الكتاب والقراءة هما من أفضل النعم التي أنعم الله بهما علينا، فبالكتابة نعبر عما في عقولنا من خواطر.. وما في قلوبنا من مشاعر، وبالقراءة نتعلم ونعرف وندرس ونتقارب ونزداد التصاقا ببعضنا وبالحياة التي نعيشها. . أذكر أنني منذ طفولتي وأنا أعتبر القراءة هي متعتي الأولي، أقرأ لكل الكتاب، وفي كل الاتجاهات. لم يكن يغمض لي جفن وهناك معلومة ناقصة أو شيء لا أعرفه، قرأت لكل الناس تقريبا.. وكان هذا محل تقدير من أساتذتي، حتي فوجئت بناظر مدرستي يستدعيني ويمنحني بطاقة حضور لأول معرض للكتاب تنظمه مصر في عام ١٩٦٨، وكان يقام بأرض المعارض بالجزيرة مكان دار الأوبرا الحالية..  وهو كان فكرة الراحل العظيم الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الذي وضع أساس كل نهضة ثقافية وإبداعية نعيش حتي الان علي ذكراها. ولكن نظرا لتغييرات ما بعد النكسة، افتتح المعرض وزير اخر هو بدر الدين ابو غازي وكان رجلا محترما، وهو بالمناسبة والد وزير ثقافة مابعد ثورة يناير عماد الدين أبو غازي. وكانت الوزارة توجه الدعوة لحضور الافتتاح لتلاميذ صغار تري فيهم المستقبل، ولم تكن الدعوات كما هي اليوم مقصورة علي نجوم الأدب والثقافة من المشاهير المرضي عنهم وعن ابداعاتهم. ليت هذا التقليد يعود مرة أخري ونري عددا من البراعم الأدبية والثقافية تتواجد وسط عظماء الابداع الأدبي كما كنت أنا اتنقل بين قاعة وأخري لأصافح العظماء نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي واحسان عبد القدوس ونزار قباني وغيرهم كثيرون، وللأسف لم أكن أمتلك كاميرا والا كنت أغرقت الفيسبوك بهذه الصور. ولكن الصور مازالت محفورة في ذاكرتي طوال تلك السنين. وطوال ٤٧ عاما.. لم يتوقف المعرض عن الرسالة العظيمة التي يؤديها لكل المثقفين والمبدعين المصريين والعرب، ومازال   يعطي الأمل لهم جميعا لتحقيق الرواج لابداعاتهم من خلال النشر وحفلات توقيع الكتب أو الندوات التي تستضيف الكتاب والنقاد في لقاءات ثقافية ممتعة للعقل والعين والروح. معرض الكتاب هذا العام مليء بالابداعات العظيمة وهو نشاط يحسب للدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب وعدد كبير من دور النشر النشيطة والتي اقتربنا منها ومن مشاكلها في مؤتمر أخبار اليوم للابداع الذي كان يهدف الي مناقشة مشاكل وهموم الإبداع والمبدعين والعمل علي حلها من خلال وضع مقررات جادة أمام الدولة لاتخاذ قرارات بشأنها.  أنتقي من معرض هذا العام روايتين للمبدعتين الزميلتين والصديقتين زينب عفيفي ونوال مصطفي، وكلتاهما لهما أكثر من عمل ابداعي روائي فضلا عن كونهما صحفيتين قديرتين. الروايتان تتحدثان عن الحب الذي أصبح نادرا هذه الايام، الحب بمعناه الشامل والذي لايعترف بأي فوارق بين الحبيبين، الأولي هي رواية »‬ خمس دقائق » لزينب عفيفي وهي تتحدث عن الحب الأول، والثانية هي »‬ الزمن الأخير »‬ وهي تتحدث عن الحب الأخير. »‬ خمس دقائق »‬ زينب عفيفي المحررة الأدبية المتميزة لـ »‬ أخبار اليوم »‬ تتناول في روايتها ذكريات الحب الأول، حيث يعود الأنسان لماضيه دائما يسترجع ذكرياته العاطفية الجميلة، يستحضرون تفاصيلها الجميلة ولحظاتها المبهجة البريئة، وتنساب كلماتها الرقيقة علي الورق، ففي داخل كل منا لحظات الحب البرئ الذي لا ننساه أبدا ما حيينا لنتغلب علي الحاضر المتعب والواقع القاسي.. وتقول زينب عفيفي إن»‬المشاعر الإنسانية غير مصنفة لرجل أو امرأة، فما أشعر به أنا، قد يشعر ويتألم من أجله الرجل، لذلك لم يكن هناك فارق أن أجعل بطل الرواية »‬طارق» أو »‬حنفي»، خصوصا أنني أتحدث عن أزمة إنسانية واحدة هي القدرة علي الاختيار وتحديد المصير. وكان قد صدر للكاتبة عدة كتب من بينها : »‬إليك وحدك» و»عفوا لأنني أحببتك» و»هؤلاء يعترفون» و»أشهر قصص الحب في القرن العشرين» و»‬اسمي حنفي»  و»‬موعد مع الورق».     أما رواية نوال مصطفي »‬الزمن الأخير» فالزمن هو البطل الرئيسي فيها وهو محور الصراع الداخلي الذي تخوضه البطلة، علي امتداد فصول الرواية. وتنتمي الرواية إلي نوعية الروايات النفسية التي تكشف عن كم هائل من التناقضات الإنسانية التي تتصارع في نفوس البشر، ويحاول أبطال الرواية حسمها ومواجهتها دوماً، وكأنها معركة دائمة مع الذات قبل أي شيء .. امتلأت الرواية بالرؤي والأفكار والتفاصيل الإنسانية من خلال أبطال الرواية شهد (الشخصية المحورية في الرواية)، وأحمد وطارق وجيسيكا وليلي وسيف وسارة، وهي الشخصيات التي تتواصل الرواية عبرهم ومن خلالهم وافتراقهم ودخولهم في هزائم وانتصارات ومواقع باطنية وروحية. صدر للأديبة نوال مصطفي من قبل عدة قصص قصيرة منها: »‬الحياة مرة أخري»، و»الملائكة يحبون أيضاً»، و»رقصة الحب»، و»مواسم القمر»، و»المتهمة بالحب»، كما صدر لها رواية بعنوان »‬الفخ».  أشكر المبدعتين زينب عفيفي ونوال مصطفي علي ما قدمتاه من ابداع أدبي رائع.. وأتمني لكلتيهما كل النجاح والتوفيق.