‫..الصعيد أيها السادة، وبناءً علي معلومات موثقة ومباشرة، تحول الي ترسانة للأسلحة الخفيفة والثقيلة تم تهريبها، بكميات مُرعبة، عبر الصحراء..‬ ‫نعم ..الحرب الاهلية في الصعيد قادمة لا محالة إذا استمر التمسك بسياسة دولة مبارك في ترك الأمور لقيادات امنية فاشلة وعاجزة وخائفة، وقيادات سياسية فاسدة تكلست في مواقعها، ولا يهمها سوي الظهور في المناسبات الرسمية والإدلاء بالتصريحات الوردية دائماً والكاذبة أحياناً..مَن يعرفون الصعيد ويتابعون أحواله عن كَثَب يدركون أن الاحوال هناك لا تسر عدواً ولا حبيباً، وأن ظروف الحياة التي كانت أكثر من سيئة في عهد مبارك صارت أسوأ بما لا يقاس بعد ثورة 25 يناير..ومعظم أهلنا في الصعيد يُرجعون تدهور الأحوال الإقتصادية والامنية والخدمات الأساسية، للثورة وما تلاها من أحداث، وبناءً عليه فإن بعضهم بدأوا يحنون لعصر مبارك، كما أن أغلبهم ليسوا علي استعداد لتفهم ما يردده أمثالي من أن تدهور الأحوال ليس نتيجة للثورة، وإنما لأن حكومات ما بعد 25 يناير فشلت في تحقيق أهداف ومطالب الثورة وهي الحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية والقصاص العادل من قتلة الشهداء، بل تم وضع العديد من شباب الثورة وراء القضبان وبعضهم يشرف علي الموت مثل أحمد دومة المضرب عن الطعام إحتجاجاً علي حبسه بمقتضي قانون التظاهر غير الدستوري!!..‬ ‫الصعيد لا يزال بعيداً عن العين وعن القلب أيضاً، ولا يزال يخضع لسلطات محافظين مبتدئين لا يعرفون شيئاً عن أحوال الصعيد أو فنون الحكم المحلي..فعندما يتم تعيين هؤلاء المبتدئين دائماً والغرباء غالباً تتسلمهم قيادات محلية متمرسة وخبيرة بمستنقع البيروقراطية والفساد.. تعرف جيداً كيف تستقبل الحكام الجُدد وتُعيد تشكيلهم علي مقاس مصالحها ومراكز نفوذها..سوهاج نموذج مثالي لعبقرية البيروقراطية المصرية العتيدة وقدرتها علي التلون والتكيف مع مختلف الظروف للإبقاء علي مراكز نفوذها وفسادها..يأتي المحافظون ويذهبون وتظل البيروقراطية في المكان..الصورة هي نفس الصورة منذ 20 عاما..لا يتغير في قلبها سوي موقع المحافظ ولكن الرجال حول المحافظ لا يتغيرون..أما خارج إطار الصورة فكل شيء يتغير بسرعة الفيمتوثانية ولكن الي الأسوأ!!.. أراضي الدولة في الظهير الصحراوي تم نهبها تحت نظر كبار المسئولين بالمحافظة وبمعرفة أصحاب الذمم الخربة في إدارات الأملاك..الخدمات تدهورت..الصحة والتعليم بلغ تدنيهما قاعاً بلا قرار..الفساد في مختلف المصالح صارت له رائحة تزكم الانوف...أما الأمن فتلك قصة أخري!!..‬ ‫لو قلتُ إن السلاح في الصعيد صار في كل يد..فذلك تبسيط مُخلُ للامور..الصعيد أيها السادة، وبناءً علي معلومات موثقة ومباشرة، تحول الي ترسانة للاسلحة الخفيفة والثقيلة تم تهريبها، بكميات مُرعبة، عبر الصحراء من الحدود الغربية والجنوبية بالذات..الاسلحة الإسرائيلية لها النصيب الأوفر دائماً؟!!..وفي بيوت الصعيد، وفي سوهاج خصوصاً ومركز دار السلام علي الأخص، توجد مدافع جرينوف ومدافع مضادة للطائرات!!..وأخطر ما في الامر تاhفر هذه الاسلحة الثقيلة في بيئة مُلغَمَة أصلاً بأسباب وعوامل الإنفجار مثل الخلافات القبلية ( الهوارة والعرب مثلاً)، وحوادث الثأر  والفتنة الطائفية، ناهيك عن بيئة التخلف الفكري الذي تفشي برعاية نظامي السادات ومبارك واستثمره الإخوان والجماعات التكفيرية الأخري لفرض سيطرتهم التامة علي المشهد مستخدمين في ذلك الجمعيات الشرعية والخيرية التي حلت محل الدولة في مد يد العون لفقراء لا يجدون من يحنو عليهم بعد موت أمهم الدولة، وهذه الجماعات المتاجرة بالدين تنشط الآن في إلقاء المزيد من الزيت علي النار المُشتعلة!!..‬ ‫هناك اشتباكات يومية بالاسلحة الثقيلة في قرية البلابيش بمركز دار السلام، وفي بلدة برديس التابعة لمركز البَليَنا، وتوشك أن تتدهور الي حرب أهلية، وإذا لم تتحرك السلطات القادرة علي الحسم، وأنا اقصد الجيش بالتحديد لأن الشرطة ضعيفة وخائفة، سنندم كثيراً حيث لا يفيد الندم.. ‬