لو جمعنا ما صرف خلال الفترة السابقة المبدئية للانتخابات البرلمانية لأقمنا به مدنا سكنية للغلابة ولقضينا علي الفقر. الخناقات التي تنقلها الفضائيات بين المرشحين لمجلس النواب القادم والتي تصل كما شاهدت في بعضها لحد »‬الردح» تؤكد ان هؤلاء بعيدون تماما عن مصلحة مصر التي نتمناها دليلا ومنهجا لهذا البرلمان الذي عليه اعادة صياغة منظومة التشريع للصالح العام وإلا فلا داعي لوجوده طالما أنه سيصير مجلس المصالح الشخصية كما نستشف من تلك المهاترات الفجة. الحوارات التي تدور تتمحور حول انت من الفلول انت سلفي انت من الإخوان وكل يقدم ادلته التي لا نعرف علي وجه اليقين مصادرها ولكنها علي ما أعتقد مجرد شغل وقت تسعي الفضائيات لملئه حتي ولو لم يكن من وراءه هدف وإحداث نوع من التنافس الوهمي بين اطراف لاهداف لها الا الظهور الذي يتخيل انه يعطيه ثقلاً بين مواطنيه وناخبيه الذين قدم نفسه لهم. لا نسمع في تلك البرامج الا اصواتا عالية اما صوت العقل فلا وجود له مطلقاً فلم يسع اي منهم وأغلبهم علي ما أعتقد وجوه قديمة اعتادت عليها الناس وكشفت عوراتها لكنها لا تستحي ان تقدم نفسها مرة أخري بفكرة أن الناس تنسي ولا مانع من الدخول عليها بأقنعة جديدة وكلمتين حلوين وشوية مصاريف وحبة دعاية كدابة من برنامج هنا وحديث هناك وكل شيء سيكون »‬تمام» وفي الأعم الأغلب يعتمد الكثيرون من هؤلاء علي بعض البلطجية والارزقية في مساندتهم في دوائرهم لحظات الجولات الانتخابية او عند لجان الاقتراع. لا أدري كيف تختار الفضائيات وبرامجها هؤلاء الضيوف الذين صاروا كماء الحنفية تفتحها هنا فتنزل لك وهناك تنزل لك هي هي ايضاً. هل بالصوت العالي؟ هل بالرشاوي؟ هل بالاعلانات التي يقدر الكثيرون منهم علي تقديمها؟ الامر جد خطير ولكنه يحتاج الي وقفة من الشرفاء لفضح تلك الممارسات التي تضحك علي عقول البسطاء من ابناء هذا الشعب. الحقيقة  أنا حريص علي مشاهدة امثال تلك البرامج ومن خلال العديد منها منذ بدأت عمليات الترشح لعضوية البرلمان لم ار الا كلاماً مرسلاً لا يقدم جديدا لمصر ومشاكلها المستعصية، ولا مرشحاً واحداً قدم برنامجاً لحل مشكلة كالأمية مثلاً حتي في مقره الانتخابي او دائرته التي ترشح امامها، ولا آخر أو أخري سارعا بالاعلان عن خطة عمل للقضاء علي البطالة اوتوفير فرص العمل فالحقيقة المرة ان غالبية المرشحين لا هدف لهم إلا الكرسي وفي سبيله يهون كل شيء حتي مصلحة الوطن مصر التي يتغنون بها في برامجهم الورقية الوهمية والتي لا تحمل سطورها اي ايجابية يمكن ان ترفع عن كاهلها خطايانا في حقها. لقد طالب الرئيس السيسي الأحزاب بأن تلتف حول قائمة واحدة من أجل توحد الكلمة في تلك الظروف الصعبة الدقيقة التي تمر بها واجتمعوا وتمخض جمعهم علي لا شييء الا الخناق والفضائح التي وصلت الي حد وصف بعضهم البعض بالخيانة والعمالة وما شابه ذلك من الاوصاف. الدعايات التي ملأت الشوارع في كل انحاء الجمهورية تدل علي ان هناك الملايين من الاموال تنفق وببذخ وإسراف سواء علي الشعارات او اللافتات او المطبوعات وإقامة السرداقات ولا مانع من تقديم الهدايا للناخبين في اي صورة كانت عينية او مادية!! من اين جاءت تلك الاموال والي اين تذهب وفيم تصرف؟ كل تلك الاسئلة لا تجد أي اجابة تحت سمع وبصر الدولة التي علي ما يبدو ستعاني من هذا المجلس وأمثال هؤلاء النواب إذا وصلوا لمقاعده وللاسف هم يتباهون بما صرفوا مع ان الاتهامات تتجه الي الإخوان وإلي رجال الاعمال في هذا الصرف المشبوه.