بيزنس الحقن المجهري| تجارة رابحة بحلم الإنجاب.. و«الحكومي» البديل الأوفر

بيزنس الحقن المجهري| تجارة رابحة بحلم الإنجاب.. و«الحكومي» البديل الأوفر - صورة أرشيفية
بيزنس الحقن المجهري| تجارة رابحة بحلم الإنجاب.. و«الحكومي» البديل الأوفر - صورة أرشيفية

- تكلفة العملية بالمراكز الخاصة تصل لـ25 ألف جنيه.. ونسبة النجاح 40%

- «وحدة الحقن المجهري» بالقصر العيني و«الجلاء» تستقبل غير القادرين بنصف التكلفة

- حكايات «سعاد» و«أمل» و«سليمان» مع بيع الذهب وسحب قرض لتحقيق الحلم

- «سالم»: الحقن المجهري تطور لـ«طفل الأنابيب».. وهذه هي الطريقة وأسباب فشل العملية

- أطباء: أبرز التطورات تجميد الأجنة وإنتاج 5 توائم.. وهذا السن مناسب لإجراء العملية

 

«رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ».. تلك الآية القرآنية الكريمة التي دعا بها نبي الله «زكريا» ربه ليرزقه طفلا؛ فوهبه الله «يحيى»؛ قد اعتاد على تكرارها أمين محمد، ذات الـ44 عاما، في كل المرات التي يتردد فيها على عيادات الحقن المجهري، وأنفق كل ما لديه من أموال سعيا لسماع كلمة «بابا»، كما أن زوجته «سعاد» قد يئست هي الآخرى من تكرار «سقوط الجنين» ليحرمها القدر من أعز كلمة لأي امرأة، وتزيد معاناتها في عيد الأم في ظل حرمانها من الأطفال.

 

بيع ذهب الزوجة

 

بدأ «أمين» حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم» فقال: «تزوجت "سعاد" منذ 17 عاما، ولم نتردد على عيادات الأطباء إلا بعد 5 سنوات من الزواج، فكنت أعلم أن الإنجاب له موعد يعلمه الله، ولما طال الانتظار؛ ذهبت لطبيب فأخبرني أن الحيوانات المنوية ضعيفة وتموت قبل وصولها للرحم، كما أن زوجتي لديها مشكلات في المبايض، ونصحني بإجراء عملية حقن مجهري، وفشلت المرة الأولى والثانية وتبعتها الثالثة، وفي كل مرة تفشل العملية ويحدث سقوط للجنين أو يستبعد الطبيب عملية التخصيب لأن الطفل قد يولد مشوها، واضطرت زوجتي لبيع الذهب الذي لدينا بقيمة 32 ألف جنيه، لإجراء آخر عملية حقن مجهري، وإذا فشلت لن أعود لإجرائها مرة آخرى فقد أنفقت كل ما لدي من أموال، مع إلحاح الأهل والأقارب بعبارة: "عاوزين نشوف لك خلفة تشيل اسمك"».

 

خسارة 40 ألف جنيه

 

حالة «أمين» تشبه إلى حد بعيد حكاية «أمل» فقد ترددت كثيرا – بحسب قولها – على عيادات الحقن المجهري، وكان الأطباء يخبرونها أن نسبة نجاح العملية 75% وقامت بإجرائها مرتين وفشلت وفي كل مرة تخسر قرابة 20 ألف جنيه، حتى اضطر زوجها لبيع ميراثه من الأرض ليحقق حلم الإنجاب، لكن في المرة الثالثة نجحت العملية وهي الآن حامل في الشهور الأولى، معبرة عن بالغ سعادتها بالحمل، ناصحة الحالات غير القادرة التي حرمها الله من الإنجاب الطبيعي بالذهاب لوحدة الحقن المجهري في القصر العيني – كما فعلت – لانخفاض أسعارها بكثير وتقدم الوسائل الطبية اللازمة وعدم الاتجار في المرضى.

 

 سحب قرض من البنك

 

أما سليمان أيوب، ذات الـ39 عاما، فيقول إن زوجته أجرت عملية الحقن المجهري في إحدى العيادات الخاصة مقابل 25 ألف جنيه، فبعد أن طلب الطبيب 500 جنيه للكشف والمتابعة، و8500 جنيه تكلفة عملية سحب البويضات من رحم زوجته وإعادتها ملقحة مرة آخرى، ظن أن التكلفة لن تتجاوز 15 ألفا؛ ليفاجأ أن تكلفة الإشاعات والتحاليل ومصروفات المستلزمات الطبية ومبالغ إضافية لطاقم التمريض والعلاج اللازم والمتابعة؛ كل ذلك تجاوز الـ25 ألف جنيه، ما اضطره لسحب قرض من البنك بضمان وظيفته في المصنع محل عمله، ومع ذلك يحمد الله على نجاح العملية، متمنيا أن تلد زوجته على خير، ناصحا من تأخر لديهم الإنجاب بالذهاب إلى وحدة الحقن المجهري في مستشفى الجلاء للولادة لأن التكلفة بها منخفضة لأقل من النصف مقارنة بالمراكز الخاصة، نادما على علمه بذلك بعد فوات الأوان!.

 

بيزنس المراكز الخاصة

 

تتبعنا مراكز الحقن المجهري الخاصة المنشرة بالقاهرة والتي تزيد عن 145 مركزا – بحسب رئيس وحدة تأخر الإنجاب بالقصر العيني – أحد هذه المراكز في مدينة نصر بالقاهرة، يؤكد أن عملية الحقن المجهري ناجحة لديه بنسبة تزيد عن 70% وأن تكلفة العملية لن تزيد عن 18 ألف جنيه، حيث يتم سداد رسوم العملية 10 آلاف جنيه، ورسوم الكشف 450 جنيها، والعلاج والتحاليل على نفقة الحالة.

 

الأمر لا يختلف كثيرا عن عيادة بشارع الهرم بالجيزة، فقد ذكرت أنها أجرت عملية حقن مجهري للعديد من الحالات الناجحة، وتكلفة العملية لن تزيد عن 22 ألف جنيه، شاملة كل مراحل الحقن المجهري.

 

بداية الحقن المجهري

 

كانت البداية بـ«أطفال الأنابيب» عام 1978، إذ دفعت الأسباب الطبية لعدم الإنجاب بشكل طبيعي، إلى ابتكارها، ثم أتبع ذلك ظهور عمليات الحقن المجهري أوائل التسعينات من القرن الماضي.

 

«الحقن المجهري» من منظور طبي    

 

ويقول الدكتور حسن سالم، أخصائي النساء والتوليد وعلاج العقم والحقن المجهري، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن أطفال الأنابيب كانت البداية، وكانت تُجرى عن طريق وضع الحيوانات المنوية مع البويضة بعد سحبها من المبيض في أنبوبة معملية، ثم يخترق الحيوان المنوي البويضة بدون تدخل، لكن الحقن المجهري نأخذ الحيوان المنوي السليم ونقوم بحقنه عن طريق الميكروسكوب فائق التكبير داخل البويضة.

 

وتابع د. «سالم» حديثه قائلا: «تأخذ الحالة جرعات من حقن تنشيط المبايض لعدة أيام لحين وصول البويضة لحجم ٢٠مم، ثم تأخذ إبرة تفجير البويضات، ونقوم بعملية سحب البويضات بعدها بـ٣٦ ساعة».

 

وأوضح أن الحالات التي تلجأ للحقن المجهري غالباً بسبب الضغوط العائلية، وفى أغلب الأحيان ضعف السائل المنوي عند الرجل أو أسباب عضوية عند المرأة، لافتا إلى أن أكثر المخاطر شيوعاً هى فرط تنشيط المبايض.

 

وذكر أخصائي النساء والتوليد والحقن المجهري، أن نسبة نجاح العملية تترواح بين ٦٠-٧٠%، مؤكدا أن أسباب فشل بعض العمليات هي عدم اكتمال نمو الجنين داخل الرحم، أو مشاكل فى تجويف الرحم تعيق ألتصاق الأجنة ببطانة الرحم.

 

وأشار إلى أن تشوه الأطفال ليس له علاقة بعملية الحقن المجهري، فنسبة تشوه الأجنة نتيجة الحقن المجهري مثل التشوه فى الحمل بدون وسائل مساعدة، لافتا إلى أن عملية الحقن المجهري يزيد فيها عدد التوائم كمحاولة من الطبيب لرفع نسبة نجاح العملية حيث يتم إرجاع أكثر من جنين للرحم.

 

ولفت د. «سالم»، إلى أنه لا يوجد عدد محدد لمرات إجراء العملية، ولكن يُفضل إجراء العملية قبل أن تتم المرأة ٤٠ عاما، منوها إلى أن ولادة الجنين ليس لها علاقة بالعملية.

 

المستشفيات الحكومية بديل أرخص

 

أما الدكتور عبدالمجيد رمزي، مؤسس ورئيس وحدة تأخر الإنجاب بمستشفى قصر العيني، فيؤكد أن بداية أطفال الأنابيب في مصر كانت عام 1986، عندما تم إنشاء المركز المصري لأطفال الأنابيب كأول مركز في مصر، ومنذ هذا الوقت تم زيادة عدد المراكز حتى وصلنا الآن لـ145 مركزًا.

 

ويضيف أنه تم إنشاء وحدة الحقن المجهري بمستشفى قصر العيني في 3 أكتوبر 2009، حيث يتم فيها علاج فيها الحالات غير القادرة ماليا، وبدأت هذه العمليات بـ2000 جنيه، ثم زادت تدريجياً مع زيادة أسعار المستلزمات الطبية حتى وصلت الآن إلى 5200 جنيه، وتبلغ بصورة إجمالية بعد شراء الأدوية نحو 10 آلاف جنيه، وهذا يعتبر نصف ما تدفعه الحالة في المراكز الخاصة.

 

وأوضح د. «رمزي»، أن هذه التكلفة زادت لأننا لا نتحكم في أسعار الحقن والأدوية التي تحصل عليها السيدة، والفارق بين الوحدة والمراكز الخاصة أن الدولة توفر الأجهزة وهذه الأموال عبارة عن مستهلكات، كما أن الأطباء يتقاضون رواتبهم فقط، وبالتالي نساعد الناس غير القادرين.

 

وذكر أنه يتردد على الوحدة 250 حالة شهرياً، فيما يتم إجراء 50 عملية في الشهر، وهذا الرقم في ازدياد، لافتا إلى تطور قصة الحقن المجهري حتى وصلنا لأن نقوم بجراحة للجنين قبل دخوله إلى الرحم، لاكتشاف وجود عيوب خلقية في الكروموسومات للأجنّة، حيث نحصل على عينة من الجنين تحت الميكروسكوب ونرسلها للمعمل لفك الشفرة الوراثية، إن كان سليمًا يتم نقله، وإن كان مشوهًا يتم استبعاده لكي لا يحدث حمل في جنين مشوّه.

 

وأشار إلى أن تطور التكنولوجيا وصل إلى تجميد الأجنة، فلو أخذت السيدة تنشيطًا ونتج عن ذلك 15 بويضة مُخصبة، وأنتجت 10 أجنّة، يتم نقل جنين أو اثنين، ويتم تجميد باقي الأجنة لاستخدامها لاحقًا سواء فشلت المحاولة الأولى، أو يتم استخدامها بعد سنوات في حمل آخر.

 

وتابع مؤسس ورئيس وحدة تأخر الإنجاب بمستشفى قصر العيني، أنه حدثت طفرة في تكنولوجيا تجميد البويضات، فمثلًا حال تأخر إحدى الفتيات في الزواج خاصة من يتخطى أكثر من 35 عامًا، يُنصح بتجميد البويضات، لأنه بمرور الوقت تقل كفاءة وخامة البويضة وقدرتها على الإخصاب وتكوين جنين سليم.

 

من جانبها، كشفت الدكتورة لميس طلعت، استشاري نساء وتوليد ومدير مركز الجلاء للحقن المجهري بمستشفى الجلاء بالقاهرة، أن المركز تم إنشاؤه عام 2000، لكن تم بدء العمل بشكل فعلي واستقبال أول حالة عام 2001، أي منذ 18 عاما، ونستقبل حالات من كل محافظة مصر.

 

وأوضحت أن المركز يستقبل 50 حالة كل شهر بخلاف حالة المتابعة، وتقريبا يتردد على المركز حوالي 2000 حالة سنوياً، ولدينا طاقة أكبر للعمل واستقبال حالات جديدة.

 

وذكرت د. «طلعت»، أن قيمة العملية تبلغ 2500 جنيه بخلاف العلاج، ومنذ 5 سنوات كانت الحالة تتكلف 4 آلاف جنيه للعملية برمتها منذ دخول المستشفى حتى خروج الزوجة «حامل»، أما الآن فهي تتكلف 11 ألف جنيه بسبب ارتفاع أسعار الأدوية والعلاجات، موضحة أن عدد التوائم قد يصل لـ5 توائم، ونسبة نجاح العملية 40%.