حين يقف رأس الدولة يطالب رجال الدين بثورة دينية لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتنقية شوائب التراث، يخرج من كل حدب وصوب أشباه المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ويفرغون ما في صدورهم من سموم تجاه الدين وأهله منطلقين في رحلة تشكيك في كل الثوابت دون تمييز، ومتحولين بما يفعلون إلي ثورة ضد الدين لا لصالحه.
وحين يتجه رئيس الجمهورية إلي أهل الفن والإعلام بخطابه قائلا ان الله سوف يحاسبهم جميعا علي ما يقدمون وأنه يتمني أن يكون رمضان فرصة لتصويب مسار الأعمال الفنية التي تصل إلي الناس في البيوت، ينتظر الجميع رمضان 2015 ليروا أثر كلمات رئيس الجمهورية علي الفن وأهله فتنطلق كتائب أهل الفن بقيادة هيفاء وفيفي وتوابعهما ورامز وأشباهه، لتتحول مسلسلات رمضان وبرامج مسابقاته ومقالبه إلي معامل للبذيء من القول والرذيل من الفعل والسفيه من الرأي بدعوي التعبير عن الواقع، وما هو بواقع بل هي محاولات مستمرة للإيقاع بالواقع في مواطئ الضياع وتفسخ المجتمع وانهيار قيمه ومبادئه ضمن ما يطلقون عليه حروب الجيل الرابع، ثم يتشدق كل منهم إذا تحاور معه أحد أو خاطبه في برنامج ويختتم كل منهم كلماته بـ «تحيا مصر» ولا ندري كيف تحيا مصر بهذا السخف وانهيار المباديء!
أما عن رمز برامج المقالب فحدث ولا حرج، هو يعمل بمبدأ «اللي تعرف ديته هاته ومرمطه أمام الناس» ويطلق الضيف للسانه العنان في سب الدين ولعن الأب والأم بعد أن يصل إلي قمة انتشاء مقدم البرنامج في بهدلته، وكأنه لا يعلم ما يجري له أو غير متفق عليه، ويتحول البرنامج إلي لحظات من التمثيل وأضعافها من نغمة «التيييت» للتغطية علي سوء خلق الضيف وأدبه بعد لحظات الترويع التي يتعرض لها، لكن كله يهون أمام آلاف العملة الصعبة وليالي الأنس في فنادق الـ 7 نجوم ولايهم أن يتحول الضيف في نظر ذويه وجمهوره إلي عروسة ماريونيت في يد رامز.
لو كان مقدم برامج المقالب يفقه ذرة من صالح بلده وشعبه فيما يقدم لوقف طويلا أمام كلمات إحدي ضحايا برنامجه ـ المزعومين ـ وهي النجمة الأمريكية باريس هيلتون التي قالت في تصريح لها «الآن عرفت لماذا يقتل العرب بعضهم».
قالت هذه الكلمات لتعبر عن دور مثل هذا البرنامج في تغذية التطرف الأخلاقي والإرهاب البدني للآخر، رغم انها جاءت باتفاق مسبق نظير أجر فلكي وبعد أن عرضوا عليها سيناريو ما ستقوم بتمثيله وإيهام المشاهدين به، لكن حتي في تمثيل المقالب وانتزاع الضحكات يبدو أن كثيرين منا فقدوا الضمير المجتمعي فالمغريات لا تقاوم ثم يتقدمون الصفوف ويهتفون بحياة الوطن!