لغرابتها تبقي بعض المواقف عالقة بأذهان من عاشوها من البشر, يحكونها ويرونها مراراً وتكراراً وبنفس الدهشة كما لو كانوا يرونها للمرة الأولي وكأنهم لتوهم عاشوها وإن مر علي وقوعها سنون طويلة... والمثير في الحكايا التي يمكن تصنيفها ضمن الخوارق وقصص ما وراء الطبيعة أنها وعلي الرغم من اتفاق من عاشوها علي تفاصيلها فإن كل منهم يفسرها ويؤلها علي نحو يختلف بين الواحد و لكنهم جميعاً يتفقون علي أن أمراً عجيباً قد حدث.. ومن بين المواقف الأشد غرابة التي رواها أمامي غير واحد ممن عايشوها.., موقف يعود إلي ما قبل عام 1967 مر به مجموعة من الناس كانوا يستقلون حافلة في شمال سيناء متوجهين إلي غزة.. عندما رأي جميع من في الحافلة وفي وقت واحد رجلا مسنا بلحية بيضاء طويلة جداً ويرتدي ثوباً اختلفوا في توصيفه ما بين الجلباب والعباءة ولكنهم أجمعوا علي شدة بياضه, وكان متكئاً علي عصا غليظة وهو واقف بجانب الطريق يشير إلي الحافلة طالباً توقفها.. هتف الركاب بسائق الحافلة وكان فلسطينيا, كنيته »‬ أبوعابد »ليتوقف ويقل معهم المسن, فتوقف بالفعل, ولكن ليجدوه »‬السائق »‬ قد فارق الحياة.. فيما اختفي تماماً وبلا أثر صاحب الرداء الأبيض من المكان وكأنه لم يكن موجوداً ـ رأوه ـ بأعينهم وهو يشير إلي الحافلة لتتوقف.. وعبثاً بحث عنه الركاب ولكنه كان قد تبخر.. فساووا جثمان السائق علي الكنبة الخلفية للحافلة وتولي أحدهم قيادتها إلي العريش حيث مقر شركة النقل الفلسطينية.. الحكاية سمعتها وبتفاصيلها الدقيقة نفسها من عدة شهود ممن عايشوها وبعضهم حي يرزق.. وفسرها أكثرهم بأن الرجل صاحب الرداء الأبيض الذي رأوه كان ملك الموت نفسه عزرائيل عليه السلام وقد جاء في موعده المقدر ليقبض روح السائق, وظهر لهم متجسداً علي النحو الذي جري والصورة التي رأوه عليها, ليوقف سائق الحافلة قبل أن يقبض روحه لأن باقي الركاب آجالهم لم تحن بعد, وفسرها قلة بأن صاحب الرداء الأبيض هو ملاك تجسد في صورة بشر ليمنع كارثة لم يكن مقدراً لها الوقوع إذا ما قُبِض السائق وهو يقود الحافلة علي الطريق, ومنهم من قال بأن المسن ذا اللحية البيضاء هو ولي من الأولياء الذين تعج بشواهدهم ومحاريبهم أرض سيناء المباركة وهو ما يفسر عندهم ظهوره من العدم وتبخره أمام أعينهم... !!.. أياً كانت حقيقة الذي جري فهو بكل المقاييس مدهش مثير للعجب.. عزرائيل, ملاك حارس أم ولي.. في كل الأحوال هو كيان بعث به إلي هذا المكان المحدد وفي التوقيت المحدد برحمة من الله رب العالمين حماية لأرواح ركاب هذه الحافلة.., الذين وللغرابة نجا اثنان منهم وقد تقدم بهم العمر بعد مرور أكثر من 30 سنة علي هذه الواقعة من حادث غرق إحدي عبارات الحجيج في البحر الأحمر, ولكن تلك قصة أخري... !! كل بميعاد...