يارب عيد سعيد علي مصر وأهلها.. يارب احفظها واحفظنا من كل شر. يارب آمن روعاتنا واحم بلدنا واقدر لنا الخير حيث كان. هذه دعوانا وأمنياتنا بعد شهر الصيام والقيام.. اللهم تقبل.
يحيرني سؤال اعتبروه «تهييسة» في أواخر أيام الصيام. هل نحن أتقي أم إيران؟ وهل تعتبرالدولة الإسلامية أفضل منا نظراً لأن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف؟ مساجدنا ما شاء الله عامرة وفي الليالي العشر تتحول إلي ليالي الحشر بسبب الازدحام وتكدس المصلين.. فهل نحن المؤمنون حقاً ؟ ويا تري هل تتكدس مساجدهم في إيران خلال شهر رمضان مثلنا؟
اعذروني تداخلت السياسة مع الدين في ذهني المرتبك وأنا أتابع الإنجاز الفريد والعبقري الذي حققته الدولة الإسلامية في أواخر أيام رمضان مع خصومها بالغرب. هذا بلد استطاع تحقيق أقوي اتفاق له مع دول العالم الكبري وأظنه من أسعد الأعياد التي أتت علي الدولة الإسلامية بعد سنوات عجاف مرت عليها بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها ومفاوضات مجهدة مع القوي الكبري التي حاولت إخضاعها لإرادة الغرب فأخضعتها إيران لإرادتها، وحققت نتيجة تمكنها من الحصول علي المال والسلاح ويعطيها فسحة من الوقت لتلبية طموحاتها النووية رغم أنف الجميع. لا أنكر أني أغبطهم علي ما حققوه وأشعر بالغيرة من انجازاتهم فقد نجحوا في رد الاعتبار لأنفسهم، فما الفارق بيننا وبينهم؟
في رأيي ان الفارق بيننا وبينهم يكمن في الإرادة والجدية والدأب وليس في الشعارات الدينية الجوفاء ولا في امتلاء المساجد بالمصلين والدليل علي ذلك أنها سارت علي ذات النهج الذي سبقتها إليه كوريا الشمالية (الشيوعية) وأجبرت الغرب علي الاعتراف بحقها النووي. علي ان هذه الإرادة والجدية تضع مصالح ايران وحسب نصب عينيها، بلا حسابات ولا مواءمات أو مجاملات.
هذا الاتفاق لا يضمن أن تأتي الأعياد القادمة وقد أصبح الشرق الأوسط أكثر سلاما وهدوءا، علي العكس فالمنطقة ستعيش دائما علي حافة الحرب وكأنها تحوي داخلها برميل بارود. وسيبقي الخطر النووي قائما طالما ان اسرائيل تقتنيه دون رادع. كما أن تلك الأخيرة لن تصمت بعد هزيمتها الشنعاء أمام إيران في المحافل الدولية لاسيما بعد إخفاقها في اقناع العالم والإدارة الأمريكية بعدم عقد الاتفاق مع ايران وبزيادة الضغوط عليها.
وليس مستبعداً أن تقوم تل أبيب بضربة انتقامية للمنشآت النووية الإيرانية مزدوجة الأهداف لتأديب كل من إيران التي تمثل خطرا علي بقاء الدولة العبرية ومن ثم حرمانها من التوسع في قدراتها النووية، والإدارة الأمريكية التي لم تعبأ بمصالح اسرائيل وعقدت الاتفاق مع إيران رغماً عنها. ولن يكون هذا غريبا عن العقيدة الصهيونية التي بثها مناحم بيجين بأن الدولة التي تسعي لتدمير إسرائيل لا ينبغي لها الحصول علي أدوات التدمير من ثم يصبح لدي إسرائيل الحق في أن تتخلص من أي خطر تمثله أية دولة أخري علي وجودها. ومازالت الذاكرة الإنسانية تحتفظ بتدميرها مفاعل أوسيراك العراقي.. ولن تقف تداعيات الاتفاق عند هذا الحد، بل إن سباق التسلح النووي في المنطقة سيزداد جنوناً ووحشية، وقد تصر السعودية مثلاً علي أن تكون هناك قوة سنية نووية لمواجهة قوة إيران الشيعية، ناهيك عن تعمق الشرخ السني الشيعي في المنطقة.
أين نحن من كل هذا؟ العالم يجري بينما حلمنا النووي البرئ مايزال متعثرا، مثله مثل أحلام كثيرة تعثرت وأعاقت مسيرتنا. لكن يجب أن نعترف بأننا نعيب زماننا والعيب فينا. نعم نحن هواة كسل ودعاة شعارات دون رغبة حقيقية في العمل والتقدم ولو لم تصدقوني ابحثوا عن كم دقيقة يعمل الموظف المصري بعد ثورتين هل تغير فينا شئ؟ لا أظن.