السويس،‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬حين‭ ‬ننظر‭ ‬لتاريخ‭ ‬زراعة‭ ‬القطن‭ ‬نجد‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬نغطى‭ ‬احتياجات‭ ‬الســــوق‭ ‬المصـــرية‭ ‬فــــى‭ ‬حقـبـتــــى‭ ‬الثمــــانينيـــات‭ ‬والتسعينيات،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬القانون‭ ‬210‭ ‬لعام‭ ‬1994‭ ‬الخاص‭ ‬بتحرير‭ ‬تجارة‭ ‬القطن،‭ ‬حدث‭ ‬عدم‭ ‬اتزان‭ ‬فى‭ ‬السوق،‭ ‬لأن‭ ‬الدولة‭ ‬حينها‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬مسئولية‭ ‬تسويق‭ ‬الأقطان‭ ‬كأحد‭ ‬شروط‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة،‭ ‬ما‭ ‬أدخلنا‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬نتيجة‭ ‬فقدان‭ ‬أسواق‭ ‬كثيرة‭ ‬كانت‭ ‬تستورد‭ ‬القطن‭ ‬المصرى،‭ ‬بالتالى‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬المزارع‭ ‬طريقة‭ ‬لتسويق‭ ‬محصوله،‭ ‬وفاقم‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬القطن‭ ‬ليس‭ ‬محصولاً‭ ‬يمكن‭ ‬استهلاكه‭ ‬داخلياً‭ ‬مثل‭ ‬القمح‭ ‬أو‭ ‬الذرة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صدر‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬4‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬الذى‭ ‬ألزم‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة‭ ‬بمسئولية‭ ‬تسويق‭ ‬أقطان أكثر‭ ‬‭.‬

وتابع‭: ‬انأمل‭ ‬حالياً‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬فتح‭ ‬الأسواق‭ ‬التى‭ ‬فقدناها‭ ‬خلال‭ ‬العشرين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية،‭ ‬ففى‭ ‬السابق‭ ‬كنا‭ ‬نصدِّر‭ ‬القطن‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬دولة،‭ ‬والآن‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬المستقبلة‭ ‬للقطن‭ ‬المصرى‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و25‭ ‬دولة‭.‬

يضيف‭: ‬افى‭ ‬عام‭ ‬1950‭ ‬كنا‭ ‬نزرع‭ ‬مليونى‭ ‬فدان‭ ‬من‭ ‬محصول‭ ‬القطن،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬إجمالى‭ ‬المساحة‭ ‬الزراعية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬كانت‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬فدان،‭ ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أهميته‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬محصولاً‭ ‬استراتيجياً‭ ‬لدى‭ ‬المزارع،‭ ‬وكان‭ ‬يتكفل‭ ‬بسد‭ ‬جميع‭ ‬احتياجاته‭ ‬المالية‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بتزويج‭ ‬أبنائه‭ ‬وبناته‭ ‬بعد‭ ‬موسم‭ ‬الجني،‭ ‬لكنه‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬سلعة‭ ‬رائجة‭.‬

ويعزو‭ ‬الدكتور‭ ‬مهدى‭ ‬أسباب‭ ‬تراجع‭ ‬إنتاج‭ ‬القطن‭ ‬طويل‭ ‬التيلة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬تطوير‭ ‬الآلات‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬زراعته‭ ‬محلياً،‭ ‬فحتى‭ ‬الآن‭ ‬مازال‭ ‬المزارع‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الأيدى‭ ‬العاملة‭ ‬لجنيه‭ ‬وجمعه،‭ ‬وهى‭ ‬عملية‭ ‬تمثل‭ ‬مع‭ ‬النقل‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬بخلاف‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬للتجميع‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬الزراعة،‭ ‬وهذا‭ ‬يجبر‭ ‬المزارع‭ ‬أن‭ ‬ينقل‭ ‬محصوله‭ ‬لمسافة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬كيلومترا‭ ‬حتى‭ ‬مركز‭ ‬التجميع‭.. ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬تتحدد‭ ‬الأسعار‭ ‬فى‭ ‬بورصة‭ ‬القطن‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أى‭ ‬بعد‭ ‬جمع‭ ‬المحصول،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تحديدها‭ ‬والاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬مسبقاً‭ ‬فى‭ ‬يناير؟‭ ‬حتى‭ ‬يطمئن‭ ‬المزارع‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬سعر‭ ‬مناسب‭ ‬للمحصول‭ ‬ويقبل‭ ‬على‭ ‬زراعته،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬الزراعة‭ ‬التعاقدية،‭ ‬بحيث‭ ‬يعلم‭ ‬المزارع‭ ‬الجهة‭ ‬التى‭ ‬ستشترى‭ ‬محصوله‭ ‬وتمده‭ ‬بمستلزمات‭ ‬الإنتاج‭.‬