قال أحد الأصدقاء : الطوابيرالطويلة، والأزدحام الشديد داخل البنوك، منعني من شراء شهادات استثمار »قناة السويس»‬ حتي الآن ! قلت : وأنا أيضا.. ضحك صديق آخر: »‬ أنها الفائدة ياعزيزتي، هي ما دفعت الناس لكل هذا التكالب، يعني »‬الأستثمار» لا »‬الوطنية» !! ‎ورغم السواد والتحامل والأحباط في كلمات االصديق، ورغم مشروعية »‬ الأستثمار» و»المكسب» وحق الناس في تحقيق النفع والفائدة ، الا أن أقبال المصريين علي شراء شهادات أستثمار »‬قناة السويس»، ينطوي علي أكثر من معني يتجاوز الأستثمار، ويتجاوز الحس الوطني العاطفي، معني يمتليْ بالثقة والأمل، الثقة في الدولة والنظام والرئيس، الثقة في أستمراره وصدقه، وقدرته علي النهوض بهذا البلد، والأمل بأن أجمل أيامنا لم تأت بعد.. ليس بمقدور 12% ولا أكثر منها، أن تمنح المواطن الأمان والثقة والأطمئنان للدفع (بتحويشة العمر) ما لم يكن مؤمنا حقيقة بقيمة المشروع وصدق المسئولين عنه، وما لم يكن راغبا بالفعل في المشاركة والبناء.. الغريب أن حجم الأيداعات حتي الآن، وخلال أسبوع واحد من طرح الشهادات (بحسب محافظ البنك المركزي) وصل الي39،5 مليار جنية مصري، نسبة الأفراد المشاركين في الشراء 90% مقابل 10% للمؤسسات، وهو ما يعني أن المواطنين البسطاء، بجنيهاتهم القليلة، هم الأكثر وعيا وأدراكا لمعني الأعتماد علي الذات، ورفض آليات التبعية بكل صورها.   البنوك لا تزال مفتوحة لأيداعات المواطنين، الي أن يتحقق مبلغ 60 مليار جنية، المطلوب لأستكمال المشروع، وهنا لابد من مشاركة المصريين العاملين بالخارج، ومنحهم الفرصة للتعبير عن حبهم لبلدهم، والمشاركة في نهوضه. ‎واذا كانت الشهادات، وأقبال المصريين عليها، ليست فقط أستثمار، وليست فقط أغنية عاطفية في حب الوطن، ولكن أيضا ثقة وأمل في الغد، وتفويض آخر للعمل والبناء، فلا يعني ذلك تلك الحماسة الوطنية لوزير العدل المستشار (محفوظ صابر) الذي طالب بالغاء فائدة 12% تحت شعار(من اجل مصر) فالوطنية والثقة والأمل والتفويض، لا تعني الضغط علي أحلام الغلابة، ومكاسبهم القليلة، وعوائدهم المنتظرة من ملكيتهم للقناة، زرعهم وحصادهم وحقهم.