ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن قرار سحب روسيا "جزءا أساسيا" من قواتها من سوريا كان بمثابة مفاجأة للجميع تقريبا بما في ذلك البيت الأبيض والمعارضة، وللرئيس السوري بشار الأسد.

وقالت الصحيفة – في سياق تقرير نشرته الثلاثاء 15 مارس على موقعها الإلكتروني – إن الأنباء جاءت على عكس مجرى النقاش الذي أحاط بالتدخل الروسي في سوريا والذي بدأ الصيف الماضي بين من رأوه خطوة تكتيكية ذكية ومن اعتقدوا أنه خطأ استراتيجي فادح.

وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كانت هذه حالة أخرى يتمكن فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التفوق بالذكاء على الغرب وحلفائه في المنطقة أم مؤشر على إدراك الزعيم الروسي أنه يحاول من أجل شيء يصعب تحقيقه.

وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاولت جاهدة في بادئ الأمر الخروج برد على الانسحاب الروسي حيث قال مسئول كبيرة بالإدارة "رأينا تقارير عن القوات الروسية في سوريا. ونتوقع معرفة المزيد بشأن هذا في الساعات القادمة"، فيما قال آخر إن "الأمر سيستغرق عدة أيام لتحديد المسار الحقيقي للتحرك الروسي".

غير أن البيت الأبيض دفع بشكل ثابت بأن بوتين خاطر ليجد نفسه في مستنقع سوري وذلك خلال مقابلات نشرتها مجلة "ذي أتلانتيك" مع أوباما الذي قال إن "روسيا منهكة. والروس ينزفون. فاقتصادهم انكمش للعام الثالث على التوالي بشكل هائل".

وقال ديريك تشوليت، وهو مسئول كبير سابق بالبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، إنه "من المبكر جدا إصدار حكم على عدد القوات الروسية التي ستنسحب بالفعل"، لكنه أشار إلى أن هذه الخطوة تعدا اعترافا بأن روسيا واجهت الكثير من الأعباء.

وأضاف تشيلوت "لم يحقق التدخل الروسي في سوريا مفهوم النجاح، لذلك فهذه تبدو بالنسبة لي محاولة من جانب بوتين لتحقيق نصر من براثن الهزيمة".

ولفتت الصحيفة إلى أنه في حال كان الانسحاب الروسي حقيقيا فإن هذا يمكن أن يكون مؤشرا لنظام الأسد لضرورة الانخراط بجدية في محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة والجارية من جديد.

وقال رئيس مجموعة أوراسيا للاستشارات السياسية، كليف أوبتشان، إن "بوتين يضغط بشكل واضح تماما على الأسد من أجل المشاركة بجدية في المحادثات بهدف التوصل لترتيب تقاسم للسلطة في الأمد القريب وإصلاح للدستور وانتخابات على المدى الطويل. وتشير الخطوة الروسية المفاجئة إلى أن الأسد كان يمانع تحقيق على الأقل بعض هذه الأهداف". وأضاف أوبتشان "تريد النخبة الروسية أن تتخلص من الضغط بعد عامين من العقوبات المتعلقة بأوكرانيا".

ومع ذلك فإن منتقدي إدارة أوباما في الداخل قالوا إن بوتين يعلن الانسحاب لأنه حقق بالفعل معظم أهدافه في سوريا حيث قال السيناتور جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، إن "الزعيم الروسي يمكنه تحمل سحب بعض قواته لأن نظام الأسد تم إنقاذه بالفعل. فقد أشار بوتين إلى أنه قصف وقتل ما يكفي من خصوم نظام الأسد الدموي لضمان نجاته".