فسألني هامسا وهو ينظر حوله: قولي الأول..انت حجزت لوكاندة في باريس؟ فقلت:بصراحة لسه ومحتار أسكن فين..فقال: انت مش هتحتاج لوكاندة ولا يحزنون بنات باريس حيقوموا بالواجب كان الراكب بجواري في الطائرة رجل تجاوز الستين خبيرا في السفر حيث رمقني من فوق لتحت وقال من تحت النظارة:شكلك أول مرة تسافر باريس، بتفكرني بالشاب المصري أديب، فسألته:أديب مين؟ فقال وهو يضربني علي كتفي:أديب ياراجل إللي كتب حكايته طه حسين تصدق أنا باسافر فرنسا كل اسبوع وكل مرة أحكي حكاية أديب للي قاعد جنبي فابتسمت متألما من الضربة فقال: ده شاب صعيدي زيك كده جه باريس يدرس في الجامعة، ضحكت قائلا:الله يجبر بخاطرك شاب إيه وجامعة إيه أنا متخرج من زمان والحكاية كلها مأمورية اسبوعين وراجع لكن ماله أديب؟ فخلع النظارة وتنهد قائلا:من ساعة مانزل المطارمقولكش بنات باريس عملوا معاه إيه، بوس بقي وأحضان فقاطعته:طب ياسيدي ده كان شاب صغير وبنات باريس معذورين لكن أنا راجل كبير ومرتبط في بلدي يعني متجوز وعيني مليانة والحمدلله وعندي خمس بنات فقال:أديب برضك كان متجوز في مصر واحدة زي القمر تحل من علي حبل المشنقة ومخلف كمان، هو انت فاكر بنات باريس بتعتق عازب ولا متجوز صغير ولا كبير؟اعتدلت في جلستي وانتبهت بكل حواسي لكلام الرجل وسرحت فيما ينتظرني في المطار فأكمل كلامه:ياه ياه علي باريس واللي اتعمل لأديب في باريس! قلت وقد بدأ فضولي يزداد: شوقتني حضرتك ياريت تحكيلي بالتفصيل فسألني هامسا وهو ينظر حوله كمن سيلقي بسر خطير: قولي الأول..انت حجزت لوكاندة في باريس ولا لسه؟ فقلت:بصراحة لسه ومحتار أسكن فين..فقال متهللاً:أحسن أحسن انت مش هتحتاج لوكاندة ولا يحزنون بنات باريس حيقوموا بالواجب، فسألته مستنكرا:مش فاهم فقال يابني انت حتتخطف من المطار وأي باريسية حسناء حتتمني انك تسكن معاها في شقتها، ماهو أديب حصل معاه كده، وقبل أن يكرر عبارة ياه ياه علي باريس وإللي اتعمل مع أديب في باريس قلت بسرعة: أرجوك ياريت تتكلم مرة واحدة فقال:أديب كان زيك كده محتار وعمّال يفكر وهو في الطيارة يسكن فين لكن أول مانزل عقبال عندك لقي بنت فرنساوية تقفيل بلادها شافته قالتله اتفضل معايا شقتنا ولما لقيته خام ومتردد قالتله متخافش ياصعيدي أنا عايشة مع مامي وبابي واحنا أسرة محافظة بنعمل خدمة انسانية لطلاب العلم فسألته مندهشا: البنت الفرنساوية قالت متخافش ياصعيدي؟ فقال بثقة:طبعا اومال ايه بس قالتها بالفرنساوي وأخينا مكدبش خبر وراح قعد مع الاسرة دي علشان يوفر شوية فلوس، والبت حبته وكانت كل يوم تخلي ابوها وامها يناموا وتروحله اوضته وكمان عرفته علي شلة بنات كلهم مزز وآخر صياعة واخونا بقي هاص في العسل، ياه علي باريس وإللي حصل لأديب في باريس فسألته وأنا أتلفت حولي: متعرفش طيب عنوان الأسرة دي إيه؟ فقال:لا مع الأسف المرحوم أديب مرضيش يديه لحد فقلت:مرحوم؟ فقال آه لهو أنا مكملتلكش؟مش أديب بقي لما قضاها انفلات وانحراف جاتله شوية أمراض هدت حيله ومات والاسرة الفرنسية رمته في الشارع! أوشكت أن أخرشم وجه الرجل لكني تمالكت أعصابي وقلت لنفسي:عيب عليك يا اتش انت راجل متحضروميصحش تبدأ زيارة باريس بضرب واحد مصري، لكن الغريب أنه عند عودتي بعد أسبوعين لمحته صدفة في المطار عائدا إلي مصر وكانت كل أسنانه مكسورة ووجهه متخرشم ولم يكن من الصعب أن استنتج أن كرسيه في السفرية التالية له قد جاء بجوار راكب لم يكن متحضرا !