قائمة الارهاب التي أصدرها مجلس الوزراء في دولة الامارات العربية المتحدة هي تحرك استراتيجي في الاتجاه الصحيح ومواجهة صائبة راشدة لخطر يتوحش ويتوغل ناخرا في الجسد العربي والاسلامي. صدرت في الآونة الأخيرة قائمة إماراتية تتضمن تصنيفا للمنظمات الارهابية، ونالت قدرا كبيرا من الاهتمام الاقليمي والدولي، وأيضا قوبلت بكثير من النقاشات من جانب المتخصصين والمراقبين والمهتمين بالشأن السياسي. هذه القائمة هي بالاساس انعكاس لشفافية دولة الامارات العربية المتحدة في ممارساتها علي الصعيد القانوني والتشريعي، فهناك مواقف اماراتية واضحة علي المستوي السياسي والدبلوماسي يوازيها مواقف وأسس عمل شفافة علي المستوي القانوني والتشريعي. هذه القائمة هي بالاساس وجهة نظر الامارات في ما يدور حولنا علي الصعيد الأمني والسياسي، بل هي بالاساس أحد تجليات ممارسة الدولة لسيادتها علي أراضيها وحماية مصالح شعبها والدفاع عن مصالحها وصون هذه المصالح، وهي أيضا سلوك ايجابي واضح يسمي الأمور بمسياتها ولا يبطن عكس ما يظهر ººولا يناور في ملف لا ينبغي معه سوي الحزم والوضوح والصرامة كونه يتعلق بمصائر شعوب ودول. لاشك أن ما يدور في المنطقة العربية يستحق عملا وجهدا مكثفا علي صعد شتي، فلا يكفي أن تتم مكافحة الارهاب علي المستوي العسكري والأمني، بل ينبغي أيضا أن تكثف الجهود علي المستويات الفكرية والدينية والتعليمية والتشريعية والقانونية، وذلك ضمن منظومة خططية استراتيجية واعية ومدركة لعواقب التهاون حين تكون الاستجابة واجبة، ولعواقب التراخي حين تكون الصرامة هي البديل الوحيد. هذه القائمة هي بطبيعة الحال تعبر عن وعي المؤسسات والأجهزة الاماراتية ويقظتها وإدراكها لكل ما يدور حولها، ولذا فقد جاءت شاملة لكل مصادر الخطر المحتمل، ولم تترك مساحات للتأويل، وربما كان هذا هو أحد أسباب الانتقادات التي وجهتها بعض وسائل الاعلام ذات الصلات والولاءات ومصادر التمويل المعروفة إلي السلطات الاماراتية علي خلفية هذه القائمة. من يدرك واقع المنطقة العربية وما يدور فيها علي الصعد السياسية والأمنية يؤمن تماما بأن دولة الامارات العربية المتحدة تتحرك بوعي استراتيجي شديد في الملفات الشائكة، فليس من سمات الدبلوماسية الاماراتية ولم يعرف عنها أبدا الاندفاع أو التسرع والتهور، بل اتسمت دوما وعلي مدار تاريخها بالتروي والحكمة والهدوء، ومن هنا فقد جاء تحركها بشأن تصنيف المنظمات الارهابية انعكاسا لهذا الوعي وليس أدل علي ذلك من أن هذه القائمة قد صدرت مؤخرا ولم تصدر منذ فترة، ما يعني انها خضعت لدراسات دقيقة ومعايير محددة ومدروسة وانها جاءت تتويجا لمنظومة تشريعية تستكمل جوانب أخري في هذا المجال منها قانون مكافحة الارهاب وغير ذلك من إجراءات تصب في مجملها حماية الامن الوطني الاماراتي وتدافع عن مصالح الشعب الاماراتي وتصون أمنه واستقراره في ظل هذا المناخ الاقليمي المضطرب. عندما تسعي دولة الامارات العربية المتحدة إلي تحقيق طموحاتها التنموية وتمضي علي درب الصعود والتنافسية العالمية، فهي تستضيف العديد من الفعاليات والمؤتمرات وتتحول إلي خلية نحل دءوب لا تكل ولا تمل من العمل والانتاج، وفي مثل هذه البيئة الاقليمية المضطربة يصبح المضي علي هذا الدرب رهانا صعبا واستحقاقا محفوفا بالمخاطر ما لم يتم تحصين الأمن الوطني الاماراتي.