قد لا أكون محقاً فيما أقول ولكني عشت هذه اللحظات التي لم أنسها أبداً ولم تغب يوماً من ذاكرتي وقد يقول قائل ما هذا الطفل الذي يتذكر وهو عنده أربع سنوات ويدرك كل ما يدور حوله.. وأرد عليه بأننا كنا نعي الاشياء ونلمسها كانت هناك احاسيس تسيطر علي الاسرة فلا يستطيع عائلها ان يحبس هذه المشاعر أو يخفيها عن فلذة أكباده فنحن جميعاً في مركب واحدة ولنا أن نعيش الحياة لحظة بلحظة.. ولك أن تتخيل معي حال أم  وهي تبكي وتضحك في نفس الوقت لحظة علمها بأن ابنها علي قيد الحياة بعد أن عاشت أياما حزينة يعتصر قلبها علي فقدانه. وانتظرنا ولم يطل الانتظار فكان قرار صاحب الانتصار الذي آمن بأن الأرض لن تعود إلا إذا انتفض الرجال ولم تكن انتفاضة عادية بل كانت مصحوبة بصيحات التهليل والتوحيد »الله أكبر»‬ كانت أولي خطوات الانتصار. أصبحت الفرحة ترسم الوجوه وتذرف العين دمعها من فرحة النصر والشهادة فالوقت مختلف اصبح ولدي شهيد وعادت أرضي حرة فاليوم تسكن في قلبي وترتاح في جنتك، اما بالامس فكنت لا أعرف غير المرارة وفقدت الارض وضاعت معها الكرامة.. ايام عشناها بحلوها ومرها فمن لم يذق طعمها لا يعرف ان للجسد قيمة. لذلك أري أن القيمة تموت عندما يفقد صاحبها صدق مشاعره وهذا ما أدركته من حوار إحدي القنوات الفضائية عندما تسرعت لتلقي الضوء علي حياة »‬محمد حسن عطوه» ذلك الشهيد الذي اعلنت أحد الجهات المسئولة انها عثرت علي رفاته بعد ٤١ عاما.