حكايات| مؤامرة الحريم.. شنق وتحنيط ابن رمسيس الثالث بـ«جلد الماعز»

 مؤامرة الحريم.. شنق وتحنيط ابن رمسيس الثالث بـ«جلد الماعز»
مؤامرة الحريم.. شنق وتحنيط ابن رمسيس الثالث بـ«جلد الماعز»

يقولون إن المرأة إذا أحبت أصبح الرجل هو كل حياتها وسيدها ومولاها وتاج رأسها، لكنها إذا غدرت أو خانت أصبحت أشد قسوة من ثعلب جريح أو حية.. هنا تبدأ قصة الملك رمسيس الثالث.

 

ورمسيس الثالث ملك من ملوك الأسرة العشرون، خاض حروبا ضارية انتصر فيها كلها وكان محاربا عظيما؛ إذ هزم الليبيين وحلفاءهم من شعوب البحر الأبيض المتوسط، وساق منهم إلى مصر عشرات الآلاف من الأسرى.

 

كما خاض هذا الملك أول معركة بحرية حربية في تاريخ مصر القديمة ضد شعوب البحر وأوقف زحفهم وهم في طريقهم إلى مصر للاستيلاء عليها، وهذه المعركة منقوشة ومرسومة بالصور والأرقام والأحداث على جدران معبد مدينة هابو العظيم الذي شيده رمسيس الثالث في الضفة الغربية للنيل أمام العاصمة طيبة، بحسب ما ذكره الباحث الأثري مجدي شاكر. 

 

ولأن الملك رمسيس الثالث كان يعشق المرأة وكان قصره مليئا بالزوجات والجواري من كل بلاد الدنيا، فقد كتب عنه المؤرخ جيمس هنري بريستد في كتابه فجر الضمير، يقول: «كان الملك رمسيس الثالث يفخر بأن سنوات حكمه الـ32 قد شهدت توطيد دعائم السلام والأمان في وطنه، وكان الملك سعيدا بأن الناس وتحديدا النساء في مصر يعيشون في أمان وسلام».

 

ولكن مع هذا كله المرأة لم تترك الملك رمسيس الثالث لحاله أبدا؛ إذ تعرض لمؤامرة ناعمة قاتلة، فمن بين المؤامرات القديمة التي حدثت في البيت الملكي تلك المؤامرة الشهيرة الغنية بالتفاصيل المثيرة التي وقعت في عصر الأسرة العشرين من الدولة الحديثة، وبطلة هذه المؤامرة كانت زوجة الملك وتدعى (تيا).

 

اقرأ للمحررة أيضًا| سر ثقب أبو الهول «المريب».. بحيرة وسراديب ومدينة أسفل التمثال

 

و«تيا» كانت إحدى زوجات الملك رمسيس الثالث، الذي كان قد عزم على تولية ابنه رمسيس الرابع للحكم، ولأمر ما خشيت تلك الزوجة من تولي هذا الأمير وهو ابن الملك من زوجة أخرى فعملت على قتل الملك وإحلال ابنها مكانه واسمه (بنتاؤر) وقد نسجت هذه السيدة مؤامرة محكمة.

 

ولتنفيذ مؤامرتها عملت «تيا» على استقطاب كبار موظفي القصر ومنهم رئيس القصر الملكي وساقي الملك ورئيس حاشيته الذي يحمل معه عدد من التماثيل السحرية، علاوة على عشرة من موظفي الحريم منهم أربعة سقاة ملكيين ومشرف على الخزانة وضابط وقائد جيش وثلاثة كتبة ملكيين وغير هؤلاء من صغار الموظفين وعملت على استمالة غيرهم من خلال الاتصال  بزوجاتهم الذي بلغ عددهن ست نساء وكان بعضهن زوجات لرجال الحرس الخاص بالقصر وكانت إحداهن أختاً لقائد فرقة الرماة بالجيش المصري بالنوبة مما سهل لهن مبادلة المراسلات بين الحريم وبقية أعوانهما المتآمرين داخل القصر وخارجه، ومن الغريب أن المتآمرين قد استخدموا «السحر» لتسهيل دخولهم إلى القصر الملكي.

 

ومع اختلاف المؤرخين حول نجاح المؤامرة بين مؤيد لإصابة الملك وآخر تحدث عن نجاته وأمره بمحاكمة المتآمرين، إلا أن أمر ما أفسد تدبير المتآمرين في اللحظات الأخيرة فتم إلقاء القبض عليهم جميعاً وقدموا للمحاكمة

 

وبالفعل انكشفت المؤامرة وتولى التحقيق فيها 14 محققاً وقاضياً انتهوا إلى إدانة الأمير بنتاؤر وثلاثة من أعوانه الكبار وتركوا لهم بأمر الملك أن يختاروا طريقة الإعدام ولينتحروا بأنفسهم.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| حرب «الترميم العظمي».. أسلحة مصرية لتدمير الحشرات «الآكلة» للآثار

 

وقـيل عن عدد من نسوة المتآمرين إنهن كن يتبادلن الرسائل مع أمهاتهن وأخواتهن سراً، وحرض شقـيق واحدة منهن وكان من ضباط الجيش المصري في النوبة على إثارة الشغب وشق عصا الطاعة، وبعد تحقيق طويل قيل عن ست نساء وجدن مذنبات ونفذت فيهن عقوبة رادعة كما اتهمت اثنتان منهن برشوة اثنين من المحققين القضاة عن طريق الغواية وشرب الخمر.

 

أما مدى ما أصــاب الملك خلال المؤامرة وما صار إليه مآل الملكة المتآمرة فكلاهما لا يزال موضعا للجدل حتى الآن، وهكذا لم تخل أيام الأسر المالكة نفسها من مشكلات لولا أنها كانت لحسن الحظ قليلة متباعدة.

 

واكتشف العلماء مومياء مجهولة لرجل شاب مات في عمر الخامسة والعشرين تبين أنه بنتاؤر ابن الملك رمسيس الثالث والذي كان مشتركاً في المؤامرة على حياة أبيه، والمفاجأة أن المومياء في الواقع لم تحنط وإنما تم لف الجسد في جلد الماعز وليس الكتان المعتاد ولم يكن جلد الماعز طاهراً في العقيدة المصرية القديمة حيث اعتبر الماعز من الحيوانات التي تعادي إله الشمس (رع).

 

كما وجد فم المومياء المجهولة مفتوحاً، وتنطق ملامح الوجه بكل مظاهر الخوف والهلع من المصير الأليم، وقد وجد فريق الأشعة علامات مؤكدة لآثار حبال الشنق على منطقة الحنجرة، الأمر الذي يؤكد وفاة الشاب مشنوقاً.