حكايات| شبيه النبي محمد.. رحلة نقل رأس الحسين «عائمة» لمصر

مسجد الحسين في القاهرة - أرشيفية
مسجد الحسين في القاهرة - أرشيفية

على أبواب «الحسين»، تقف قلوب مشتاقة لا يرتبط تعلقها بذكرى مولد أو مقتل؛ بل كل لحظة تتقرب من موضع رأسه في مقامه بالقاهرة القديمة تسمعها بكل اللهجات واللغات «مدد يا حسين».

 

رأس الحسين – رضي الله عنه – ليس كأي رأي بشرية؛ إذ ورد في البخاري أن «رأس الحسين حمل إلى ابن زياد، فجعل الرأس في طست وأخذ يضربه بقضيب كان في يده، فقام إليه أنس بن مالك رضي الله عنه، وقال: (لقد كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم)». 

 

رحل حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ابن علي ابن أبي طالب وفاطمة الزهراء – رضي الله عنهما – ومعه فُتحت بوابة خلافات لم تُغلق إلى الآن، خاصة ما يرتبط بموقع دفن رأسه الشريف، ما بين بقائها في سوريا أو نقلها إلى مصر.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| بكاء على أبواب «الحسين».. أم وابنتها تبحثان عن نفحات المسجد المغلق

 


مؤرخون من مصر وخارجها، وكُتاب السيرة عدا المتمسلفة، أجمعوا على أن جسد الحسين دُفن في كربلاء  بالعراق بينما طاف الرأس عدة بلدان قبل أن يستقر في «عسقلان» الميناء الفلسطيني الواقع على البحر المتوسط، قبل نقله بحرًا إلى مصر، وهو ما ذكره كتاب «مراقد آل البيت» للسيد محمد زكي الدين إبراهيم.

 

لم تشفع التأكيدات السابقة عن تواجد رأس الحسين في القاهرة عن استمرار الأحاديث عن وجود 3 شواهد لدفن الرأس ويتم زيارتها، أولها في العاصمة السورية دمشق والتي كان أول موضع لدفنها، ثم عسقلان تلك المدينة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، وأخيرًا  المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، وهو ما رواه الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، مستشهدًا بحديث المؤرخ «عثمان مدوخ».

 

 

حديث مدوخ ليس الوحيد في التأكيد على أن رأس الحسين يتواجد بمشهد القاهرة؛ إذ سبق وتحدث المؤرخ المقريزي عن أن رأس الحسين - رضي الله عنه - نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549هـ.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| الرسول بين الأطفال.. حين قدم النبي العزاء في عصفور

 

وما بين هذا وذاك، تتمسك الوثائق الرسمية الأثرية في مصر بأن رأس الحسين رضي الله عنه نُقِلَ من عسقلان إلى القاهرة، تأكيدًا لرواية مدوخ والمقريزي، وذلك في يوم الأحد 8 جمادى الآخرة سنة 548 هـ، الموافق 31 أغسطس سنة 1153م.


 
أما حامل الرأس الشريف من عسقلان إلى مصر، فكان الأمير سيف المملكة تميم والي عسقلان؛ حيث حضر بها إلى قصر الحكم يوم الثلاثاء 10 جمادي الآخرة المذكور الموافق 2 سبتمبر 1153، وأنزل به إلى حديقة، ثم حُمل في السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دُفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة.

 

على مدار مئات السنين، اهتم المصريون بالتجديدات لحماية الرأس، والتي بدأت سنة 1959 وحتى سنة 1963، وبلغت جملة تكاليفها آنذاك 83 ألف جنيه؛ حيث شهد مسجد الحسين تجديدًا ملحوظًا، من حيث زيادة مساحته وفرشه وإضاءته، حتى يتسع لزائريه والمصلين به.