شيحة في الأصل جمال الدين شيحة الذي اشتهر في عصر الظاهر بيبرس بابتداع الحيل والنوادر واختلاق المواقف وتدبير المقالب. صار شيحة شخصية خيالية في المخيال المصري يظهر في الأوقات التي تستخدم فيها الحيل والمكائد. ما ذكرني بشيحة قصة قوانين مكافحة الإرهاب التي تنوي الحكومة إصدارها. لقد وصم عهد حسني مبارك بعهد القوانين سيئة السمعة واستمرار قانون الطواريء لزمن طويل فما بال النظام الحالي وحكومته يعودون إلي زمن القوانين سيئة السمعة؟.
ما بال النظام يستعدي القوي الداخلية والخارجية ؟ لطالما لعن الشعب قوانين الطواريء وغيرها وما يحدث بسببها فلماذا نعود مرة أخري إليها ؟ ألا تقدر الحكومة بكل هيلمانها علي بيتر ذراع الإرهاب ؟ وإذا كانت تحتاج إلي قوانين من هذا النوع فما دخل الصحفيين والكتاب والإعلاميين وكل من يمارس مهنة النشر بالإرهاب والطواريء؟. هل نعاقب كائنا صغيرا بطلقة مدفع ؟ !!.
ما تضمنته القوانين المزمع إصدارها بشأن حبس الإعلاميين والصحفيين وكل من يمارس حرية التعبير أمر مرفوض ولا أعرف من الشخص أو الأشخاص الذين يدمرون البلد بهذا الشكل. من الذي يقترح قوانين تسيء إلي النظام وإلي الحريات. من الذي يصدر قوانين الانتخابات المعيبة والتي تكررت عيوبها وكأننا لا ندرك أن الهدف هو تعطيل العملية الانتخابية حتي لا يكون هناك برلمان يعكنن علي الحكومة وقد يسحب الثقة منها. أود أن أعرف لا لسبب إلا لكي ألعن الشخص الذي يخرب في البلد وكأنها رسالة جاء ليحققها. أريد أن أعرف لكي أكتب عنه ما يجعله يدخل التاريخ من الباب المناسب لشخصه ولأعماله.
لو كان النظام واثقا من قدرته علي تنظيم الجماهير وحشدها وراء خطط وبرامج تنموية جيدة لما احتاجت الحكومة إلي التمسك بكل قوة بالانفراد بالسلطة التشريعية بجانب السلطة التنفيذية. وإذا كانت السلطة مفسدة فإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة وهو ما تمارسه الحكومة في الوقت الحالي. وليت الحكومة التي تمارس السلطة المطلقة حكومة منجزة أو منتجة لكنها حكومة معوقة تيبست مفاصل البلاد علي يديها والحقيقة أن رئيس الحكومة الرجل الطيب يبذل جهدا كبيرا في التوفيق بين المتخاصمين خاصة في مبني التليفزيون وهذا أقصي ما يمكن أن تفعله الحكومة التي تنوي اقتراض حوالي نصف تريليون جنيه أي 500 مليار جنيه حسب ما نشر في بعض الصحف ولم تكذبه الحكومة وبذلك أعتبره صحيحا.
عادت الحكومة إلي ممارسة ألاعيب شيحة في الوقت الذي فشلت فيه في الوصول إلي شخص واحد.. واحد فقط يكون له علاقة بجريمة اغتيال النائب العام هشام بركات. مع احترامنا لرئيس الجمهورية الذي انتخبناه ونتمسك به، نسأل : من الجناة في قضية اغتيال هشام بركات ؟. قد يكون هناك حظر نشر، لكن اغتيال نائب مصر العام المتحدث باسم الشعب أمر يجب أن يحاط به الشعب علما.
إن عودة الحكومة إلي إصدار قوانين تحبس في قضايا التعبير عن الرأي لهي خطوة إلي الوراء بل هي خطوات إلي الوراء بعد أن خضنا في نقابة الصحفيين وأشرف أنني كنت أحد أربعة من فريق النقابة الذي تفاوض مع الحكومة خلال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك لإلغاء الحبس في قضايا النشر وتم إلغاء الحبس لتعود الحكومة الحالية التي تدعي أنها تعبر عن ثورتين لتعيد الحبس في قضايا التعبير والنشر وكأن عجلة الزمن تعود إلي الوراء وهو ما لا يحدث في الواقع.
إن الحكومة الحالية بوزرائها جميعا لا يضمنون الاستمرار إلي الغد، لكن الرئيس المنتخب مستمر حتي يكمل مدته والشعب يضع العبء والمسئولية علي كاهله ولا يهتم بالحكومة كما أن التاريخ لن يذكر أن الحكومة تلاعبت كما كان يتلاعب شيحة أو أنها أصدرت قوانين، إنما سيسند ذلك إلي الرئيس المنوط به ممارسة التشريع خلال غياب البرلمان وهو الذي يوقع علي القوانين لذلك علي الرئيس أن تكون عيناه علي الحريات وعلي التاريخ وعلي صفحته التي نتمني أن تستمر بيضاء لا تلوثها تشريعات تسجن أصحاب الرأي.