والبرادعي ليس سياسيًا..

«الغزالي حرب»: وصول «الإخوان» للسلطة خلصنا منهم للأبد..«حوار»

د.أسامة الغزالي حرب خلال حواره للأخبار
د.أسامة الغزالي حرب خلال حواره للأخبار

- إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل حق لكل مواطن.. ولا أرفض زيارة تل أبيب


- شعرت بالتوريث من حديث أسامة الباز عن جمال مبارك.. وكتابة مذكراتي مشروعي القادم


- تعويم الجنيه أهم إنجازات السيسي.. وثماره سيشعر بها المصريون على المدى البعيد

 

حالة شديدة من الحيرة انتابتني وأنا أجهز للحوار مع السياسي البارز د. أسامة الغزالي حرب، فمواقفه المعلنة تبدو للمتابع متناقضة مع بعضها، فهو من اعتبر أن وصول الإخوان للحكم أفضل من نظام مبارك المستبد، وهو في نفس الوقت ذلك الشخص الذي شارك في مشهد 30 يونيو لإقصائهم، كما أنه كان عضوًا بمجلس السياسات التابع للحزب الوطني الذي يرأسه رأس النظام الذي رأى أن الإخوان أفضل منه، قبل أن يقرر الاستقالة منه، بدعوى أنه شعر بمشروع توريث الحكم لنجل الرئيس يطبخ في هذا المجلس.

 

قبل أن أبدأ بطرح أسئلتي التي استخدم «د. حرب» كثيرا للرد عليها كلمة «الديمقراطية» لتبرير ما أعتقدت أنه متناقضا، شعرت بنفس الحيرة وأنا أتجول بعيني في محيط المكان الذي اختاره لإجراء الحوار، فأمامي كانت توجد مستنسخات أثرية تضفي طابعا فرعونيا على المكان، وفي الصالون المجاور لجسلتنا كان الطابع الإسلامي واضحا في الديكور، بينما كان المكان الذي جلسنا فيه أقرب إلى الطابع الأوروبي.

 

أعطاني ذلك انطباعا أنني أمام مجموعة من الأشخاص تجسدوا في شخصية رجل واحد، وهو ما تأكد لدى بعد دقيقة واحدة من الجلوس معه، فذلك الرجل المضياف «ابن البلد» الذي ألحَّ كثيرا علىّ لتناول مشروب ساخن أو بارد قبل إجراء الحوار، هو نفسه الذي يبدو أوروبي السلوك بحرصه على تدليل كلبه الألماني الذي أزعجنا كثيرا خلال الحوار.

 

وعبر أكثر من 30 سؤالا وجهتها «الأخبار» إلى «د. حرب»، حاولنا  التجول بين الماضي والحاضر والمستقبل، كان اللافت أنه لا يعترض على أي سؤال، بل إنه كان دائما ما يحفزني على طرح كل ما لدي من تساؤلات حتى وإن شعرت أنها ستكون مزعجة بالنسبة له، وردد كثيرا أن السياسي يجب أن يتوقع دوما الأسئلة المزعجة.. وإلى نص الحوار.

 

أين اختفى د. أسامة الغزالى حرب، هل هناك سبب لهذا الاختفاء أم أنه قرار شخصي؟

- يبتسم قائلا: إذا كنت تقصد بالإختفاء عدم المشاركة في الأنشطة العامة، فهذا بالفعل قرار اتخذته، وهو الابتعاد عن العمل السياسي المباشر، والاكتفاء بعمود يومي أكتبه بجريدة الأهرام وأنشطة أشارك فيها من حين لآخر، كحضور مؤتمرات وندوات، كلما أتاحت لي الظروف ذلك.. وأتمنى أن أتمكن خلال الفترة المقبلة من كتابة مذكراتي الشخصية، لأن لدي العديد من التجارب سواء في مجال السياسة أوالصحافة، والتي ستكون مادة ثرية للمذكرات.

 

علاقة ملتبسة


من المؤكد أن علاقتك بنظام مبارك ستكون مادة أساسية في هذه المذكرات، لاسيما أنها علاقة تبدو وكأنها ملتبسة؟

- تختفي الابتسامة من وجهه لتفسح المجال لملامح جادة، قبل أن تنطلق الكلمات من فمه سريعة قائلا: ولماذا تراها ملتبسة؟.. هذه أكثر الجوانب وضوحا في مساري السياسي، فخلال الفترة من 1995 حتى 2010 كنت عضوا معينا بمجلس الشورى، وعندما عرض عليّ صفوت الشريف في 2010 تجديد عضويتي رفضت، لشعوري بأن الأمور لا تدار في البلد على النحو الصحيح، وطبعا قبل هذا التاريخ كنت قد شاركت في تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية مع المرحوم الراحل د.يحيى الجمل، وأصبحت رئيسا له في 2008.. وأفخر بدور الحزب في ثورة يناير، ومثل إثنان من كوادره الشباب في لجنة كتابة الدستور بعد الثورة.

 

 لا أحد ينكر دور الحزب، ولكني شعرت أنك من خلاله وكأنك تمسك العصا من المنتصف، بحيث تكون قد وضعت قدم خارج النظام، بينما لاتزال القدم الأخرى داخله من خلال عضوية الحزب الوطني وعضوية مجلس الشورى التي استمرت حتى 2010؟

- شعر د. أسامة بأن لهجتي أثناء طرح السؤال منخفضة خشية أن يضايقه السؤال، فشجعني على طرح كل ما لدىّ من استفسارات، قبل أن يرد على السؤال قائلا: للعلم أنا لم أكن عضوا بالحزب الوطني، ولكني كنت عضوا بلجنة السياسات.

 

وهل هناك فرق، فمجلس السياسات أحد كيانات الحزب الوطني؟

-  يصمت لوهلة قبل أن يقول: مجلس السياسات كانت فلسفة إنشائه أن يكون كيانا موازيا للحزب الوطني، وإن كان رسميا يتبع للحزب، وبدت هذه الرؤية من الأنشطة التي كان يمارسها المجلس، حيث ظهر وكأنه هو الحزب، ومعلوم للجميع أني استقلت منه بسبب شعوري بأن الهدف منه هو تهيئة جمال مبارك لتوريث الحكم له.

 

وكيف تم تعيينك بهذا المجلس؟

- تعود الابتسامة لوجهه قبل أن يقول: جاءت عضويتي من خلال تعرفي على جمال مبارك عبر قناة غير سياسية، وتعود قصة تعرفي عليه إلى اتصال تلقيته من صديقي د.أسامة الباز يعرض عليّ مساعدة جمال مبارك فى إنشاء مكتبة رئاسية خاصة بوالده، حيث كان قد سافر إلى الولايات المتحدة مع والده في أحد المهام، وأعجب بفكرة المكتبات الرئاسية التي تضم كل شيء عن الرئيس، وطلب مني د.الباز مساعدة جمال فى إنشائها.. وفى سياق هذا العمل شعرت ببوادر التوريث، وكان ذلك واضحا من حديث د.أسامة الباز كثيرا عن جمال مبارك، وتركيزه الدائم على أنه شاب طموح ولديه رؤية وفكر، ثم جاء تشكيل مجلس السياسات وعرض عليّ جمال المشاركة فيها.

 

بوادر التوريث

 

ولماذا لم ترفض المشاركة طالما أنك شعرت ببوادر التوريث، فالسبب المعلن لاستقالتك من المجلس هو رفضك للتوريث؟

- تظهر علامات الارتباك على وجهه قبل أن يقول باستفاضة: ربما وأنا أتحدث معك الآن لم أرو الأحداث بترتيبها، ولكن المؤكد بالنسبة لي أنه في سياق عمل مجلس السياسات بدأت الأمور تتضح ووجدت أن التوريث أصبح واقعا لا شك فيه، واتضح بما لا يدعو مجالا للشك أثناء تغيير المادة 76 من الدستور والتي اعترضت على تغييرها في مجلس الشورى، وهنا قررت الاستقالة وشارك حزب الجبهة الديمقراطية الذى كنت اترأسة فى التمهيد لثورة 25 يناير وكان أول من احتضن د. محمد البرادعى بعد عودته لمصر، وهو الرجل الذى كان نظام مبارك غاضبا منه، بل ويعتبره الشيطان الأكبر.

 


استقالة البرادعى

 

بما أنك طرحت احتضان حزبك للبرادعي كأحد أهم الإنجازات السياسية، أحب أن أعرف رأيك فى تقييم المفكر الكبير د. جلال أمين للبرادعى والذى أعلنه فى حوار أجريته معه، حينما قال لى إنه «شخص محدود الفكر والقدرة على التعبير»؟

- يصمت لوهلة قبل أن يقول: لا أستطيع أن أقول إنه محدود الفكر، بل بالعكس لديه فيض من الأفكار، ولكنه يعانى من عدم القدرة على التعبير باللغة العربية، بما يجعله يتلعثم كثيرا أثناء الحديث، ولكنه عند الحديث بالإنجليزية يبدو أفضل بكثير.

 

 ألا يعيب من يقدم نفسه كسياسى فى دولة عربية عدم إجادته للحديث بالعربية؟

- تخرج الكلمات من فمه سريعة: ومن قال إن البرادعى سياسى.. فهو رجل دبلوماسى طلبنا منه للأسف أن يكون سياسيا، والرجل بذل أقصى جهد فى هذا الإطار.

 

بما أنه دبلوماسى وليس سياسيا، فلماذا قبل وظيفة نائب الرئيس بعد عزل مرسى، أليست هذه الوظيفة سياسية؟

- يضحك قبل أن يقول: ولهذا السبب هو استقال من الوظيفة وغادر البلد إلى الخارج مرة أخرى بطريقة مازلت أرى أنها لم تكن صحيحة.

 

 

التصريحات الدبلوماسية

 

شخصية الدبلوماسي وليس السياسي التي تراها مناسبة أكثر للبرادعي، أراها تنطبق عليك أيضا، فتصريحاتك أحيانا كثيرة تكون محيرة مثل كثير من التصريحات الدبلوماسية؟

- يظهر على وجهه اهتمام شديد بالسؤال، قبل أن يقول: مثل ماذا؟

 

قلت في حوار مع جريدة الشروق فى يوليو 2015 أن الديمقراطية أوصلت الإخوان للحكم، وكتبت فى مقال لك أن السفيرة الأمريكية تدخلت لإعلان فوز مرسى بالانتخابات.. ألا ترى أن بين الموقفين تناقض؟

- استمرت علامات الاهتمام الشديد واضحة على وجهه قبل أن يقول: الانتخابات من حيث تفاصيلها كوجود مرشحين وناخبين وإشراف قضائى ورقابة دولية كانت عملية سليمة وديمقراطية لا أحد ينكر هذا، ولكن فارق الـ200 ألف صوت بين محمد مرسى وأحمد شفيق، هو الموقف الكلاسيكي الذي يسمح بحدوث التلاعب، وإعلان فوز مرشح على حساب الآخر.. وبالمناسبة من النعم الكبيرة التى أنعم الله بها على مصر أنهم استلموا الحكم كى نتخلص منهم للأبد.

 

أعتقد أن التلاعب في صوت واحد يسحب منها صفة الديمقراطية؟

- كان متكئا بظهره على الكرسى فاستقام مستخدما الإشارة بيديه وهو يواصل شرح فكرته قائلا: لماذا أنت مصر على وجود تناقض.. فأعتى الديمقراطيات فى العالم وهى أمريكا حدث فيها هذا الأمر، ففى الانتخابات الأمريكية عالم 2000 كان هناك اتهام بحدوث تلاعب ليفوز المرشح الجمهورى جورج بوش الابن على حساب منافسه الديمقراطى آل جور، فهل تستطيع أن تقول إن الانتخابات فى أمريكا لم تكن ديمقراطية.

 

وما مصلحة الدولة أن يفوز مرسي؟

- يضحك قائلا: هذا السؤال لا يوجه لى.

 

ترشيد النظام

 

كرهك للإخوان يتضح جدا، ولكن يبدو أنك كنت حريصا على توجيههم كى يستمروا فى الحكم فترة أطول؟

- تبدو علامات الدهشة على وجهه قبل أن يسأل: كيف وصلك هذا الإحساس؟

 

في مقال لك بالأهرام فى 4 ديسمبر 2012 نصحت الرئيس المعزول محمد مرسى بحل جماعة الإخوان والاكتفاء بحزب الحرية والعدالة، وقلت فى مقالك إن هذه الخطوة سترفع رصيده كثيرا لدى الشارع المصرى؟

- يصمت لوهلة قبل أن يقول وقد ارتفعت نبرة صوته قليلا: بالرغم من رفضى للإخوان، إلا أننى لابد أن أكون متسقا مع نفسى كرجل ليبرالى، وأتقبل نتائج الديمقراطية التى أوصلتهم للحكم، وتكون وظيفتى كباحث سياسى السعى لترشيد النظام للحفاظ على طابع الدولة.

ويبتسم ابتسامة ساخرة قبل أن يضيف: لكن الحمد لله لم يكن مرسى ومن معه لديهم القدر من الوعى، فظلوا على طريقتهم التى جعلت الناس تلفظهم خلال وقت قصير جدا لم يتوقعه أى باحث سياسى.

 

ولكن بدا لى أحيانا فى موقفك من الإخون، أنك لم تكن مهتما فقط بترشيد النظام، ولكن سعيت فى أحيان أخرى للترويج له.؟

- يبدى إزعاجا شديدا قبل أن يسأل: وكيف وصلك هذا الإحساس؟

 

وصلنى من تصريح منسوب لك، قلت فيه إنه إذا كانت المفاضلة بين نظام مبارك المستبد والإخوان، فأنت تقبل الإخوان؟

- تخرج الكلمات من فمه سريعة قائلا: هذا ليس اختيارا للإخوان، ولكن اختيار للديمقراطية التى أوصلتهم للحكم.. فأنا أكره الإخوان بنسبة 100%.

 

هم وصلوا للحكم بالديمقراطية كما تقول، فكيف تروج لهم رغم أن لك كتابات كثيرة تحدثت عن سلبياتهم؟

- يصمت لوهلة قبل أن يقول: ليس ترويجا ولكنه احترام للديمقراطية التى أوصلتهم، فالمفاضلة ليست بين الإخوان وغير الإخوان، ولكنه بين الديمقراطية وغير الديمقراطية.. فهم وصلوا للحكم بهذا المنطق وتخلصنا منهم أيضا بهذا المنطق.

 

احترام الديمقراطية

 

ولكنك كباحث سياسي كتبت كثيرا عن سلبياتهم، التي من بينها أنها جماعة لا تؤمن بالديمقراطية، فهل كنت تتوقع منهم احترام الديمقراطية التي أوصلتهم؟

- يطلق تنهيدة عالية، قبل أن يقول: كل الديكتاتوريات فى العالم وصلت بالديمقراطية، فهتلر وصل للحكم فى ألمانيا بالديمقراطية وكذلك موسيلينى فى إيطاليا، ومع الممارسة العملية لم يتمكنوا من الاستمرار، ورسبوا فى اختبار الحكم.

 

وهل الوضع فى مصر كان يتحمل الاختبار؟

-  تنخفض نبرة صوته قليلا قبل أن يقول: أنا كنت مساندا لديمقراطية العملية الانتخابية، وليس الإخوان، أتمنى أن تكون الرؤية قد اتضحت.

 

وهل يملك الإخوان فرصاً للعودة مرة أخرى للمشهد في مصر؟

-  يكتسى وجهه بملامج جادة قبل أن يقول: لا توجد لهم فرصة، لأن منطقهم يتناقض مع ثقافة الشعب المصرى الذى يرفض التجارة بالدين، فمصر دولة عريقة عرفت الأديان منذ أخناتون، وشعبها يفصل بين الدين والدولة، ومن ثم فإن الإخوان جاءوا ليبيعوا المياه فى حارة السقايين، ويحاولون خداع المصريين بالمتاجرة بالدين، وقد فهم الشعب ذلك ولفظهم للأبد، فالقضية هنا ليست سياسية، ولكنها تتعلق بثقافة الشعب.

 

الإخوان وسامي عنان

 

ولكن بعض المحللين ذهبوا إلى أن هناك خيطا يربط بينهم وبين سامى عنان.. هل كانوا يرون فيه فرصة للعودة للمشهد مرة أخرى؟

- يبتسم ابتسامة ساخرة قبل أن يقول: فلول الإخوان، كانوا سيؤيدون أى مرشح ينافس الرئيس السيسى فى الانتخابات، فالسيسى هو عدوهم الأول.. أما بالنسبة لعنان، كم كنت أتمنى أن تسمح الظروف لأن يكون منافسا فى الانتخابات، فاختياراته لفريقه الانتخابى تكشف عن فكره، فهشام جنينة رجل ليس له أى علاقة بالسياسة والآخر حازم حسنى أستاذ فى الإحصاء يرتدى ثوب أستاذ علوم سياسية، وأنا لا أحترمه بسبب كذبه.. واللافت ان قنوات الإخوان صنعت منهم أبطالاً.

 

على ذكر قنوات الإخوان ما أكثر ما يزعجك فيما تبثه؟

- يبتسم ابتسامة ساخرة تبدو متناقضه مع مضمون السؤال شديد الجدية، قبل أن يقول: الأمر المثير للسخرية أن تكون أهم إنجازات السيسى من وجهة نظرى هى ما يستخدمه معارضوه لمحاولة النيل منه.. فتعويم الجنيه من وجهة نظرى هو أهم إنجاز، صحيح أنه تسبب فى غلاء الأسعار، لكنه على المدى البعيد سيصب فى صالح المواطن، حيث سيعود بالنفع على قطاع السياحة، لأنه رفع القيمة الشرائية للدولار، وأنهى السوق السوداء فى الدولار، وأصبحنا دولة محترمة يوجد بها سعر موحد للدولار.

 

أشعر بحالة السعادة التى تبدو واضحة عليك وأنت تتحدث عن قرار تعويم الجنيه، فما هو القرار الآخر الذى يمكن أن يجعلك تشعر بقدر أكبر من السعادة؟

- يصمت لفترة تطول بعض الشيء قبل أن يكررها ثلاث: التعليم ثم التعليم ثم التعليم، وأتمنى أن تحمل الفترة الرئاسية القادمة للرئيس السيسى مزيدا من الاهتمام به.

 

تجربة صحراء النقب

 

كنت أتوقع أن تكون إجابتك هى إنشاء وزارة لتنمية سيناء، فهذا كان حلمك الذى عبرت عنه أكثر من مرة فى مقالاتك؟

- تظهر على وجهه ابتسامة عريضة قبل أن يقول: أنا سعيد جدا بتعليقك هذا، فأحد أمنياتى للفترة الرئاسية المقبلة أن تشهد سيناء تنمية شاملة، ولا يوجد ما يمنع تركيز هذا الجهد من خلال وزارة خاصة بذلك، فسيناء منطقة بكر وما نفذ لتنميتها لا يتعدى 2 % فقط، ولايزال هناك الكثير المطلوب عمله لتنميتها عبر مشروعات صناعية وسياحية وتوطين للسكان.. وأتمنى فى هذا الإطار دراسة تجربة إسرائيل مع صحراء النقب، وكيف استطاعت الاستفادة منها عبر مشروعات تدر عليها المليارات.

 

وكيف نستطيع فعل ذلك فى ظل وجود الإرهاب؟

- تخرج الكلمات من فمه سريعة: عندى أمل أن تنجح العملية الشاملة سيناء 2018 فى دحر الإرهاب، لتبدأ عملية التنمية الشاملة والتى هى أكبر وقاية لسيناء من الإرهاب.

 

هل دعوتك للاستفادة من التجربة الإسرائيلية تعود إلى إيمانك بفكرة أن يتعلم الإنسان من عدوه؟

- يومئ بالموافقة على كلامى قبل أن يقول: طبعا لا يوجد ما يمنع ذلك.

 

ولهذا السبب كنت من مؤيدى زيارة د.سعد الدين إبراهيم الأخيرة لإسرائيل، ووجهت انتقادات لاذعة لمنتقديه؟

- تظهر مشاعر الحماس واضحة على وجهه قبل أن يقول: أنا ضد من يحجر على حق أى شخص فى زيارة إسرائيل.. فمن حق أى مواطن إقامة علاقات طبيعية مع إسرئيل، فالسياح الإسرائيليون يأتون إلينا بالآلاف سنويا، فلماذا لا نذهب نحن.. وهم يعرفون كل شيء عنا، بل إنهم أعلنوا العام المقبل فى الجامعة التى استضافت د.سعد الدين إبراهيم لدراسة 100 عام على ثورة 1919، فتخيل درجة متابعتهم لك وصلت إلى هذا الحد، وأنت فى مواجهة كل ذلك تغمض عينيك بسبب مناهضى التطبيع.

 

زيارة إسرائيل
 

أفهم من ذلك أنك لا تمانع من زيارة إسرائيل لو وجهت لك دعوة؟

-  بلهجة غير واثقة يقول: يمكن أن أذهب لكن لا أسعى لذلك.

 

أشعر أن إجابتك تحتاج لمزيد من التوضيح؟

-  إذا جاءتنى دعوة يمكن أن أقبلها، ولكن سأفكر كثيرا ليس لعدم اقتناعى بالسفر ولكن خشية الصخب الذى سيحدثه السفر، ولكن ما يطلقون على أنفسهم رافضى التطبيع هم فى نظرى مجموعة من الجهلاء الذين يحكم تصرفاتهم مشاعر عاطفية ليس لها أى أساس منطقى أو عقلانى.

 

هؤلاء ينطلقون فى موقفهم من تأييد القضية الفلسطينية ورفض الممارسات الإسرائيلية مع الفلسطينيين؟

- يبتسم ابتسامة ساخرة قبل أن يشير بإصبعه تجاهى قائلا: وهل معنى موقفى من زيارة إسرائيل تأييدى لما تفعله فى فلسطين، فلماذا نخلط الأوراق.. هذا تفكير عاطفى لم يعد له وجود.

 

أحيانا تكون العاطفة مطلوبة.. لماذا تنكرها عليهم؟

-  يكتسى وجهه بملامح الجدية قبل أن يواصل أسئلته: أيهما أشد قسوة، ما فعلته أمريكا مع اليابان فى الحرب العالمية الثانية عندما دمرتها بالقنبلة النووية، أم ما فعلته إسرائيل مع فلسطين؟.. الإجابة هى: قطعا ما فعلته أمريكا، ولكن اليابانيين تجاوزوا ذلك وأصبحت هناك علاقات طبيعية تصل إلى درجة التحالفات بينهم وبين أمريكا.. فحرصنا على إغماض أعيننا عن العدو بحجة رفض التطبيع ينم عن الضعف وعدم الثقة بالنفس.