حكايات| كرة اليد بالزمالك.. مصانع «فن وهندسة» داخل الصالات المغطاة

لاعبو الزمالك لكرة اليد
لاعبو الزمالك لكرة اليد

«مدرسة الفن والهندسة» لقبٌ ارتبط على مر العصور بنادي الزمالك، الذي مضى على تأسيسه ثمانية أعوامٍ بعد المائة، فراح على مدار عصوره وسنين وجوده يخرج الأساطير تباعًا، بعطاءٍ لا ينتهي.


ولم يكن الفن والهندسة مصانع تُقتصر على رياضة كرة القدم فحسب، بل إن نادي القلعة البيضاء استأثر لنفسه «عمالقة كرة اليد المصرية»، فلم يكتفِ بإبراز أسماء محليةٍ أو قاريةٍ، بل تجاوز ذلك ليناطح العالمية.
أسماءٌ لمعت جيلًا بعد جيلٍ، يجري الدم في عروقها معه حب الزمالك، ويضخ القلب شريانين حمراوين متوازيين في قلوبٍ بيضاء تعلقت بحب كيان اسمه «الزمالك».


وكرة اليد المصرية هي أنجح الرياضات المصرية الجماعية على الإطلاق، فأحفاد الفراعنة كانوا في 2001 على شفا الوقوف على منصة التتويج العالمي، لولا خسارة المباراة الترتيبية للمركز الثالث أمام منتخب يوغسلافيا -سابقًا-، وبلغوا أدوار متقدمةً في مراتٍ عدةٍ، لتستحوذ رياضة كرة اليد على جزءٍ من شغف الجمهور المصري، الذي كان ولا يزال يشجع منتخب بلاده بحرارةٍ في المحافل الدولية.


وعن الحديث هنا عن أنجح مدرسة مصرية في كرة اليد، لا يمكن نكران الدور الذي يلعبه الزمالك في إخراج أعظم لاعبين مصر.

 

اقرأ أيضــا:

 

 


حكاية الأحمر بدأت صناعتها من دمنهور


في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، كان هناك نجمٌ في نادي الزمالك يُسمى مصطفى الأحمر، ولع هذا الشاب بالرياضة منذ صغره، كان يمني النفس بأن يكون لاعبًا لكرة القدم، تتهافت عليه الكاميرات، وتهتف باسمه الجماهير، ورغم عشقه لكرة القدم فإنه لم يكن لاعبًا بالقدر الذي يقتنع به المدربون في مركز شباب دمنهور، فباءت محاولاته لأن يكون نجمًا كرويًا بالفشل، ووجد ضالته في كرة اليد، التي تفتقر للشعبية الجماهيرية آنذاك.
وبعد أن التحق بفريق كرة اليد بمركز شباب دمنهور نفسه، تألق في صالات ملاعب كرة اليد، ليلتحق بالمنتخب الوطني، الذي كان حكرًا وقتها على لاعبي الأهلي والزمالك، وفي عام 1974 كانت النقلة النوعية الهائلة في مسيرته بالانضمام لنادي الزمالك.


بدأ مسيرته في الزمالك فأحرز البطولات والألقاب في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، وفي الثمانينات، قبل أن يعتزل دون أضواءٍ كالتي تحدث لأقرانه، الذين يمارسون كرة القدم.

 

 


ونتيجة ذلك، أراد مصطفى الأحمر لابنه أحمد ألا يلحق بنفس مصيره، فزرع فيه حب كرة القدم، وأن يصبح لاعبًا للرياضة الشعبية الأكبر في مصر، لكن هذا لم يفلح فيه الأب، فقد عشق ابنه كرة اليد، فكان هذا نعم الولع والعشق.
ووقتما كان مصطفى الأحمر مدربًا لنادي الزمالك، كان أحمد الأحمر، يشق طريق النجومية مع النادي، ليلمع شيئًا فشيئًا اسمه، ويصبح معشوق الجماهير البيضاء، وواحد من أساطيرها لا يقل قيمةً ولا شهرةً ولا حبًا عن أقرانه في كرة القدم.

 




ميسي كرة اليد المصرية، طرق العالمية من أوسع أبوابها فاحترف خارجيًا في نادي فلينسبورج الألماني، أحد أقوى أندية ألمانيا، وتُوج مع الفريق عام 2015 بلقب كأس ألمانيا.

 



ألقابه الفردية لا تعد ولا تحصى، ولعل أبرزها هو تحطيم الرقم القياسي لعدد الأهداف للاعب مصري في كأس العالم لليد، والذي كان مسجلًا باسم أسطورة زملكاوية أخرى هو حسين زكي، ونجح في المونديال الأخير، الذي أُقيم في ألمانيا والدنمارك في تحكيم رقم حسين زكي البالغ 221 هدفًا.

 

اقرأ أيضــا:


 

حسين زكي «الكونكورد»

وبما أن حسين زكي جاء ذكره، فكان لا بد أن نقف عند واحدٍ من أساطير اليد المصرية، ألا وهو حسين زكي، أفضل لاعب في العالم عام 1996، بعد أن قاد منتخب الشباب وقتها لبرونزية بطولة العالم.

 

 

حسين زكي، الذي بدأ رحلته الاحترافية مع الزمالك، ونال مع القلعة البيضاء 14 لقبًا مقسمًا ما بين دوري وكأس وبطولات أفريقيا، قبل أن ينطلق إلى النجومية العالمية، ويحرز لقب دوري أبطال أوروبا عام 2001 مع فريق ريال سويسداد الإسباني.

وكان حسين زكي في مونديال 2001، من أفضل سبعة لاعبين في العالم، بعد أن قاد الفراعنة إلى المربع الذهبي للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وكان وقتها حسين زكي يقود كتيبة الجيل الذهبي لكرة اليد المصرية، ولقبته وقتها الجماهير المصرية بـ"الكونكورد المصري".
 

ممدوح هاشم.. الأب والابن

وإلى حكاية نجاح أخرى في الزمالك، صنعها الأب والابن، ممدوح هاشم ونجله محمد، كتبا التاريخ في كرة اليد المصرية، فكلاهما فاز بأرفع الكئوس الأوروبية "دوري أبطال أوروبا لكرة اليد"، الوالد عام 1977، والابن مؤخرًا عام 2018 مع نادي مونبليه الفرنسي.

وكلٌ من الأب والابن، انطلقا في رحلتهما من الزمالك، وصنعا إنجازًا فريدًا، لم يقدر عليه سوى ثلاثة مصريين، كانا هما من بين هؤلاء الثلاثة رفقة حسين زكي، الذي نال اللقب الأوروبي أيضًا.

 


 

حسن يسري.. أسطورة حية


ونعرج الآن بالحديث عن حسن يسري، فربما لم ينجح هذا الاسم في بلوغ العالمية مثلما فعل رفقائه في فريق اليد بالزمالك، لكنه لمع اسمًا في قلوب الزملكاوية بعد 19 عامًا من العطاء مع الزمالك بدأت مع مطلع القرن الحادي والعشرين، وتوقفت مع عام 2018.

 

أحرز حسن يسري مع الزمالك 32 بطولة ما بين دوري وكأس وبطولات أفريقيا وبطولات عربية، وكان ضمن كتيبة الملكي، التي نالت برونزية كأس العالم للأندية في مناسبتين.
 

 

يحيى خالد.. سهمٌ قادمٌ

 

وعلى شاكلة شعار جماهير الزمالك المعتاد في فترة الانكسار "الزمالك قادم"، برز اسمٌ جديدٌ في سماء كرة اليد المصرية، اسمه يحيى خالد، الذي تألق بشكلٍ لافتٍ في مونديال اليد الأخير.

 

 

ويُنتظر من يحيى خالد أن يستجمع كل قواه، وأن يضطلع بدوره رفقة زملائه بعد عامين، حينما تعود بطولة كأس العالم لأحضان مصر من جديدٍ بعد تنظيم أول كان عام 1999، والمصريون ينتظرون من هذا الجيل الصعود على منصة التتويج هذه المرة، ولما لا من الباب الكبير، والتتويج باللقب.