روح طاهرة تسبح حائرة في سماء مستشفي النزهة الدولي وسط سحابة من الحزن والغضب والدموع..سحابات متوالية صنعتها زفرات الغضب التي خرجت من صدور حزينة بدأت تتصاعد في سماء المشفي تحمل سؤال الروح الحائرة من ازهقني بغير ذنب ولماذا! روح تبحث عن تلك اليد الاثمة التي خططت وفخخت ونفذت واحدة من اخس الجرائم البشرية علي الاطﻻق.. تريد الروح ان تصرخ مطالبة بالقصاص العاجل والفوري لكن نسمات ريح طيبة تلفها في برد وسلام.. الروح تتساءل: من اين اتت تلك الريح الطيبة التي تطفئ نار الغضب وتحولها إلي برد وسلام كما فعل رب ابراهيم مع ابراهيم حينما قال وهو صاحب الملك وامره بين الكاف والنون «يا نار كوني بردا وسلاما علي ابراهيم» الروح الطاهرة الحائرة تتلفت تبحث عن اجابة فتسمع من يناديها.. انها دعوات وترحمات الصائمين في رمضان.. انها احد اسرار الكون وهي ذاتها سر بين عبد منع نفسه الطعام والشراب واللغو امتثالا لامر ربه وطمعا في رحمته ورب عفو كريم حليم يحب العفو ويقول رسوله الكريم الذي لا ينطق عن الهوي «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.».. الروح تهدأ.. تسمع صوت قارئ للقرآن في المسجد القريب عندما اقترب موعد صلاة الفجر وانطلقت مشاعر نقل شعائر الصلاة لفجر يوم جديد.. كانت الايات تتحدث عن صراع قابيل وهابيل ابني ادم وكيف فاز احدهما واختار لقاء ربه طاهرا من الذنوب فقال لاخيه «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك اني أخاف الله رب العالمين إني اريد ان تبوء بإثمي وإثمك».. ينقشع الليل ويتنفس الصبح.. امواج بشرية تتوافد علي مبني المستشفي والجثمان يرقد في المشرحة «لا عزيز الا الله» في انتظار نقله إلي مدفنه ليواري التراب.. الشمس تتجه إلي كبد السماء.. هناك تحركات بشرية قلقة حزينة.. الروح تنزل من سماء المستشفي وتطوف فوق الرؤوس تبحث عن شيء تريد ان تودعه.. نعم في تلك السيارة السوداء التي تتوسط ركب موكب الوداع من ابحث عنهم..انهم اسرتي.. نعم انها هي.. هي ابنتي التي عشت من اجلها ولطالما فرحت لفرحها وحزنت لحزنها.. وتلك هي رفيقة العمر..الروح تنادي لا كرب ولا حزن بعد اليوم.. انها روح الشهيد هشام بركات الذي كان يشغل منصب النائب العام المصري حتي اتي امر الله