سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والدوام لله وحده وإنا لله وإنا إليه راجعون. فقدنا وفقدت الصحافة المصرية والعربية رمزاً فريداً لشرف الكلمة التي تسمو وتعلو بالانتماء الوطني والمصداقية والشفافية. كان  يملك إيماناً غير محدود بحب الوطن والتطلع من خلال الكلمات القصيرة التي تخرج من بين أنامله في شكل قذائف مؤثرة لا تخطئ أبداً أهدافها نحو التوعية بما يحقق الصالح الوطني. إنه صاحب القلم الفذ الفريد الذي ذاع صيته في كل أرجاء الدنيا وجعل الملايين من قراء الصحف يبدأون قراءتها من حيث موقعها في الصحيفة.كان شجاعاً جريئاً لا يعرف في كتاباته سوي الصراحة والنقد البناء الذي حباه الله بالقدرة في أن يعبر عنه بعظمة وقوة وبكلمات قصيرة جداً مؤثرة ونافذة أمضي من مئات السطور. إنه الراحل العظيم الكاتب الساخر أحمد رجب الذي وافته المنية بعد سنوات من الكفاح المشرف بالكلمات التي كان ينتظرها الملايين صباح كل يوم علي صفحات جريدة »الأخبار»‬ عشقه الذي لم تنطفئ جذوته علي مدي سنين عمره. عرفته عندما دخلت أخبار اليوم وأنا طالب بقسم الصحافة وكان وقتها مديراً لتحرير مجلة الجيل رفيقاً للمرحوم موسي صبري أحد رموز الصحافة العربية. كان يتمتع بخلق رفيع وقلب رهيف واستبشار دائم بالحياة. كنا نسعد ونحن في بداية عهدنا بالصحافة بالتعامل معه حيث كان يفيض علينا بخبرته وإنسانيته. وبعد إغلاق مجلة »‬الجيل» انتقل إلي جريدة »‬الأخبار» وكلفه عملاق الصحافة مصطفي أمين الذي كان يعتبره بمثابة ابن له بأن يكتب مقاله القصير ذا التأثير الهائل »‬2/1 كلمة» التي أصبحت علامة بارزة في التاريخ الصحفي العربي والعالمي. ثم تولي في نفس الوقت كتابة تعليقات الكاريكاتير الذي كان يرسمه الفنان الراحل مصطفي حسين. لا جدال أن أخبار اليوم وكل الصحافة المقروءة قد فقدت بغيابه قلماً عظيماً كان له طابعه الخاص المميز الذي جعل منه انفراداً ذو جاذبية خاصة في عالم الكلمة الشريفة الطاهرة الساخرة المجردة عن كل هوي. لقد شاءت الإرادة الإلهية أن يرحل أحمد رجب عنا إلي عالم الخلود بعد أقل من ثلاثة أسابيع من رحيل توءمه في عالم الممارسة الصحفية ورفيق دربه في التعبير من خلال النقد الكاريكاتيري. رحل القلم الفذ الذي كان يستخدم كلماته وانتقاداته النارية في تجسيد رسومات الفنان الراحل الكبير مصطفي حسين. وكأن الله قد أراد أن يكون هناك ترادفاً لرحيل العملاقين حتي يرفع عنهما معاناة الفراق بعد سنوات طويلة من الصداقة والأخوة والصحبة. رحم الله الفقيد العظيم أحمد رجب الذي ستفتقد أخبار اليوم والصحافة العربية كلها غيابه ولا نملك سوي أن ندعو الله أن يلهم أهله وأصدقاءه والملايين من محبيه ومريديه الصبر والسلوان. وداعاً أحمد رجب أيها الظاهرة النادرة التكرار.