من «التقسيم» لـ«التطبيع»..5 أهداف وراء بث إسرائيل مباريات المونديال

5 أهداف وراء بث إسرائيل مباريات كأس العالم
5 أهداف وراء بث إسرائيل مباريات كأس العالم

•    «يسرى»: خطوة لنسيان الشعوب العربية قضية القدس وقرار «ترامب»
•    «الفحام»: اختراق للمجتمع العربي وتقديم صورة إيجابية عن إسرائيل 
•    «المرسى»: الحل في الاتحاد المصري الخليجي
•    «نور»: خطوة جيدة لإنهاء احتكار قطرية للمباريات
 

  
أسابيع وينطلق مونديال روسيا لعام 2018، وينتظر الشعب المصري والشعوب العربية جميعها ذلك الحدث بشغف واسع خاصة مع صعود أربعة منتخبات عربية هي: مصر والمغرب وتونس والسعودية للمونديال، لكن ما يعكر صفو ذلك الحدث العالمي الحافل هو عدم نقل قنوات عربية حتى الآن - عدا قناة «بي إن سبورت» القطرية التي تحتكر حقوق البث-  وقائع المباريات بالمجان للمواطن المصري والعربي. 
 
وأعلنت سلطة البث الإسرائيلية، حصولها على حقوق بث المباريات في روسيا للمرة الأولى وطرحها مجانًا للمشاهدين في مصر والأردن ولبنان والضفة الغربية، كما نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر صفحتها على «فيس بوك» أن طاقماً من الإعلاميين سيقوم على بث مباريات المونديال باللغة العربية للدول المجاورة لإسرائيل من خلال قناة «مكان» الفضائية والتلفزيون الإسرائيلي، وقد كلفت حقوق البث السلطات الإسرائيلية مبلغ 6.3 مليون يورو، بحسب تقرير وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية، وموقع «روسيا اليوم».
 
وكانت الهيئة الوطنية للإعلام في مصر، قد أعلنت أنها لم تستقر حتى الآن على ما إذا كان سيتم شراء حقوق بث مباريات كأس العالم من عدمه، خاصة وأن المبلغ المطلوب دفعه لمنح مصر حقوق بث الدور الأول للبطولة التي ستشارك فيها مصر بأربعة مباريات، والمقدر بـ20 مليون دولار، هو مبلغ كبير ولا يمكن دفعه من جانب التليفزيون المصري.
 
وأكدت أنها تتجه لمخاطبة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» للحصول على حقوق بث مباريات الدور الأول للبطولة على التردد الأرضي، باعتبار أن مصر منتخب مشارك في كأس العالم ومن حق جمهوره متابعة البطولة على قنوات مفتوحة.
 
وفى هذا الصدد، استطلعت «بوابة أخبار اليوم» آراء الخبراء الإعلاميين والأمنيين لمعرفة أغراض إسرائيل من وراء تلك الخطوة، والمخاطر المحتملة لتعرض شعوب عربية للإعلام الإسرائيلي، والمقترحات والبدائل لمشاهدة مباريات كأس العالم بعيدا عن الإعلام الإسرائيلي.

 
«جذب الشعوب العربية»
 
في البداية، تقول د. جيهان يسري، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، إنه ليس بغريب على إسرائيل أن تستغل الآلة الإعلامية والدعاية في المواقف الدولية والعربية والمحلية الخاصة بنا، وهى أول دولة في المنطقة أصدرت القناة الفضائية الإسرائيلية، وتبين أنها جزء من الآلة الدعائية الخاصة بها، مضيفة أنها لديها إستراتيجية لجذب الشعوب العربية إلى متابعتها، وستستخدم إعلاميين عرب للتقديم والتحليل بالاستوديوهات.
 
وأضافت: «أتوقع أن تبث خلال مباريات كأس العالم وفترات الراحة بين المباريات بعض الأخبار وما يخصها ومواد إعلانية، وبالتالي تربط المواطن العربي الذي لا يعلم أغراضها بالإعلام الإسرائيلي ولا يستطيع التفرقة بين القنوات العربية الخاصة به وبين قنوات تتحدث العربية يتم بثها من الخارج، وليس كل الناس واعية ومدركة لمخاطر هذا الأمر، وهى تقوم بذلك في إطار السياسة الإعلامية الخاصة بها لجذب عدد كبير من شعوب المنطقة لها، وبالتالي المواطن العربي سيتابع الإعلام الإسرائيلي في الأسابيع الخاصة بكأس العالم، وسيعتاد على متابعة الإعلام الإسرائيلي حتى بعد انتهاء كأس العالم لمعرفة كل ما هو جديد وكل مادة إعلامية يقدمها».
 
وأضافت: «الرياضة جاذبة لأعداد كبيرة من الجمهور وبشكل يفوق متابعة المواد الإخبارية والدراما وخاصة وأنها بالمجان، وبالتأكيد أن إسرائيل لها أغراضها ولا تقدم شيء لوجه الله».
 
«نسيان القضية»

وأوضحت: «إسرائيل تهدف من وراء ذلك للاعتراف بها على المستوى الشعبي والتعامل معها على أنها دولة ضمن من الدولة المحيطة بنا، والتوغل لدى الرأي العام العربي وتشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه قضايا بذاتها، فمثلا أثناء التحليل الرياضي من الممكن أن تتناول بعض القضايا التي بها لبث وغموض وشك مثل قضية القدس، وهى ضربة قوية للشعوب العربية لتناسى قضية القدس وما يحدث بها خاصة بعد قرار ترامب وقضية العودة الكبرى».
 
وأشارت إلى أن التلفزيون المصري من الممكن أن يشتري حقوق البث خاصة للمباريات التي تشارك بها مصر والمنتخبات العربية، مضيفة أن الإعلام الخاص يجب أن يتعاون مع التليفزيون المصري في هذا الإطار لجذب انتباه الجمهور تجاه المباريات، مؤكدة أن إسرائيل ليست أغنى من الدول العربية كي تشتري حقوق البث ويعجز عنها العرب.
 
وتابعت: «ما تقوم به إسرائيل سياسة متكاملة على كافة الأصعدة وهى أمام مشكلة القدس وعليها اعتراض من الشعوب العربية، وبالتالي فتستطيع النفاذ من خلال الرياضة إلى الجمهور العربي، وللأسف الشعوب العربية سريعة النسيان، ونهتم بالإطار العاطفي فنتعاطف مع القدس ثم ننسى ثم تحدث حادثة فنتذكر القدس مرة آخري، وللأسف لا نملك إستراتيجية واضحة لمواجهة العدو على كافة الأصعدة وعلينا إعادة طريقة استخدام الإعلام والدعاية الخاصة بنا بشكل جيد».
 

«اختراق الهوية»  

فيما قال اللواء محسن الفحام، مدير مباحث أمن الدولة العليا فرع مطار القاهرة سابقا: إننا أمام مخطط كبير وهو تقسيم الوطن العربي، ومصر استطاعت أن تبطل هذا المخطط، وما تقوم به إسرائيل حاليا محاولة آخرى منها لاختراق المجتمع العربي، وخاصة  أنه لا توجد برامج إسرائيلية تذاع على التلفزيون المصري أو في الدولة العربية، وبالتالي فالطريقة الوحيدة للنفاذ للشعوب العربية هي مباريات الكرة، وخاصة أن بها اللاعب المصري الشهير محمد صلاح، والذي يتشوق الجميع لرؤيته، وكرة القدم يعشقها الملايين من الشعوب العربية باعتبارها اللعبة الشعبية.
 
وتابع:«هذه إحدى محاولات اختراق المصري المجتمع العربي، سيتخلل هذه المباريات إعلانات لمنتجات إسرائيلية، أو الترويج للمجتمع الإسرائيلي على أنه مجتمع رفاهية ومتحضر وبه فلل ومنتجعات وبه تطور وبالتالي تحدث المقارنة من المشاهدين بين المجتمع العربي والمجتمعات العربية التي تعانى من الفقر والتشرد والحروب نتيجة ثورات الربيع العربي، التأثير على الشارع العربي».
 
وأوضح:«لو ضربنا مثلا بأننا سنضع كاميرا تصوير في طائرة صغيرة لتصوير الإستاد في مصر، سنجد أن المشهد به الأولتراس يكسر الكراسي ويشعل شماريخ، أما الصورة بالإستاد الإسرائيلي مختلفة تماما، وبالتالي المشاهد العربي سيتمنى لو أنه يعيش في إسرائيل، وبالتالي يصدر لنا نوع من السخط والحنق والكراهية على بلادنا بتصدير صورة سلبية عن بلادنا ومقارنتها بصورة إيجابية لديه».
 
وتابع: «من يضمن أنه لن يدمج اللغة العربية بالعبرية، ومن يضمن أن المذيع سيكون محايدا في تناوله ومن الممكن أن يتحدث في القوميات والعلاقات المصرية والعربية الإسرائيلية وأن إسرائيل قامت بذلك مجانا لأننا أبناء عم ومنطقة واحدة».
 

«حلول بديلة للقمر الإسرائيلي»

 
وأشار إلى أن «الفيفا طلبت 42 مليون دولار حتى تنقل 3 مباريات لمصر التي تشارك فيها، ولدينا المهندس هاني أبو ريدة وهو في المكتب التنفيذي للفيفا، وأتصور أنه يستطيع إقناع الفيفا بعمل تخفيض لنقل المباريات لمصر، كما أتوقع أن تتواصل القيادة السياسية في مصر مع القيادة السياسية في روسيا لهذا الغرض أيضا من خلال القنوات الشرعية وبحكم العلاقة المميزة بين البلدين».
 
وحذر من تلقي الشعب المصري والشعوب العربية للمباريات من خلال القمر الإسرائيلي قائلا «مفيش داعي في إطار حفاظنا على هويتنا المصرية والعربية ومحاولات اختراقنا بالرياضة، ومن قبل تم اختراقنا بالأفلام الإباحية والفيسبوك والمخدرات والهجرة غير الشرعية، وكلها موجودة في كتاب حكماء صهيون كيف نخترق العرب؟».
 
 وأضاف: «على الأقل نشترى الثلاث مباريات الخاصة بمصر، وتنقل من خلال القمر الصناعي المصري والتلفزيون الأرضي خاصة وأن محمد صلاح من قرية بالغربية والفلاحين هناك بعضهم لا يملك دش وعاوزين يشوفوا مباريات الكرة لمحمد صلاح، وأتوقع أن ننقل المباراة مع السعودية من القمر السعودي مجانا، والمبارة الثانية مع روسيا وأتوقع نقلها من القنوات الروسية مجانا، وبالتالي تتبقى مباراة أورجواي ولن تكلف مصر كثيرا، ونعوض ثمنها من الإعلانات».     
 
«الاتحاد المصري الخليجي»


وقال د. محمد المرسى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الهدف الأساسي من قيام إسرائيل بذلك هو محاولة التقرب من الشعوب العربية، والسعي لكسب بعض التعاطف من البعض، السعي الإسرائيلي المتواصل لتقبل فكرة أن دولة إسرائيل موجودة وواقع فعلي، وفكرة التعود علي مشاهدة إعلامها المرئي بحيث يصبح مع الزمن شيئا طبيعيا، وبما يرسخ من تقبل فكرة وجودها.


وتابع أن هناك هدف آخر غير مباشر وهو أنها تستطيع أن تقدم من خلال إعلامها ما يعجز عن تقديمه إعلامنا، فنقل إسرائيل لهذه المباريات له أهداف سياسية قبل أن تكون رياضية.


وأقترح أنه يجب التحرك السريع لعقد اتفاقات لنقل مباريات كأس العالم فهي متعة ينتظرها المواطن المصري والعربي كل ٤ سنوات خاصة مع وصول منتخبات عربية مهمة لمونديال هذا العام، كما يمكن تنظيم تكتل يضم مصر وبعض دول الخليج للتعاقد علي بث هذه المباريات مهما كلفتها، خاصة أن الإعلانات وقتها يمكن أن تأتي من المنطقة العربية بكاملها بما يغطي تكاليفها.

 

«إنهاء احتكار القناة القطرية»

 

وقال اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمني، إن بث إسرائيل لمباريات كأس العالم خطوة جيدة لإنهاء احتكار قناة «بى إن سبورت» القطرية لبث مباريات كأس العالم، وخاصة وأنها تبث بالعربية.


ونصح المشاهدين في حال مشاهدة المباريات على القمر الإسرائيلي عدم التعرض للمواد الإعلانية الخاصة بها، ويتم التعرض فقط للمباريات وبعد ذلك نترك القمر الإسرائيلي، لأن إسرائيل لا تعمل شيء لوجه الله، وإنما نوع من التطبيع والتعرف على قنواتها ومشاهدة إعلاناتها، والتعود على القمر الصناعي الخاص بها.


ولفت إلى أن الأجهزة المعنية في مصر عليها متابعة أهداف وأغراض إسرائيل من وراء ذلك أثناء عرض المباريات، ورصد المواد الإعلامية والإعلانية المصاحبة للمباريات.