«تعيش المنطقة العربية، علي وقع صراع بين مخطط، لهلال شيعي تسعي إليه إيران، ووجه التطرف الآخر في الجانب السني ، داعش».
إيران ومعها إسرائيل،هما القاسم المشترك لكل ما يجري في المنطقة، هما المستفيدان من حالة عدم الاستقرار بها، من زيادة معدلات العمليات الإرهابية، بل هما جزء من مخطط كبير، تشارك فيه أطراف خارجية لاستهداف العالم العربي، والتجهيز لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي الإيراني، رغم المعارضة الإسرائيلية الظاهرة لإتمام ذلك الاتفاق، فهو صراع علي النفوذ علي من يقود المنطقة، ولم أكن مبالغا عندما ذكرت في مقال سابق، أن العالم علي موعد مع خرائط جديدة، في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة القادمة.
هي إذا عملية فك وتركيب للتحالفات الجديدة، بعد انتهاء مرحلة استقرار في العلاقات بين دول المنطقة، وعواصم صنع القرار الدولي، ولكن الأخطر، امتداد «خرائط الدم» والتي ظهرت من خلال العمليات الإرهابية، التي شهدتها كل من مصر والكويت وتونس في الأسبوعين الأخيرين، والغريب أن ما يجمع بينهما التحول الدرامي في مسار الأزمات في المنطقة، ودخولها في نفق مظلم، تحت عنوان الحروب الطائفية، واستحضار لتاريخ بغيض عاشته الأمة منذ صدر الإسلام، وهناك من يحاول إحياءه من جديد، ويبدو أن العالم العربي بات عليه أن يدفع ثمن خطيرين، رغم التناقض الظاهري بينهما، الأول داعش الذي أعلن مسئوليته عن العمليات الأخيرة في كل البلاد، وإيران الجديدة بعد الاتفاق النووي. أما إسرائيل فهي في انتظار حسم المعارك، ويكفي الاعتراف بأنها تقوم بعلاج عناصر التنظيم في مستشفياتها.
أما داعش فقد تجاوز خطرها بكثير تنظيم القاعدة، حيث يسعي إلي تحقيق هدفين، هدم أسس الدولة الوطنية، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية علي أنقاضها. كما أن الانتشار الجغرافي للتنظيم، يفوق بكثير تمدد القاعدة، بينما داعش في أقل من عامين، استولت بالفعل علي مساحات واسعة، من دولتي العراق وسوريا وبسهولة ويسر، وراحت تنظيمات في العديد من الدول العربية، تقدم البيعة لأبوبكر البغدادي، وتتحول إلي فروع، ومنها أنصار الشريعة في ليبيا، حيث استوطنت في درنة حيث أقيمت ولاية إسلامية ومنطقة سرت وهي تقترب من بنغازي، وتونس ليست بعيدة عن التنظيم، من خلال أنصار الشريعة والذي قام بعملية سوسة أحد أعضائها، وكذلك في اليمن بالتوازي مع تنظيم القاعدة، الذي بايعت عناصر منه أبوبكر البغدادي، بالإضافة إلي تنظيمات جديدة، ظهرت في دول مختلفة، منها السعودية، حيث كان وراء الهجمات خلال الفترة الماضية علي مساجد في المنطقة الشرقية، مكان تواجد الشيعة. والكويت وكانت الرسالة التي بعث بها التنظيم، من خلال عملياته الأخيرة، أنه يرسم حدودا جديدة تتجاوز الدول والحدود ولا تقتصر علي منطقة بعينها، والعجيب أن المتورطين في عمليتي الكويت وتونس، من غير المعروفين للأجهزة الأمنية في البلدين، مما يعني أن هناك عمليات تجنيد واسعة، لعناصر جديدة.
أما الهدف الثاني لداعش، فهو استهداف الشيعة العرب، من خلال هجمات علي مساجدهم، في الكويت ومن قبل السعودية واليمن، صحيح أن هناك بعض التنظيمات والميليشيات التي تدين بالولاء إلي إيران، وتنفذ أجنداتها، وتخدم أهدافها، مثلما عليه الحال في جماعة الوفاق في مملكة البحرين، وكثير من الأحزاب والتيارات السياسية في العراق، ولكن ذلك لا يغير من أمر، أن الغالبية من الشيعة هم مواطنون من نسيج المجتمعات التي يعيشون فيها، لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، والهدف واضح وقد أعلنه داعش، هو طرد «الروافض العرب «وكذلك إتاحة الفرصة أمام إيران، للتدخل أكثر في الشأن العربي، والترويج لفكرة أنها مسئولة عن أمنهم وحمايتهم، واللافت للنظر هنا أن التنظيم مثلا، يستهدف الشيعة في الدول العربية، ولكن لم يسجل له أي نشاط من أي نوع في إسرائيل، رغم نشاطه في سيناء، وإيران وهناك معلومات موثقة عن احتضان إيران السابق لقيادات من تنظيم القاعدة، وتوفير الحماية لهم، بعد خروجهم من افغانستان، وأحداث الحاضر تكشف عن أن إيران قد يكون لها ضلع في بداية نشأة داعش، من خلال السماح للعناصر الإرهابية، بالتواجد في الأراضي العراقية، عبر سوريا للإسراع بخروج أمريكا من العراق، للاستفراد به، واستخدامها بعد ذلك، في الترويج لفكرة أن نظام الأسد يقاوم الإرهاب، كما أن تهميش السنة في العراق، خلق الأرضية المناسبة لظهور تطرف داعش.
علينا أن نفضح جميعا العلاقة الحقيقية بين إيران والتنظيمات الإرهابية، فالتسابق والمنافسة بينهما شديدة بين مؤامرة الهلال الشيعي، الذي اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني بالسعي إلي تحقيقه، وبين داعش التي تحاول رسم خريطة جديدة للمنطقة، من خلال استثمار النقاط الرخوة في الجسد العربي، علينا أن نتوحد جميعا من أجل مواجهة الإرهاب.