حقا (الجنازات أكبر من حامليها) وليس بوسع القلب مساحة لموت أكثر ، ولا لحزن أكثر...لكن خالد السرجاني لم يحتمل الفرح .. الفرح الذي تأخردائما ، تأخرطوال حياته ، فمات بعد يوم واحد فقط من حفل زفافه ..! تصورنا جميعا أن الأمر ليس أكثر من نكتة سخيفة ، فلم يصدق أحد خبر موته...لكن خالد السرجاني مات بالفعل ، مات بعد أن أنجز فرحه ، وترك سيرته حافلة بالصدق والنزاهة. قبل أسبوع واحد ، تردد اسم خالد السرجاني ضمن قائمة الأسماء المرشحة لرئاسة تحرير جريدة »القاهرة« ربما كان الأمر ، ليس أكثر من شائعة ، أو بالون اختبار ، ، لكن نفي الأصدقاء كان لافتا في حدته ، قال الشاعر شعبان يوسف (أبدا السرجاني ، لا يباع ولا يشتري) موضوعيته الشديدة ، وحرصه علي استقلاله الصحفي ، يبعده كثيرا عن فكرة الانحيازلمؤسسات ، والسعي وراء المناصب . كان السرجاني بالفعل حريصا علي استقلاليته المهنية ، صارما في محاسبة النفس ، باحثا جادا ودقيقا ، يمتلك عقلا موسوعيا ،ومعرفة عميقة ، ظل عمره يؤسس لها..تجاوزت مكتبته الشخصية 8 آلاف كتاب ، والأهم كان سخاؤه في نشر هذه المعرفة ، لا يضن بها علي أحد ، اشتهر السرجاني بين الأصدقاء والزملاء (بالمرجعية) يذهب إليه كل باحث عن معلومة ، أو باحث عن كتاب. بدأ عمله الصحفي بجريدة الجمهورية ، ثم انتقل في منتصف الثمانينات للعمل في الأهرام ، في صفحة (الحوار القومي) مع الكاتب لطفي الخولي..ثم عمل في العديد من الصحف (الدستور ، التحرير ، المصري اليوم ) وكانت صفحته المتخصصة حول (الصحافة) رؤية نقدية جادة وعميقة للعمل الصحفي ، وسعي حقيقي لتصويب المسارالاعلامي، وتطويره .. خالد السرجاني ليس مجرد صحفي حر ومستقل ، حريص علي مواقفه ومبادئه ، لكنه أسلوب حياة ، وسيرة عطرة.