شهدت مدن أوروبية عدة، بينها لندن وفيينا وأثينا، تجمعات من أجل المطالبة باستقبال اللاجئين، فيما شهدت العواصم الأوروبية تظاهرات مضادة، بعد إبرام اتفاق غير مسبوق ومثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يهدف إلى وقف تدفق اللاجئين.

والإجراء الرئيسي في هذا الاتفاق هو إعادة كل المهاجرين الجدد، الذين يصلون اعتباراً الأحد 20 مارس إلى الجزر اليونانية، إلى تركيا، بما في ذلك جميع طالبي اللجوء السوريين الفارين من الحرب.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو الجمعة 18 مارس «إنه يوم تاريخي». وأضاف «أدركنا اليوم ان تركيا والاتحاد الأوروبي يجمعهما المصير ذاته والتحديات ذاتها والمستقبل ذاته».
ومع أزمة إنسانية تلوح في اليونان، حيث ما زال 46 ألف مهاجر عالقين في ظروف سيئة منذ إغلاق طريق البلقان، بات الأوروبيون تحت ضغط كبير للتوصل إلى حل.
وشهد الاتحاد الأوروبي الذي استقبل عدداً يفوق طاقته من اللاجئين بلغ 1.2 مليون شخص العام الماضي فارين من الحروب في سوريا والعراق وأفغانستان، انقسامات في الأشهر الأخيرة حول كيفية التصدي لهذه الأزمة.
وكانت بعض الدول متحفظة حتى اللحظة الأخيرة بسبب تخوفها من عدم شرعية طرد طالبي اللجوء، أو بسبب ترددها في تقديم تنازلات أكبر من اللازم لتركيا المتهمة بالنزعة إلى الاستبداد في الحكم.
وقال دبلوماسي أوروبي «إنه ليس اتفاقاً جيداً جداً، لكننا مضطرون لذلك. لا أحد يعتز بذلك، لكن لا بديل لدينا».
ورأت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إن طريقة تطبيق الاتفاق ستكون «حاسمة». وأضافت في بيان أن «اللاجئين يحتاجون إلى الحماية لا إلى الرفض».
وأكدت المفوضية الأوروبية أن آلية تطبيق الاتفاق تحترم القانون الدولي. فسيكون لكل لاجئ يصل إلى السواحل اليونانية اعتباراً من الأحد الحق في دراسة ملفه، والحق في أن يستأنف قرار إبعاده.
واعترف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن «عملاً هائلاً ينتظرنا». ويفترض أن تقام وسائل لوجستية معقدة في الجزر اليونانية خلال فترة زمنية قياسية.
وتعهد الأوروبيون باستقبال لاجئ سوري من تركيا مقابل كل سوري يتم إبعاده. لكن سقف هذا العدد في أوروبا حدد بـ72 ألف شخص.
وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي لعبت دوراً أساسياً في وضع الاتفاق إن عمليات الإبعاد «ستبدأ اعتباراً من الرابع من أبريل».
ووافق الأوروبيون على تسريع إجراءات تحرير تأشيرات الدخول للأتراك، لكنهم أكدوا أنهم لن يساوموا على المعايير التي يجب توفرها.
وقد تمكنوا من تجاوز تحفظات قبرص الكبيرة ليعدوا تركيا بفتح فصل جديد (يتعلق بالمالية والميزانية) من مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
وعلى الصعيد المالي تعهد الاتحاد الأوروبي بتسريع دفع مساعدة تبلغ ثلاثة مليارات يورو، وعدت بها تركيا من قبل لتتمكن من التكفل بـ2.7 مليون لاجئ سوري على أراضيها. وقد فتح الباب لمساعدة أخرى بالقيمة نفسها بحلول 2018.
وفي مواجهة الانتقادات كرر الأوروبيون انه يجب توجيه رسالة قوية «لكسر تجارة المهربين» في بحر ايجة، حيث لقي أكثر من 460 مهاجراً حتفهم غرقاً منذ بداية العام.
ومنذ بداية السنة، وصل أكثر من 143 ألف مهاجر إلى اليونان عبر تركيا. وعبر اليونان وحدها العام الماضي أكثر من مليون مهاجر.
غير إن إغلاق «طريق البلقان» في الأسابيع الأخيرة دفع اليونان إلى وضع بالغ الصعوبة.
يؤكد الاتحاد الأوروبي استعداده للتحرك في حال انتقلت طريق الهجرة إلى ليبيا أو بلغاريا. وقد تمت إغاثة آلاف المهاجرين القادمين من ليبيا خلال ثلاثة أيام فقط في جنوب المتوسط، ما يبعث مخاوف من فتح جبهة جديدة في أزمة الهجرة.