في مصر عجايب وعجايب، فيها ناس تقول الحق وناس تأكله وتغمس بالمعروف، فيها موظفون دواه ومديرون علي باب الله، وقد أصاب الرئيس عبد الفتاح السيسي كبد الحقيقة عندما قال إن إسناد القيادة لغير أصحاب الكفاءة فساد، وما أكثر القيادات الضعيفة والهزيلة في بلدنا مما يسهل للمرتشين مص دماء الغلابة وتنظيف جيوب القادرين وتعطيل المراكب السايرة، فيها وزارة للتخطيط وكل شوارع مدنها وقراها عشوائية، فيها وزارة للصحة وثلثا أهلها مرضي، فيها وزارة للزراعة وتستورد طعام شعبها من الخارج، فيها وزارة للصناعة وكل ما في أسواقها مستورد، فيها وزارة للتعليم وخريجو جامعتها ومدارسها أميون، فيها المتسول الثري والعامل الكحيان، فيها وزارة للتنمية المحلية وكل مبانيها إما مخالفة أو مقامة بدون ترخيص، وقد ساقني حظي للاطلاع علي مشكلة عجيبة خاصة بمسجد جديد بمدينة بنها محافظة القليوبية تتلخص في أن أحد التجار الأثرياء جمع أبناءه وأخبرهم أنه اختار قطعة من أفضل ممتلكاته العقارية لبناء مسجد عليها وشدد علي أولاده ألا يقيموا أي شيء فوق المسجد ولا تحته حتي يكتمل ثوابه ويتقبله الله منه، واستحلفهم بالله إن هو أتاه الأجل قبل اكتمال البناء ألا يناموا حتي يتموه شريطة ألا يقبلوا أي تبرعات وكانت هذه وصيته قبل أن يلقي ربه بأيام.. جد الأبناء في استكمال بناء المسجد حتي أتموه ثم توجهوا إلي مجلس مدينة بنها طالبين الموافقة علي توصيل المرافق من مياه وصرف وكهرباء، بعد المعاينات والتأكد من أن الأرض ليست زراعية وأن البناء يقع في مربع سكني وتحرر محضر مخالفة لصاحبه الذي حصل علي حكم بالبراءة في جنحة البناء بدون ترخيص تم رفع الأمر للعرض علي السيد المحافظ للاعتماد والموافقة علي توصيل المرافق، المحافظ أحال الموضوع إلي مستشاره القانوني فأشر علي الملف بعدم جواز توصيل المرافق، اعتقد الناس أن المستشار لم يقرأ أوهو متعنت فأعادوا العرض علي المحافظ طالبين تكليف الشئون القانونية بفحص الموضوع وإصدار الفتوي وأرفقوا بالمذكرة صورة حكم لمحكمة النقض ينص علي إلزام الجهات الإدارية بتوصيل المرافق لجميع دور العبادة مع عدم جواز تحرير محاضر أو مخالفات ضدها وجلسوا ينتظرون الفتوي وكلهم ثقة بأن الأمر انتهي لكن الفتوي جاءت مفاجأة فقد قالت: الأرض ليست زراعية والبراءة كانت لصاحب البناء ولم تكن للمسجد ولذا لا يجوز توصيل المرافق والله ولي التوفيق.