جولة بأقسام الطوارئ| استقبال قصر العيني.. لا صوت يعلو على آهات المرضى

مشاهد من قسم الاستقبال
مشاهد من قسم الاستقبال

◄ طبيبة تطلب منا الذهاب لمستشفى الحميات لأننا  مشتبه بكوفيد دون كشف
◄ممرضة تنجح في السماح لنا للكشف بإدعاء الكورونا والحصول على روشتة 

على أبواب المستشفيات يقف المرضى استجداءً لأمل الشفاء.. فرصة لالتقاط الأنفاس، وإنقاذ الجسد من افتراس الأمراض، وإصابات الوباء.. أنه المشهد الصعب في استقبال المستشفيات الحكومية،ا لتي قسمت نصفها أو أكثر لـ«عزل كورونا»، وأخرى مستشفيات لاستقبال من هم من ذوي الأمراض والأوجاع الأخرى .. هنا البعض يتنظر على حافة الموت لحظة لإيجاد سرير للرعاية الحرجة لمصاب كورونا لإنقاذ النفس الذي كاد أن يحرمه منه الفيروس اللعين، وعلى جانب آخر يبحث من أنهك المرض جسده عن سرير للحجز وغيره يبحث عن مكان لتلقي  جلسات كيماوي أو جراحات عاجلة او بأقل تقدير هنا من يحتاج لتعليق محاليل لإنعاش الروح المنهكة باحثا عن فرصة للنجاة.. كثير من المرضى يبحثوا عن الدواء في زمن الوباء.

بوابة أخبار اليوم عايشت أحوال المرضى ومطالبهم وشكاواهم في استقبال المستشفيات .


لا صوت يعلو على صوت الآلام والآهات للمرضى أمام مستشفى قصر العيني، وداخلها، يئنون ويتوجعون من قسوة المرض، ونهشه في أجسادهم، يقف المرضى وذويهم أمام أبواب المستشفى، في جو شديد الحرارة سجل (37 درجة) في نهار شهر الصيام، افترش أهالي المرضى الأرض يريحون عليها أجسادهم الهزيلة المنهكة من أثر الصيام، والسعي خلف مرضاهم بين أروقة المستشفيات.

 

هنا صنع الأهالى لأنفسهم خيمًا التقطتها عدسة «بوابة أخبار اليوم»، تقيهم من حرارة الشمس ويكتظون أمام الأبواب أملا في الدخول دون وعى بالإجراءات الإحترازية التى أقرها مجلس الوزراء وشدد على ضرورة تطبيقها، «باب النجار مخلع» هذا أبلغ ما يمكن أن يقال على ما شاهدناه داخل استقبال المرضى، حيث حالة من العشوائية في الدخول والخروج من باب المستشفى، فليس كل الأطباء حريصين على إتباع الإجراءات الوقائية رغم كونهم أعلم الناس بأهميتها، البداية عندما ذهبنا لأحد الأبواب التي يقف عليها 3 من شباب الأمن، تحدثت معهم كمريض جاء طلبا للعلاج ولسمع شكواى، وما أعانيه من أعراض إذ به يطلب مني حجز تذكرة ببطاقة الرقم القومي وقد كان ما طلب، وعدنا له مجددًا.


أشار إلى باب الاستقبال والطوارئ، وهممنا إلى الدخول، وإذ فجأة إحدى الممرضات من حديثى التخرج، تعترض طريقى وتقول، «ايه يا كابتن رايح فين»، أخبرتها بحالتي المرضية، وطلبت منى أن أتبعها ناحية مكتب كبير تجلس خلفه طبيبتين، إحداهما سورية حسبما تؤكد لهجتها التي تنطق بها، وأكدتها عندما تعذر عليها فهم لهجتي الصعيدية، قائلة «اعذرني يخي أنا مش من هون».

بعدما قولت لها الأعراض المختلفة، انتظرت منها الشروع في الفحص وتوجيه أسئلة لتعرف تفاصيل حالتي، لا تحمل سماعة ولا ترمومتر ولا يوجد معها ما يثبت أنها طبيبة سوى البالطو الأبيض الذي ترتديه، فوجدتها تطلب مني الذهاب لمستشفى الحميات، تبادلت معها أطراف الحديث، ألست طبيبة يمكنك مساعدتنا، إلا أنها عاودت التأكيد أنها لا تملك ما تقدمه لحالتى التى تتشابه مع أعراض كورونا، موضحة أنها لا يمكن أن تدخلني إلى الفحص بالداخل حيث كل الموجودين من الحالات المرضية الصعبة وعلى شفا الموت.

 


حملقت بعيني بعيداً، وجدت كرسى شاغرًا، فما كان مني إلا الجلوس عليه، ووثقت كاميرا هاتفى -بالفيديو- حالات خروج ودخول جمة من مرضى وأهالى وعاملين بالمستشفى دون كمامات، وتحديدًا في قسم الطوارئ، وعلى الكراسي المجاورة لي، طغى التعب والإعياء على فتاة ربما على مشارف الثلاثين من عمرها، ولا تدري بنفسها حتى أنها ألقت بجسدها الهزيل وتمددت بين الرجال والنساء، خاطبتها سيدة ولكن المريضة في عالم آخر لم تستجب لمن يحدثها، والكل يستغيث لها، «استروها وشوفوا البنية مالها»، وبعد نحو ثلث ساعة تقريبًا اقتربت منها طبيبة وممرضة واصطحباها لفحصها وتوقيع الكشف عليها».


بعد ذلك جاءت ممرضة أخرى وقولت لها: «أخوكي تعبان وعاوز حد يكشف عليه، تعاطفت معى وربما أشفقت علي حالي، وأدخلتني إلى المكان الذي رفضت الطبيبة السورية الدخول إليه بحجة أنه للحالات الصعبة وشديدة الخطورة، ومن بين بضعة طبيبات من حديثى التخرج نادت على إحداهن، قائلة:  يا دكتورة شوفي ده»، قرأت اسمى من تذكرة الدخول وبادرت بالسؤال، «مالك عندك ايه يا فلان».

 

اقرأ أيضا|


أمليت عليها بعض الأعراض التي تصدح على آذني من المرضى حولي، من رشح واحتقان وآلام في البطن فكان ردها «بص أنا مش هفيدك في حاجة دا استقبال باطنة شديدة المعاناة تتلقى الإسعافات الأولية قبل تحويلها للحميات، وأنا أصلا بتاعة باطنة»، عقبت على كلامها «وبطني بها آلام»، نظرت إلى وكأنها تراضيني وكتبت بعض الأدوية على ورقة، وقالت اشترٍ هذه الأدوية من الخارج وبعد 3 أيام حاول أن تأتي للعيادات الخارجية، غادرت الغرفة الموجودة فيها دون أن يستخدم أي طبيب أو ممرض أدواته الطبية ويكتفى بالكشف سماعية وشفاهية.


أخذت ورقة الدواء وذهبت بها إلى الداخل دون أن يسألني سائل، إلى أين ذاهب، تجولت في المستشفى، فوقعت عيناي على كمية من المياه المسكوبة داخل إحدى الطرقات وطفلة صغيرة ربما في العاشرة من عمرها تجر المياه واثنان من العمال يشاهدانها.


عزمت على الخروج وأمام الباب يتجمهر عشرات الأشخاص يريدون الدخول ويمنعهم عمال الأمن على باب المستشفى الذي يسمح بدخول من يروق له، حسبما تشير صرخات إحدى العالقات أمام الباب، وانفجرت فيهم بعلو صوتها فسمحوا لها مرغمين بالدخول، ما أعقبها كلام الآخرين «لما هو ممنوع بتدخلوها ليه، ولا لازم نزعق ونتخانق؟».