ويالحظ شهيدنا الذي نال الشهادة.. وإن كان الجرح قد نال من أهله ومن كل أهل مصر.
كان الشهيد البطل المستشار هشام بركات النائب العام ابنا بارا لمصر.. كان يُدرك وهو ينتمي في هذه المرحلة العصيبة من عمر الوطن لأعلي مناصب القضاء.. أنه أيضا يضع حياته في مرمي القضاء والقدر!
ذلك أن كل من يتصدي الآن للإرهاب بصدره وفعله أو قوله أو قلمه ولسانه.. يُدرك تماما أنه سيرضي بقدره وبقضاء الله مختارا مرضيا.. وهذا هو ما عرفه الراحل الشهيد.. وكيف لا وهو الذي يقرأ.. ويحلل.. ويفسر.. ويتنبأ.. ويقضي ويحكم!
ولكن أن يتم اغتيال القاضي العادل في هذه الأيام التي تحاط بالمغفرة والرحمة والعتق، يُغتال وهو في سبيله للعمل.. مسلما.. صائما..محتسبا.. فياله من شهيد.. يفرح من أجله كل الشهود!
ويقول العلماء - والله أعلم - أنه سُمي الشهيد لأن روحه شاهدة أي حاضرة.. ولأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة.. ولأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من كرامة..ولأنه يُشهد له بالأمان من النار.. ولأن عليه شاهدا بكونه شهيد أي أثر جرحه وعلامة شهادته.. ولأنه لا يشهده عند موته إلا ملائكة الرحمة.. ولأن الملائكة تشهد له بحسن الخاتمة.. ولأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره..
ويقول تعالي عن مكانة الشهيد: « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين « صدق الله العظيم.
وقيل في رياض الصالحين، لما سئل الرسول عن الشهداء..قال» أرواحهم في أجواف طير خضر تردُ أنهار الجنة تأكل من ثمارها، وتأوي إلي قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش «.
كما قال رسولنا الكريم في أمر الشهيد العظيم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « ما أحد يدخل الجنة يُحب أن يرجع إلي الدنيا وله ما علي الأرض من شيء إلا الشهيد يتمني أن يرجع إلي الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يري من الكرامة».
هؤلاء هم الشهداء.. وهذا هو جزاؤهم.. ينالون فضله من الله وحده سبحانه وتعالي.. يُكرمّهم فلا ينتظرون منا تكريما.. ويرضيهم.. فلا ينتظرون بعد إرضائهم الإلهي أكثر من هذا رضا وطمأنينة.. حتي إننا نحن الباقون علي أرض هذه الدنيا نتمني أن ننال مثل شهادتهم.. وأن تكتب لنا مثل كرامتهم..
رحم الله كل شهدائنا.. وخفف الله الأحزان عن أهليهم.. ورحم الله بفضلهم كل أهلنا وأرضنا وبلادنا.
مسك الكلام..
يحيا شهيدنا.. ويحيا كل شهدائنا الشرفاء.. وتحيا مصر.