هكذا الوصفة في البرازيل.. استضافة كأس العالم لكرة القدم والفوز باللقب للمرة السادسة في إنجاز قياسي جديد.. ثم ركوب موجة النشوة الوطنية لقضاء أربع سنوات أخرى في السلطة. لكن حزب العمال الحاكم في البرازيل ربما لا يجد الأمر سهلا هكذا، ولا يقدم التاريخ الحديث أدلة تذكر على وجود علاقة بين التتويج بكأس العالم والفوز بالانتخابات رغم التكهنات التي لا تنتهي بعكس ذلك بين البرازيليين من مختلف الأطياف السياسية. وأفضل ما يمكن أن تطمح إليه الرئيسة ديلما روسيف هو الحصول على دفعة مؤقتة لو تحقق انتصار في البطولة محط الأنظار بالنسبة للفريق صاحب الأرض في يوليو تموز لكن حتى هذه الدفعة قد تتلاشى خلال أسابيع قليلة ليتبقى أكثر من شهرين على مواجهة الواقع في الانتخابات المقررة في الخامس من أكتوبر المقبل. أما الأسوأ فقد يصل لرغبة عارمة في التغيير لدى البرازيليين لو تعثر المنتخب الوطني وخرج من الدور الأول في البطولة، وفي حالة خروج المنتخب الوطني من البطولة فقد تخرج أعداد أكبر من البرازيليين إلى الشوارع لينضموا لمظاهرات تناهض استضافة النهائيات وربما تخلق موقفا ملتهبا يصعب على روسيف التعامل معه. والآن فإن ما كان يفترض أن تصبح لحظة للفخر الوطني تحولت إلى حقل ألغام سياسي للرئيسة التي تعاني بالفعل من تراجع في شعبيتها. والعام الماضي اجتذبت مظاهرات صاحبت كأس القارات مئات الآلاف نزلوا للشوارع ورفعوا بشدة السقف السياسي في كأس العالم التي ستنطلق في 12 يونيو حزيران المقبل في ساو باولو. ومؤخرا قال إدواردو كامبوس وهو أحد الخصوم الرئيسيين لروسيف متحدثا لرويترز إن كأس العالم قد يكون لها بعض التأثير على توجهات التصويت بعد انتهاء المنافسات مباشرة. وأضاف "لكن مظاهر أخرى للقلق ستطفو سريعا على السطح." ويبدو أن علم السياسة يدعم هذا بالفعل. فتحقيق انتصارات رياضية قبل عشرة أيام من انتخابات قد يمنح نسبة تتراوح بين 1 و2 بالمائة إضافية في التصويت لكن المباريات التي تقام قبل فترة تتجاوز أسبوعين من موعد استحقاق انتخابي يكون لها القليل من الأثر مثلما تشير دراسة أعدها باحثون من كلية ستانفورد للأعمال في 2010. وهذا في جزء كبير منه ما حدث في البرازيل، فمنذ 1994 يتزامن موعد نهائيات كأس العالم كل أربع سنوات مع الانتخابات العامة في البرازيل، ففي ذلك العام قبل 20 عاما فازت البرازيل بلقب كأس العالم وكذلك طبقت خطة للاستقرار الاقتصادي شملت تدشين عملة جديدة هي الريال. ولاحقا قال الرجل الذي وضع الخطة وهو فرناندو انريكي كاردوسو إن المزاج العام المتفائل بعد الانتصار ربما ساعد على نجاح العملة التي أدت لانتخاب كاردوسو للرئاسة في وقت لاحق من ذلك العام، لكن بعدها خفتت هذه العلاقة. ففي 1998 أعيد انتخاب كاردوسو رغم هزيمة المنتخب الوطني في المباراة النهائية لكأس العالم أمام فرنسا. وبعدها بأربع سنوات هزمت البرازيل ألمانيا لتتوج باللقب العالمي للمرة الخامسة لكن زعيم المعارضة لويس ايناسيو لولا دا سيلفا تغلب على المرشح الذي دعمه كاردوسو في الانتخابات. وانتصر لولا بسهولة في الانتخابات التالية في 2006 رغم أنه العام الذي فشلت فيه البرازيل في تجاوز دور الثمانية بكأس العالم بخسارتها أمام فرنسا. وفي المرة التالية في 2010 حققت روسيف الفوز بدعم من لولا رغم أنه كانت قد مرت أشهر قليلة على الفشل في كأس العالم بجنوب إفريقيا بالخسارة أمام هولندا في دور الثمانية. والفارق الكبير هذه المرة هو إقامة كأس العالم في البرازيل وهناك أشياء تتجاوز في أهميتها بكثير ما قد يحققه نجوم المنتخب البرازيلي مثل نيمار، وأشياء كثيرة أخرى قد تسوء خارج أرض الملعب. فضعف حالة المواصلات قد تمنع الفرق ومشجعيها من الوصول لخوض المباريات في الوقت المحدد. كما بنيت الاستادات على عجل وربما تحدث أخطاء. كما قد تصاب شبكات الاتصالات اللاسلكية بالشلل نتيجة الضغط الشديد أثناء اللعب. والأسوأ أن تتأثر المباريات بالمظاهرات التي ينظمها البرازيليون الذين يقولون إن الحكومة كان عليها بناء مستشفيات ومدارس وأنظمة مواصلات سريعة بدلا من تشييد استادات مكلفة لكرة القدم ربما لا تحتاجها بعض المدن التي ستقام فيها المباريات. وتحت أنظار مليارات المشاهدين عبر التلفزيون حول العالم فإن أي خطأ سيسبب حرجا للبرازيليين الطامحين في أن يتوج كأس العالم صعود البرازيل كلاعب على المسرح العالمي. وهؤلاء أيضا قد يلقون باللائمة على الرئيسة روسيف.