تُعرف معدلات الادخار عليأنها الفرق بين ما نتقاضاه من دخل وما نقوم بإنفاقه أو باستهلاكه خلال فترة زمنية معينة، ومجموع مدخرات الأفراد تُمثل معدلات الادخار القومي للمجتمع. وتكمن أهمية الادخار القومي أن هذه المدخرات هي التي تُستخدم لتمويل الاستثمارات اللازمة للتنمية، وبالتالي زيادة معدلات الادخار تؤدي إلي زيادة الاستثمارات المتاحة لتمويل التنمية والإنفاق علي المشاريع الاستثمارية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. والحقيقة أن معدلات الادخار في مصر تُعد من أقل المعدلات علي المستوي العالمي؛ فمعدل الادخار في مصر لا يتعدي 14% من ن.م.ج، بينما يصل في دول أخري مثل ماليزيا إلي 37%، والهند إلي 35%. لذا فمن المؤسف أن هذه المعدلات آخذة في الانخفاض عبر السنوات مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي ؛ فإنخفضت من حوالي 25% من ن.م.ج في عام 2006 إلي 14% في عام 2012، وذلك علي الرغم من ارتفاع حجم الودائع في القطاع المصرفي بالقيم المطلقة فزادت إجمالي الودائع من 309 مليارات جنيه في عام 2005 إلي 545 مليار جنيه في عام 2009، وتبلغ الآن حوالي 1.324 تريليون جنيه، ويلاحظ أن أغلب هذه الزيادة تأتي من القطاع العائلي. وإذا نظرنا إلي الفجوة بين معدلات الإدخار والاستثمار نجد أنها تصل تقريباً إلي 10%، وبالتالي نحتاج إلي رفع معدلات الادخار لتصل إلي 24% من ن.م.ج لسد الفجوة بين معدل الادخار والاستثمار المطلوب لتحقيق النمو الاقتصادي. فانتشار الثقافة الاستهلاكية في المجتمعات الغربية وانتقالها إلي الاقتصاديات الصاعدة والنامية، يضاف إلي ذلك نمو التسهيلات المتزايدة والتي تساندها حملات التسويق للسلع والخدمات تساعد علي انتشار هذه الثقافة، هذا بالإضافة إلي التكنولوجيا المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تتيح للمجتمعات التعرف علي أحدث السلع والخدمات فيأسرع وقت مما يزيد وينمي من الرغبات والطلبات الاستهلاكية لدي المواطنين. والحقيقة اننا في اشد الحاجة إلي مبادرة قومية لزيادة  معدلات الادخار والحقيقة اننا في اشد الحاجة إلي مبادرة قومية لزيادة معدلات الادخار، فلقد أثبت نجاح الخطوات الأولي فيها بالادخار في شهادات استثمار قناة السويس اصرار وعزيمة الشعب المصري وتوقعاته بمستقبل أفضل وقوة ومتانة جهازنا المصرفي المصري. وقد يكون أحد أهم التحديات التي تواجهنا هو تدني معدل النمو السنوي للدخل الحقيقي مما قد يدفع الأفراد إلي الإنفاق من مدخراتهم، وبدون الدخول في قضايا مثل تأثير عبء وعوائد الشهادات علي الموازنة العامة للدولة أو تأثير الفائدة علي سوق الأوراق المالية، إلا أنه من المؤكد أن هناك العديد من الفوائد والآثار الايجابية من تحفيز المصريين علي الادخار، فبجانب توفير القدر الأساسي من التمويل اللازم للاستثمار في هذا المشروع العملاق فهناك فوائد تتعلق بزيادة عدد المتعاملين مع القطاع المصرفي ممن لم يكن يطرقون القطاع المصرفي ويحتفظون بأموالهم سائلة، وبالتالي فهناك فوائد ايجابية للإدماج المالي. وهذا يزيد من قدرة المؤسسات المالية علي الوساطة المالية، لذا فإن تبني مبادرة قومية لزيادة المدخرات تقوم علي: • تنمية ثقافة الادخار لدي الأفراد، وذلك من خلال تدشين يوم الادخار بالمدارس والجامعات. • تنمية الثقافة المالية من خلال المؤسسات المالية المختلفة لتوعية المستهلكين والأفراد بالمفاهيم المالية المختلفة، وتنمية قدرتهم علي إدارة ما يمتلكونه من موارد وأصول مالية. • تنوع وتعدد وسائل آمنة للاستثمار ذات عائد مجز تعد من أهم الخطوات التي تشجع المدخر المصري. وفي ضوء صعوبة استخدام أدوات السياسة المالية الأخري كالضرائب ؛ لإنخفاض حصيلة تلك الموارد لضعف كفاءة النظم المتبعة لتحصيل الضرائب، بالإضافة إلي انخفاض متوسط دخل الفرد، وارتفاع نسب ومعدلات الفقر، وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي. لذا تصبح زيادة معدلات الادخار ضرورة حتمية، لأنه إذا ظلت هذه المعدلات كما هي متدنية يتم اللجوء إلي الدين الخارجي والمساعدات الخارجية لزيادة الإنفاق العام. لذا فهناك حاجة إلي دراسة الآثار الاقتصادية الناتجة عن الدين الخارجي في ضوء المساعدات التي حصلت عليها مصر من عدد من الدول العربية في السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في الحد من أي إجراءات انكماشية كان من الممكن تطبيقها في ظل تداعي معدلات النمو الاقتصادي، وانخفاض معدلات الاستثمار في ضوء الظروف السياسية غير المستقلة التي واجهت الاقتصاد المصري.. ولكن لذلك حديث اخر