كل هذه التحديات والمستجدات تفرض علينا التفكير في حلول مستدامة تساعد علي التكيف مع هذه الظواهر واغتنام الفرص وحماية أنفسنا من المخاطر وإتخاذ العديد من السياسات والإجراءات المشتركة لتجاوز تلك التحديات كما نعرف جميعاً فإن قطاعات الزراعة تلعب دوراً هاماً في الاقتصاديات القومية في معظم إن لم يكن في كل الدول العربية.كما أن قطاعات الزراعة في الدول العربية كغيرها من قطاعات الزراعة في الدول النامية تواجه العديد من التحديات الدولية والاقليمية والمحلية مثل التغيرات المناخية العالمية وندرة المياه والتصحر واتساع المناطق الجافة والأراضي القاحلة والحفاظ علي البيئة والتنوع البيولوجي وضعف الاستثمارات والإنتاجية الزراعية وارتفاع معدل زيادة السكان والفجوة الغذائية وأزمة الغذاء العالمية والأزمة المالية والاقتصادية العالمية والأمراض النباتية والحيوانية العابرة واستخدام الغذاء في إنتاج الوقود الحيوي ومدي تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة وخاصة محاربة الفقر والجوع.وتقدر الفجوة الغذائية العربية حالياً بحوالي 41 مليار دولار سنوياً وتشمل منتجات الحبوب والسكر والزيوت واللحوم والألبان. حيث يبلغ إجمالي إنتاج الحبوب في الدول العربية حالياً حوالي 62 مليون طن سنوياً بنسبة اكتفاء ذاتي حوالي 56 % فقط. ويبلغ إجمالي إنتاج السكر في الدول العربية حالياً 3 ملايين طن سنوياً بنسبة اكتفاء ذاتي حوالي 34 % فقط. ويبلغ إجمالي إنتاج الزيوت النباتية في الدول العربية حالياً حوالي 1.6 مليون طن بنسبة إكتفاء ذاتي حوالي 28 %. ومن المتوقع أن تزداد الفجوة الغذائية العربية مستقبلاً إذا استمرت الأمور علي ما هي عليه. كل هذه التحديات والمستجدات تفرض علينا التفكير في حلول مستدامة تساعد علي التكيف مع هذه الظواهر واغتنام الفرص وحماية أنفسنا من المخاطر وإتخاذ العديد من السياسات والإجراءات المشتركة لتجاوز تلك التحديات التي يصعب علينا مواجهتها فرادي.وأن حل المشكلة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي في الوطن العربي يمكن أن يتم بصورة أفضل علي المستوي القومي العربي وليس علي المستوي القطري فقط نظراً لأن الموارد الاقتصادية الزراعية من أرض ومياه وموارد بشرية ورأسمال وتكنولوجيا وإدارة غير متوازنة داخل كل قطر عربي علي حدة في حين أنها متوازنه علي المستوي العربي ككل مما يتحتم معه العمل علي تحقيق التكامل الزراعي العربي.ويمكن للوطن العربي من خلال الاستخدام الامثل لموارده الزراعية والتكامل الزراعي أن يصبح ليس فقط مكتفياً ذاتياً من الغذاء بل مصدراً صافياً له. والجدير بالذكر أن التكامل الزراعي العربي يفيد جميع الدول العربية وليس دولة أو مجموعة دول عربية معينة فقط. فالأموال لا تضمن الحصول علي الغذاء بالاستيراد في أوقات الأزمات العالمية. وأن التكامل الزراعي يتطلب التنسيق بين استراتيجيات وسياسات وخطط وبرامج ومشروعات التنمية الزراعية في الدول العربية والاستفادة من مبدأ التخصص وفقاً للمزايا النسبية والتنافسية وإقامة المشروعات الزراعية العربية المشتركة في مجالات الانتاج الزراعي النباتي والحيواني والداجني والسمكي والري ومستلزمات الانتاج الزراعي والتصنيع الزراعي والنقل والتخزين والتسويق والتجارة وخاصة في ظل حرية وتسهيل التجارة بين الدول العربية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبري. وفي هذا الإطار فقد أعدت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بجامعة الدول العربية استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة حتي عام 2025. وقد أقرت قمة الرياض هذه الاستراتيجية واعتبرتها جزءاً من الاستراتيجية المشتركة للعمل الاقتصادي والاجتماعي العربي.كما أصدر وزراء الزراعة العرب إعلان الرياض لتعزيز التعاون العربي لمواجهة أزمة الغذاء العالمية.كما أقرت القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية العربية في الكويت البرنامج الاطارئ للأمن الغذائي العربي والذي يركز علي تنمية إنتاج محاصيل الحبوب والمحاصيل السكرية والمحاصيل الزيتية والتي يعاني الوطن العربي من فجوة كبيرة بين الإنتاج منها والاحتياجات الاستهلاكية وذلك من خلال التوسع في إنتاج تلك المحاصيل رأسياً وأفقياً في الدول العربية ذات الموارد الزراعية وهي مصر والسودان والعراق وسوريا وتونس والجزائر والمغرب والسعودية واليمن وذلك وفقاً للمزايا النسبية والتنافسية لكل دولة في إنتاج هذه المحاصيل. وتقدر الاستثمارات المطلوبة لتنفيذ هذا البرنامج في مرحلته الاولي بحوالي 25 مليار دولار. وقد أوضحت الدراسات أن مصر تأتي علي رأس الدول العربية الجاذبة للاستثمار الزراعي.