واجب المسلم أن يقرأ ويفكر ويتدبر في أمور دينه..  من حقه أن يجتهد في مراجعة الكتب واقوال العلماء والفقهاء المختلفة في الأمور التي لم يرد فيها نص صريح..  حتي يصل إلي ادراك الحكم..  فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر..   لكننا للأسف أصبحنا أمة لا تقرأ.. معظمنا لا يعرف عن دينه إلا القليل.. عقولنا أصابها الجمود.. نكتفي بالمعلومة الجاهزة.. ونتكاسل عن التفكير والتدبر الذي امرنا به الله.والمسئول عن هذا نظام تعليم فاشل قام علي الحفظ والتلقين وحكمنا ستين عاما. أقول هذا بمناسبة حالة الجدل التي أثارتها اراء الكاتب والإعلامي ابراهيم عيسي حول انكاره لعذاب القبر, وابراهيم عيسي كاتب موهوب واعلامي ومثقف.. وقارئ متعمق في كل المجالات وخاصة الدين..  وقد أيد اجتهاده بآراء بعض الأئمة مثل الشيخ الشعراوي.. وقد يكون مخطئا.. لكني لست هنا في مجال الحكم علي ما قاله.. فما يحزنني هو كيفية تعامل المؤسسة الدينية مع هذه القضية..  كنت أنتظر وأتوقع وأتمني أن يتم تكليف مجمع البحوث الاسلامية بمواجهة الفكر بالفكر.. والحجة بالحجة بدلا من تكليفه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد عيسي إذا ثبتت مخالفته. من حق ابراهيم أن يفكر ويجتهد.. فيصيب أو يخطئ..  فيقول ابن تيمية إن مذهب اهل السنة والجماعة انه لا اثم علي من اجتهد واخطأ.. ولن أجد ابلغ مما كتبه عميد الادب العربي خريج الازهر د. طه حسين في مقال نشر بجريدة الجمهورية يوم10يولية عام 1955 بعنوان »حق الخطأ»‬..  تحدث الأديب الكبير عن أستاذ أزهري قال رأيا خاطئا في الصوم يخالف إجماع الشيوخ.. حيث فسر الآية:(وعلي الذين يطيقون فدية طعام مسكين) بأن الذين يجدون مشقة في الصوم يستطيعون أن يفطروا وأن يفتدوا بإطعام مسكين..  وأيد رأيه بالآيات: »‬يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا»..  و»‬يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر». ويقول د. طه حسين في مقاله: »‬لا أقول إن هذا الأستاذ أصاب أو أحسن الصنع.. لكني أقول أنه لم يتعمد خروجا عن الدين ولا مخالفة عن أمر الله ولا انحرافا عن نصوص القرآن أو ما صح من الحديث.. وأقصي ما يمكن أن يقال أنه اجتهد فأخطأ.. وليس علي من اجتهد حرج في أن يخطئ.. فمن حق المسلم أن يجتهد فإن أصاب فأجره علي الله،وإن أخطأ فحسابه علي الله وليس لأحد من الناس.. لا من رجال الحكم ولا من رجال الأزهر أن يحاسبه علي ذلك أو يعاقبه. لأن في ذلك انحراف عن اصول الدين وسنته السمحة».