أهم حدث في ذكري رحيل الأستاذ نجيب محفوظ هذا العام الملف الذي أعده محمد شعير في جريدة »أخبار الأدب»‬ التي يرأس تحريرها الآن طارق الطاهر، الملف نشر في العدد الصادر هذا الأسبوع، ويعتبر من الناحية المهنية نموذجاً رائعاً للدأب وعمق الرؤية والإحاطة الشاملة، إنه يقلب قضية أولاد حارتنا رأساً علي عقب، ويوجد إجابات علي الأسئلة الحائرة التي تتصل بهذه الرواية التي كانت مصدر تهديد للكاتب العظيم الذي تعرض لمحاولة اغتيال بسببها عام 1994، وماتزال مثيرة للمناقشات حتي الآن. أذكر أثناء الصلاة علي الجثمان في مسجد مولانا الحسين طبقاً لرغبة ووصية نجيب محفوظ، وكان يؤم صلاة الجنازة فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة، أثناء الاستعداد لإقامة الصلاة اندفع شاب معترضاً علي الصلاة لأن محفوظ كافر، استفزني ذلك فاندفعت لمنعه خاصة أنه بدا متحرشاً بالعالم الفاضل الدكتور علي جمعة مفتي الديار وقتئذ، إلا أنه وليّ هارباً، طبعاً أولاد حارتنا كانت ماثلة في الموقف. السؤال المحير عندي، كيف اكتشف الشيوخ الثلاثة أن الرواية ضد الدين ـ كما ادعوا ـ قبل أن تكتمل حلقاتها في الأهرام؟ وهم الشيوخ محمد الغزالي وأحمد الشرباصي وعبدالجليل شلبي. وفي حدود ما أعلم أن الشيوخ الأفاضل ليسوا قراء أدب حديث يمكنهم اكتشاف المضمون قبل اكتماله، هل كان تحركهم بدافع ذاتي منهم أم أنهم كانوا مدفوعين بتحريض ما؟. محمد شعير يجيب علي هذه الأسئلة الحائرة لأكثر من نصف قرن من خلال الوقائع الدقيقة التي لم يدع شاردة أو واردة  منها إلا وأحصاها وقدم التوثيق الأتم لها، أول مرة ظهر اسم »‬أولاد حارتنا» في الحادس عشر من فبراير 1959، الأهرام تجري حواراً مع محفوظ في مستهل العام، كان مديراً للرقابة علي المصنفات الفنية وقتئذ، السؤال: ما أمنيتك؟ يجيب محفوظ: أمنيتي أن أواصل كتابة رواية »‬أولاد حارتنا» التي بدأت فيها. يقول محمد شعير إنها المرة الأولي التي يتحدث فيها محفوظ عن الرواية، قبل بدء نشرها بسبعة شهور، ويخلص إلي أن محفوظ دفع بالرواية للنشر مباشرة وليس صحيحاً أنها ظلت عامين كاملين في درج مكتبه كما هو شائع.