أيام وينتهي رمضان وتتطفئ الأنوار ويقل الزوار وتبحث المساجد عن زوارها، وكأن لرمضان رب الكل يناجيه ويستأنس به ويطلب منه العفو والعافيه وباقي شهور السنه لها رب آخر لا يعرف طريقه إلا أصحاب الحاجة.. يناجونه وتزداد المناجاة لقضاء حاجتهم وإذا انتهي الأمر عاد وكأن الدنيا تسير بمفردها لا يسيرها خالق وينطبق عليهم المثل (صلي وصام لأمر كان فلما انتهي الأمر لا صلي ولا صام) فهنا يسقط الغافلون ويستيقظ العاقلون الذين يعرفون قدر خالقهم يتدبرونه في رمضان وفي غيره، يعلمون أنه لا صلاح لأمر الدنيا كلها إلا في معية الخالق.
لذلك تجدهم يدركون أن رمضان لم يكن شهرا ليمر مر الكرام، بل هو شهر الإعداد والعدة يخرج منه الإنسان متحصنا، يستطيع أن يقاوم الدنيا كلها متسلحا بالطاعة وحب العمل مراقبا الله في كل شئ فقد صام لسانه عن الخوض في الأعراض وجوارحه صامت فلا ينظر إلي ما حرم الله لأنه علم أن له في الدنيا محارم يتمني لها الستر فاذإ أدرك ستر غيره ستره الله، عرف قدر العمل لأنه علم أنه علي قدر أهل العزم تأتي العزائم، فيا لها من فرصة جميلة تجعلك تحمل في جعبتك كل أدوات الخير تحسن استغلالها وتوظيفها، فقراؤكم مغفرة لكم فلا تتركوهم لهوي الشيطان والأحقاد، مرضاكم داووهم بالصدقة، نساؤكم حصنوهن بالعفة، أوطانكم لا تتركوها فريسة لأعدائكم حصنوها بالعلم والعمل، قلوبكم طهروها من الحقد والغل، فلا تترك نفسك لهواها واستعمل ميزة حاباك الله بها وتركتها واستغلها غيرك ألا وهي العقل الذي قال الله عنها (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا).
فلا تدع الفرصة تفوتك لتصبح من الخاسرين ولا تطفئ نور رمضان في بيتك لتحرم نفسك من الأجر واجتهد أن تجعله سراجا تضيء به بيوت الرحمن.
العاقل من عرف الله في كل وقت فصام عن المعصية وأدرك أن لله حقا في عباده وفي عمله والخاسر هو من خسر ربه في رمضان وغيره