في جدة رسّخ الوزير سامح شكري لدبلوماسية المواجهة والموقف، بدلا من المفهوم الشائع لدبلوماسية الياقات البيضاء المهذبة، المنمقة او دبلوماسية »تطابق وجهات النظر»‬ واللغة حّمالة الاوجه المائعة غير المقترنة بموقف محدد واضح، واجه الوزير سامح شكري وزير أقوي دولة في العالم بالحقائق النابعة من الواقع، الولايات المتحدة وبالتحديد الادارة الحالية تتخذ موقفا معاديا من خيار الشعب المصري واسقاطه لحكم الاخوان الداعم الرئيسي لجميع حركات الارهاب باسم الدين في العالم. وتسعي الان لبناء تحالف دولي ضد داعش. تقوم فيه بدور المحارب عن بعد بالطيران بينما تدفع بقوات برية عبر الاراضي للاشتباك مع قوات داعش. فليحارب التطرف الاسلامي بالمسلمين أنفسهم، بينما تقوم الولايات المتحدة بالرعاية من الجو. من هنا تأتي أهمية تصريحات الوزير سامح شكري الواضحة جدا والتي أكد فيها أن مشاركة مصر في مؤتمر جدة لا تعني الزاما لمصر بارسال قوات عسكرية، هذا موقف واضح يحتاج الي حديث أطول. غير انني معني باسلوب الوزير وادائه الحاسم الواضح في مواجهة الوزير الامريكي الذي تماطل ادارته في تسليم عشر طائرات اباتشي ارسلت للصيانة وعشر اخري جديدة. ازدواجية غير مفهومة اما انها تعكس اضطرابا في الرؤية أو اهدافا معلنة للسياسة الامريكية واخري خفية، موقف الوزير المصري ما كان ممكنا ان يكون بهذا الوضوح لولا صلابة الشعب الذي اسقط حكم الاخوان في مشهد اسطوري تاريخي. وقيادة وطنية نابعة منه، قوية، قادرة، نزيهة وأضع امام هذه الصفة عشرات الخطوط، عندما سافر الوزير الي العراق في ذروة الازمة السياسية هناك بعد سقوط الموصل. ألتقاه وزير الخارجية العراقي وبدأ حديثه عن التعاون الاقتصادي والاتفاقيات، لكن سامح شكري قال بوضوح انه لم يأت من اجل الاقتصاد واتفاقياته. لقد جاء من اجل وحدة العراق. وحرص مصر علي حمايته من التقسيم. كانت زيارة مهمة تشير الي سياسة مصر الجديدة. وعلي نفس المستوي كانت زيارته الي الحدود الليبية التونسية عندما بدأت ازمة المصريين في ليبيا. وعاد الي مصر معه علي الطائرة عدد كبير منهم بعد اطمئنانه علي اوضاعهم، تذكرت تصريحا حاسما للوزير الاسبق احمد ابوالغيط عندما قال عام ٢٠٠٦ في رؤية مبكرة لطبيعة حماس ودورها الحقيقي. قال: ان من يعبر الحدود المصرية سنكسر رجله.. غير ان الموقف العام للنظام السياسي وقتئذ لم يكن مساندا، وكان النظام آيلا للسقوط. واثبتت الايام صحة تصريح ورؤية ابوالغيط في ظل مصر جديدة. وروح واثقة. وقيادة نزيهة. يصبح لموقف سامح شكري أكثر من معني ودلالة. إنها دبلوماسية الوضوح والثقة التي تليق بمصر الان.