ليسمح لي نيافة البابا تواضروس ان اختلف معه تماما في طرح القضية علي هذا النحو. يقول ان وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن! وأقول له: بل وطناً يحتضن الجميع، وطن لكل مواطنيه لا فرق بين دين أو عرق، ولا أحد يستطيع مهما توهم أن يضعنا في زاوية ضيقة تفرض البديل الذي يعرضه البابا ولو مضطرا، لأن هذا الخيار سوف يروق للمتطرفين الذين لا يعرفون معني الوطن، وينتهكون في كل ممارساتهم مفهوم الوطنية. لا مفاضلة، ولا اختيار، ولن يجبرنا المهووسون علي تبني ما يعتنقونه، ونرفضه مهما كانت التضحيات، ولن يكسر إرادة العيش المشترك أي تنظيم متطرف، أو داعية مختل، أو عميل مأجور. عناق المآذن وأبراج الكنائس فوق أرض الكنانة لا يحتمل إعادة النظر بعد كل هذه الفروق، أصبح فيها مفهوم الإسلام الحضاري مستقرا في ضمائر كل أبناء مصر لا فرق إلا من ذهب التشدد بعقولهم، ومواجهتهم لا تكون بالإذعان أو الرضوخ، وإنما بالمقاومة، بالإصرار علي أن تبقي تلك »الضفيرة»‬ أو »‬السبيكة» الفريدة قائمة، بل مزدهرة دائما أبدا. وراء الحدود حيث يأتي الدعم لهؤلاء المهاويس يعاني الغرب حتي الآن من أزمة اندماج، ومن صدامات عنصرية، حاولوا عبر من خانوا دينهم وأوطانهم تصديرها إلينا، لكن الصمود، والتشبث بالثوابت الأخلاقية والوطنية، بل والإنسانية الحقة، هي الحل، كوسيلة لاصطفاف وطني يضم كل أبناء مصر، تحت ظلال مساجدهم وكنائسهم. نيافة البابا: إعلم ان مصر لن تكون يوما وطنا بلا كنائس، وإلا نكون قد خُنا أنفسنا، فاطرد عنك ومن أذهان اخواني المسيحيين أي هاجس يدفعهم نحو اليأس من زوال تلك الصفحة السوداء، إنها جملة اعتراضية في حياة وطن عظيم للجميع وبالجميع.