كنت أتمني في نفس الوقت ان يلتقي النقيب برئيس الوزراء أو وزير العدل لعرض وجهة نظر الصحفيين والاعلاميين في المواد المعترض عليها بكل هدوء ودون صخب أو ضجيج أو تهديد ووعيد

الاعلاميون بشكل عام والصحفيون بشكل خاص، أصحاب مصلحة في التصدي للإرهاب وفضح الفكر المتطرف بالخبر الصادق، والتحليل الموضوعي، والرأي القائم علي مجابهة الضلال بالقول الحق، والبعد عن المبالغة بالتهوين أو التهويل أوالتضليل أو التسخين من اجل تحقيق سبق كاذب أو انفراد مضلل غير صحيح يغرر بالناس ويهز أمن وسلامة واستقرار الوطن، وما اسهل السقوط في الترويج لشائعات لا اساس لها من الصحة !

الاعلاميون بشر يخطأ ويصيب، والخطأ سمة بشرية يستعاض عنها بالاعتراف بالتصحيح والاعتذار، أما تعمد ارتكاب الخطأ لمصلحة أو غرض فهو خطيئة لابد من محاسبة مرتكبها وفق مواد القانون، ولا يوجد أحد مهما علا شأنه فوق القانون وفق نصوص الدستور، ومن الصعب أن ينزلق الاعلامي نحو الخطأ أو الخطيئة الاعلامية إذ كان لديه رصيد من المهنية والتزام بقواعد واسس المهنة، ووعي بقواعد المجتمع وعاداته وتقاليده واعرافه، وحس وطني يقدم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة،والانتماء الوطني علي المعتقد الايديلوجي والانتماء الحزبي.

كل هذا تعلمناه في قاعات الدرس نظريا، وتدربنا عليه عمليا علي يد اساتذتنا الكبار رحمهم الله، أحياء وأمواتا، وأستطيع ان اقر بضمير مستريح أن الاعلام في العشرين سنة الأخيرة أصابه من العوار ما لا تكفه هذه المساحة، وقد ظهرت فئة من الاعلاميين مع تعدد الاصدارات الصحفية والفضائيات التي تملأ السموات المفتوحة لم يتم تدريبها التدريب الجيد الذي يؤهلها لتحمل مسئولية الرسالة الاعلامية النبيلة، ويؤسفني ان اقول أن الصحافة وهي جزء من المنظومة الاعلامية ابتليت بإنصاف المهنيين، ومن يجمعون بين سبوبة « الاعلان « و» الاعلام «، ولهذا تكثر الاخطاء والخطايا الصحفية والاعلامية في ظل غياب المحاسبة المطلوبة من داخل المؤسسات وخارجها، ومن حق المجتمع ان يمارس تلك المحاسبة إذ ما استشعر انها تمس أمنه واستقراره.

لهذا ما كنت أتمني أن يتم خلق « أزمة بلا لازمة « بين نقابة الصحفيين والحكومة بشأن بعض المواد التي تم ادخالها علي قانون مكافحة الإرهاب الذي تم مناقشته في مجلس الوزراء لرفعه إلي رئيس الجمهورية بما يوحي للرأي العام ان النقابة ضد القانون الذي يحارب الارهاب، كنت أتمني من مجلس الوزراء عرض تلك المواد علي النقابة لإبداء الرأي، كنت أتمني في نفس الوقت ان يلتقي النقيب برئيس الوزراء أو وزير العدل لعرض وجهة نظر الصحفيين والاعلاميين في المواد المعترض عليها بكل هدوء ودون صخب أو ضجيج أو تهديد ووعيد يظهر الصحفيين ونقابتهم وكأنهم ضد القانون برمته وضد ان تبسط الدولة قوتها في مواجهة الارهاب والارهابيين، لأن المادة 33 التي تنص علي معاقبة كل من» يتعمد» نشر أخبار أو بيانات «غير حقيقية» عن أي «عمليات إرهابية» بما يخالف» البيانات الرسمية « الصادرة عن الجهات المعنية بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، تتحدث عن حالات محددة مبينة في الكلمات التي وضعتها بين الاقواس، التي تنص علي « التعمد « في نشر اخبار وبيانات كاذبة عن عمليات ارهابية، ومن يتعمد فعل ذلك يحاسب بالغرامة الموجعة لأني ضد الحبس والسجن الذي ناضلت النقابة للخلاص منهما، وكنت اتمني أن يتروي اصحاب الحملة الداعية لمقاطعة الصحف الورقية والاليكترونية اليوم برد فعل غير منصف تجاه كل الصحف لخطأ أو خطيئة ارتكبتها صحيفة أو موقع لخلق أزمة ملهاش لازمة !