تنتابني حالة من الشك والريبة كلما قرأت تصريحات لأحد مشايخ الصوفية عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة وتتملكني حالة من الحزن والدهشة عندما يخوض المتصوفة في السياسة،مصدر القلق هو أن خط التصوف ومنهجه لا يتفقان أبدا مع طلاب الدنيا. فالصوفي هو الزاهد المعرض عن الدنيا الهارب من فتنتها وزينتها وشرورها، وهو أعلم الناس أن حب الدنيا رأس كل خطيئة وهو المدرك للمعني الحقيقي لقول المولي تبارك وتعالي»يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا0 وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما»‬- سورة الاحزاب- وهو المدرك أيضا للحديث الشريف..عن عمرو بن عوف الأنصاري وكان شهد بدرا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلي البحرين ليأتي بجزيتها وكان النبي قد صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين وسمعت بقدومه الأنصار فوافت صلاة الصبح مع رسول الله، فلما صلي بهم الفجر انصرف فتعرضوا له فتبسم النبي حين رآهم وقال »أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء فقالوا أجل يا رسول الله فقال» فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله لا الفقر أخشي عليكم ولكن أخشي عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت علي من كان قبلكم فتتنافسونها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم» وقد يقول قائل إن الإخوان لهم حزب ويلعبون في السياسة منذ زمن ولم يعترض عليهم أحد،كما أن للسلفيين أيضا حزبهم وقد دخلوا وتوغلوا في السياسة ولم ينكر عليهم أحد فعلتهم فأقول: الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات من تركها فقد تبرأ لعرضه ودينه،وهناك فرق كبير بين الإخوان والصوفية فالصوفي يطلب الآخرة بانصرافه عن أمور الدنيا وشئونها أما الإخوانيون فهم طلاب دنيا يسعون إلي الحكم والسلطة انطلاقا من مقولة »‬الغاية تبرر الوسيلة »‬وما الانتخابات إلا صراع سياسي يسعي فيه كل طرف إلي هدم خصمه بأي وسيلة حتي ولو كان الكذب سبيلها، والصوفي يجد لذته في حلقات الذكر والخلوة التي وصفها البعض بالحالة الروحانية واللذة التي لو علمها الملوك لقاتلوهم عليها. أما الاخوان فلذتهم في مؤتمرات تركيا ولقاءات إيران وجمع الأموال القطرية وآخر غايتهم الحكم ومنتهي أملهم الكرسي،هذا ليس تحليلا  لكنه للأسف واقع عايشناه منذ سنوات وما زلنا نعاني من آثاره وتبعاته حتي اليوم.