حكايات| كنز يحميه الشيطان.. لغز وصول الفراعنة إلى «بلوط» كندا

كنز يحميه الشيطان.. لغز وصول الفراعنة إلى «بلوط» كندا
كنز يحميه الشيطان.. لغز وصول الفراعنة إلى «بلوط» كندا

على بعد 200 متر من الشاطئ الجنوبي «لنوفا سكوتيا» من مقاطعة ونينبورج في كندا، كان القرصان الشاب دانيال مك جينيس، على سفينته بعد رحلة طويلة في أعماق البحار، وقف يستنشق بعض نسمات البحر مسترجعا ذكريات رحلته وأخذ يتنقل بأفكاره بين مغامرة وأخرى، متسائلا كيف بعد كل هذه السنين من القرصنة في أعماق البحر لا يمتلك بعض المال الذي يحميه من غدر الدهر.

 

وخلال لحظات الغرق بين أسئلته الوجودية وأمنياته بأن يتعثر في كنز هنا أو هناك يعتزل بعدها حياة التيه التي يعيشها القرصان بداخله، ألقى بعينيه صوب الشاطئ، فتراءى إليه بعض الأضواء الغريبة التي تأتي من غابة جزيرة أوك، أو كما يطلق عليها جزيرة البلوط. 

 

ذهب دانيال بخياله إلى الجزيرة ربما يكون هنا كنز، وأن الحياة بدأت تبتسم له، فاتجه بسفينته صوب الجزيرة ليتحقق من مصدر هذه الأضواء، فوجد شجرة بلوط تعلق في أحد أغصانها السفلي بكرة لرفع الأثقال تعود إلى سفينة ما، فأيقن أنه في أثر كنز مدفون لأحد قراصنة البحر. 

 

 

فرصة العمر

 

اندفع دانيال عائد بسفينته إلى بيته للاستعانة بأصدقائه لاستخراج هذا الكنز، وتجهزوا بكافة المعدات التي ربما يحتاجونها لحصد جائزتهم، وفي اليوم التالي، عادوا إلى الجزيرة وبدأوا في الحفر حتى وجدوا أنفسهم في نفق عمودي دائري، بعرض 13 قدما، ووجدوا بالصدفة قطعاً كبيرة مرصوفة من خشب البلوط، وممتدة عبر النفق، ونهاياتها مثبتة بقوة في الجدران، فقاموا بخلع القطع وسحبها إلى الخارج، قبل أن يجدوا قطعا متناثرة من الفحم، والكثير من ألياف جوز الهند والتي عرف عنها استخدامها في حفظ الأشياء الثمينة من التلف في العصور القديمة، والأمل يراودهم في كل لحظة أن يجدوا صناديق خشبية مملوءة بالأحجار الكريمة أو الذهب.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| قصة حقيقية.. فضائيون هبطوا الأرض لممارسة الجنس

 

وبعد ساعات من الحفر وعلى عمق 20 قدما، بدأ الأمل يتسرب من نفوسهم شيئا فشيء فلم يكن  هناك طبقة أخرى من قطع الأشجار كجائزة لساعات الحفر التي قضوها، ومن ثم وجدوا طبقة ثالثة على عمق 30 قدما، وأخيرا بعد أن أدركوا أن المهمة كانت أكبر من قدرتهم قرروا الاستسلام، رغم أنهم مقتنعين بأن الكنز يبعد بضع أقدام عن متناول أيديهم.

 

 

صائدو الكنوز

 

وما أن عادوا إلى مدينتهم حتى شاع الخبر بين صائدو الكنوز والقراصنة وبعض رجال المال والأعمال، وأحضر بعضهم جيوشا من عمال الحفر والآلات الحديثة بحثا عن الكنز في حفرة المال التي يحميها الشيطان نفسه، وعلى مدى سنوات طويلة استمرت عمليات الحفر، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وراح ضحيتها خسائر في الأرواح والأموال والآلات.

 

 

لم يستطع أحد الوصول إلى قاع الحفرة التي كانت كلما وصولوا إلى طبقة من الأخشاب أعطتهم أمل الوصول للكنز، ولكن ما أن تقذف الأمل في قلوبهم حتى تسرقه مرة أخرى، في ظل العقبات والتعقيدات والألغاز المثيرة التي تكافئهم بها بعد محاولات الحفر، ربما بعد كل تلك المحاولات الشيء الوحيد الذي حصدوه بخلاف الخيبة، حجر مكتوب عليه بلغة غريبة، ومواد تستعمل لحفظ الأشياء الثمينة على مر العصور القديمة، إضافة إلى العثور على بعض المقتنيات الذهبية.

 

الحجر الغامض

 

اللوح الحجري الغامض ظل غير قابل للتلف بعد إخراجه بعدة عقود، قبل أن يجذب اهتمام أستاذ اللغات الشهير من جامعة دالهوزي في هاليفاكس عاصمة مقاطعة نوفا سكوشا الكندية، وجيمس ليتشي الذي ادعى أنه تمكن من فك تشفير النص الغامض، وبحسب ما ذكر ليتشي فإنه يقرأ: «40 قدما إلى الأسفل، مليونان من الجنيهات تم دفنها هناك».

 

اقرأ للمحرر أيضًا| أقبح قصة حب سجلها التاريخ.. وفاءً لحبيبته عاشر جثتها 7 سنوات

 

الكنز الآن بات حقيقة حسب تفسير جيمس ليتشي، واستمر الحفر أعمق وأعمق، قبل أن تغمر المياه الحفرة في إحدى الليالي، فقامت الشركة المسئولة عن التنقيب بجلب إحدى المضخات التي تعمل بالبخار لشفط الماء، وهو ما لم يحدث، حيث بدا الأمر وكأنها محاولة لشفط مياه المحيط نفسه، ومن ثم قتل أحد العمال بعد انفجار المضخة، ما أدى إلى توقف المحاولات. 

 

 

إحدى الشركات قررت الحفر مجددا في عام 1845، مستعينة بمعدات حفر جديدة ومضخات مياه أحدث، لكن ما إن بدأ الحفر حتى توفي أحد العمال في ظروف غامضة ولسبب غير معلوم، فتأجل الحفر مدة 4 سنوات قبل أن يستأنف من جديد، وبعد أسبوعين من محاولات إزالة المياه تمكنوا أخيرا من إفراغ الحفرة، وما أن بدأ الحفر حتى غمرت المياه الحفرة مجددا، فاستعانوا بمسبار حديدي لاكتشاف العمق، فحصلوا على بعض القطع الخشبية المستخدمة في صناعة التوابيت، مع أجزاء من جثة متحللة.

 

لحدوث العديد من المشاكل تأجل الحفر مرة أخرى، وتم حفر حفرة موازية لها ليفاجأ الجميع بتصاعد البخار والغازات، ما أدى إلى مقتل العديد من الأفراد، قبل أن تغمرها المياه هي الأخرى، ليكتشف العلماء عبقرية البناء الهندسي القابع تحت الأرض، والذي يتكون من عدة قنوات متصلة، تسمح بدخول الماء مباشرة من المحيط كلما وصل الحفر إلى مستوى معين، ما يعني استحالة الاستمرار في الحفر.

 

 

الأساطير حول الجزيرة

 

الأساطير تعددت حول حفرة الشيطان، وذهب بعضها لزعم أن العثور على الكنز مرتبط بمقتل 7 أشخاص داخلها، ورغم أنه قتل فيها حتى الآن 6 أشخاص إلا أنه لم يتم العثور على شيء، وذهب آخرون لترجيح أن العثور على الكنز مرتبط باختفاء جميع أشجار البلوط من الجزيرة، مع العلم بأن المتبقي من هذا النوع من الأشجار هو شجرة واحدة فقط، وآخرون اعتقدوا أنها كنوز ملكة فرنسا ماري أنطوانيت المفقودة، وهناك من يفترض أن آثار الأخشاب التي وجدت مؤخرا تعود إلى تابوت العهد هو التابوت الذي حُفظت به ألواح العهد.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| العائد من الموت.. ساحر من طنطا وصل للعالمية بأغرب قصة «دفن»

 

 البعض الآخر، تمكن كذلك من إثبات انتماء هذا الحجر إلى العصر الفرعوني، وأن المقبرة في الأساس هي مقبرة أحد الملوك الفراعنة الذين جاؤوا من مصر وماتوا في هذا المكان ليتم دفنه فيه، مستندين في ذلك إلى أن الفراعنة هم أصحاب فكرة دفن الكنوز معهم عند الموت.

 

 

أغرب ما ذهب إليه البعض، أن المكان الذي يقال إن فيه كنز جزيرة البلوط، لا يحتوي على كنز، وإنما هو سجن يعيش فيه الشيطان وينتظر منذ زمن بعيد لكي يفتح له أحدهم الباب.

 

وفي عام 1965 وبعد مرور 200 عام من أول محاولة وتعاقب مئات الأشخاص والمعدات والقصص والأساطير على الجزيرة، ذهب جيولوجي، يشتغل في استخراج النفط يدعى «روبرت دانفيلد»، وأحضر المعدات الثقيلة التي تستخدم في حفر الآبار، وأطلق على تلك المهمة اسم «القوة الوحشية»، وحفر بعمق 130 قدما، مستخدما كل الوسائل القوية في الحفر ولم يعثر على شيء، فقام بردم الحفرة، ومنذ ذلك الوقت لم يعد للفضوليين والمستكشفين الرغبة في تكرار المحاولة، وطوي ملف الحفرة الغامضة.

 


 

أرجح فرضية

 

الكاتب روبرت فيرنو، أصدر كتابا حمل عنوان «حفرة المال»، كان به أكثر الافتراضات قبولا وذكر فيه أن الحفرة بنيت نحو عام 1780 ميلادية، وذلك في الوقت الذي خسر فيه الجيش البريطاني حرب الاستقلال الأمريكية، فقام الجيش البريطاني بوضع خطط للانسحاب السريع، وقد كان من المقرر حسب الخطة أن تتراجع الحماية العسكرية في نيويورك إلى هاليفاكس في نوفسكونيا، في الوقت الذي كانت تعد فيه أقرب مستوطنة كبيرة لجزيرة البلوط.

 

وصدرت الأوامر إلى قطاع المهندسين الملكي ببناء حفرة، لإخفاء الخزائن الحربية للحماية العسكرية، ومن ضمنها مؤنة المال، التي من المقرر أن تعطى للجيش البريطاني، ومن المحتمل أن المال لم يدفن أصلا في الحفرة، وإن كان كذلك فمن المحتمل أنهم استردوه في وقت لاحق، وأرجعوه إلى إنجلترا.

 

 

حفرة المال التي يقبع الشيطان بداخلها، وما أثير حولها من اهتمام جذبت الكثير من المشاهير من أمثال فرانكلين ديلانو روزفلت، الرئيس الـ32 للولايات المتحدة، والذي قرر في سن الـ27 عاما الانضمام إلى جهود التنقيب في جزيرة البلوط، إضافة إلى العديد من الممثلين كالممثل والمخرج الأمريكي الحاصل على الأوسكار جون واين، والممثل الأسترالي الشهير إيرول فلين، ولكن دون الوصول إلى شيء ليبقى سر الجزيرة في بطن حفرة المال حتى الآن.