«القرار لا يكون سهلا مطلقا على الطبيب، لابد أن اشرح للمريض إذا كان واعيا لأن ذلك أصعب ما تؤديه فى غرفة الرعاية» حالة من الحيرة والتردد تحسمها حالة المريض يعيشها الدكتور عمرو شهاب نائب مدير مستشفى عزل هليوبوليس ورئيس فريق العزل وأخصائى الرعاية المركزة عند اتخاذ قرار وضع المريض على جهاز التنفس الصناعى النافذ.
وما بين مرضى يحصلون على جلسات أكسجين بالماسك وآخرين بجهاز السباب وحالات قليلة على جهاز التنفس الصناعى النافذ،وجدنا طبيب الرعاية أثناء زيارتنا لمستشفى عزل هليوبوليس يتجول فى غرف رعايته لا يفارق المرضى تحسبا لحدوث أى طارئ.
.
ويفسر الطبيب القرار الأصعب حسب وصفه قائلا: يوجد نوعان من التنفس الصناعى الأول غير التداخلى غير النافذ أو ما يسمى بماسك السباب، والثانى جهاز التنفس الصناعى النافذ، ويتم علاج المريض بهم على مراحل ففى البداية يوضع على جهاز السباب لاعطائه الأوكسجين بماسك تحت ضغط، ويستغرق من نصف ساعة إلى ساعة حسب استجابة المريض، ولو ارتفعت نسب التشبع بالأكسجين للأرقام المطلوبة، نكمل علاجه بالسباب، وإذا لم يستجب نضطر أن نصل إلى المرحلة الأخيرة وهى القرار الأصعب وهو الوضع الجهاز التنفس الصناعى النافذ تركيب انبوبة حنجرية يسبقها إعطائه مهدئ لتركيبها، ونستكمل العلاج.
أصوات لا تنقطع داخل الرعايات هى أصوات أجهزة التنفس، ربما تقطع حديثنا مع «شهاب» فيلتفت ليتابع المرضى ثم يعود إلينا يتذكر موقفا صعبا أخر: توقف عضلة قلب المريض وفشل جلسات التنفس الصناعى حيث يضطر إلى عمل انعاش قلب رئوى ونركب انبوبة حنجرية وجهاز التنفس الصناعي، نعطيه فرصة للعيش ثانية، هناك مرضى تستجيب للانعاش وتعود واخرين يفقدوا حياتهم.
لكن لماذا يعد قرار الوضع على جهاز التنفس الصناعى النافذ القرار الأصعب للطبيب يفسر أخصائى الرعاية: الوضع على هذا الجهاز يعنى أن فرصة المريض فى الحياة قليلة وتكون معدلات الوفاة أكبر، لأنها وصل للمرحلة الاصعب من المرض وعلى شفا حفرة من الموت فلا يستطيع التنفس أو قبول جلسات الأكسجين، فتعطى المرضى فرصتهم للانقاذ للنهاية سواء بالأدوية أو بالمجهود الطبي، أو جهاز التنفس الصناعي.
حالة من الاستغراب يعيشها الطبيب ربما لا يجد له تفسيرها ناقشها معنا فقال: أحيانا تجد مريضا يتحدث اليك جيدا ونسبة الأكسجين 30 او 40% ومع ذلك يتحدث الينا، فالمريض لا يشعر بهذا النقص الحاد، لم نر ذلك من قبل، فقبل وباء كورونا لو نقص الاكسجين عن 90% كان يشعر المريض بضيق نفس.
الحالات السابقة تؤثرًا سلبيًا على طبيب الرعاية الذى يرصد تطورات الفيروس فى مراحله الاخيرة فيقول: أكثر حالة أثرت فى كانت لمريض شاب 30 عامًا، كانت شكوته الوحيدة ان لديه زغللة فى عينيه، وعند عمل اشعة مقطعية على الصدر أظهرت اصابة بسيطة بالفيروس ولذلك تم حجزه فى غرفة داخلية، واشتد عليه الصداع، فى نفس اليوم ، فأجرى له اشعة مقطعية على المخ فى غضون ساعتين اظهرت تمدد فى الشرايين ونزيف فى المخ وفقد حياته فى أقل من 6 ساعات.
عمل الطبيب خلال الموجتين الأولى والثانية جعلته يلاحظ اختلافًا بينهما: أعراض الفيروس فى الموجة الثانية أشد من الموجة الأولى، لأن انتشار الفيروس أكثر، ففى الموجة الأولى الحالات أقل حدة الأعراض بسيطة لكن فى الموجة الثانية حدة المرض أكبر ومعظم الحالات لديها نقص فى الاكسجين ومعدل حالات الرعايات أعلى بكثير من الموجة الأولى، وتقريبا معظم الضغط فى المستشفى على الرعايات، وفى الموجة الاولى كانت إصابات الرئة عبارة عن بقع بسيطة انما حاليا الاشعة تظهر إصابات الرئة بنسبة 70%.
ويرى أن استجابة المريض تختلف من شخص إلى آخر حسب التاريخ المرضى له وتاريخ قدومه للمستشفى من الإصابة بالمرض،فحاليا المريض يأتى بعد اليوم العاشر من ظهور الأعراض وهى أخطر مرحلة والأقوى فى نشاط الفيروس، ولذلك تزيد من المضاعفات ومدة الإقامة فى المستشفى، ونسبة تتعافى ونسبة تفقد حياتها، ولذلك فقدوم المريض للمستشفى فى وقت مبكر فرصته فى الشفاء أكبر.
يستدعى عمله كغير زملائه على تواجده طوال الوقت أمام غرف الرعايات: النسبة لأطباء الرعايات يكونوا متواجدين طوال الوقت أمام قسم الرعايات، تحسبا لاحتياج المرضى لأى شئ،الدقيقة قد تنقذ حياة مريض، دائما المريض يحتاج الدكتور جنبه، أما الاقسام الداخلية يكون المرور على المرضى مرتين او ثلاثة يوميا وفى حالة استدعاء المريض.
اكسبه عمله خبرة فى تشخيص إصابته بكورونا فور شعور بالأعراض وهو ما خفف عليه حدة المرض فيقول: أصبت بالفيروس مرة فى 25 نوفمبر الماضي، عرفت الاعراض انها كورونا فور ظهورها، فساهم ذلك فى العلاج مبكرا وعزلت نفسى فى المستشفى وتعافيت بعد 10 ايام، وبعدى عن أسرتى ضريبة ندفعها واحساس البعد عن عائلتى صعب واكون قلقا عليهم، فلدى 4 أطفال أكبرهم 7 سنوات وأصغرهم عمرها شهر لم أرها سوى مرة واحدة وجئت للعزل، فلو كل طبيب اصابه القلق لن يعمل أحد فى العزل فدورنا الوقوف بجوار المريض لا يجوز أن نتركهم.