‎هل كان أحمد رجب كاتبا ثوريا ؟ ‎الإجابة ببساطة: لا. ‎هل كان كاتبا معارضا ؟ ‎أيضا الإجابة: لا.. ‎كان كاتبا (ساخرا) وفي السخرية تمرد وخروج، وقدرة علي زحزحة الظلام، ومواجهة الظلم. ‎أحمد رجب كان انتقاديا أكثر منه معارضا، ينتقد المشهد وليس الصورة، يلتقط المفارقة في الحدث اليومي، بروح ساخرة يضع فيها كل مهاراته وموهبته.. لم يكن معارضا سياسيا، لا هو منتميا لتيار سياسي معين، ولا لنظريات، ولا لأفكار محددة، علي العكس كان خارج كل الأشكال التنظيمية والحزبية، حريصا علي حريته، وعلي استقلاليته ككاتب..صحيح أنه كان يستقبل لدي الرؤساء، وصحيح أن المسئولين كانوا يسعون اليه، وصحيح أنه أرستقراطي الملامح، شبهه البعض (بلورد انجليزي) لكن كتاباته كانت دائما وعلي امتداد العمر، تنحاز الي الغلابة والفقراء، وسخرياته كانت سلاحا ضد أشكال الفساد والظلم في السلطة وفي الواقع الاجتماعي.. ليس بصورة راديكالية، ولكن بصورة جزئية أو لحظية، فهو لا يريد القيام بثورة، ولا يكتب للخروج علي الأنظمة والسلطات، ولكنه صاحب رؤية انتقادية ساخرة، تجيد الضحكة المرة، وتعرية القبح. ‎ سلاح السخرية الذي امتلك موهبته (وقليلون من يمتلكون موهبة الكتابة الساخرة) هي كلمة السر لدي أحمد رجب، خلقت له مكانة متفردة، وخلقت منه حكاية يتبادلها البسطاء، فالكتابة الساخرة، هي قمة المسئولية والاحساس بالآخرين، هي عمل جماعي يحتاج الي الآخرويكتمل به، ولهذا عاش أحمد رجب يكتب بالآخرين، ويكتب لهم. ‎ولأن السخرية منهج، وأسلوب حياة، وموهبة، ورؤية، فإن أحمد رجب لم يكن فقط هو المقال الصحفي ( نص كلمة) ولا (الفهامة) ولا (الحب هو) لكنه أيضا، كاتب سيناريو أفلام (فوزية البرجوازية، شنبو في المصيدة، نص ساعة جواز، محاكمة علي بابا ) وكاتب مسرحية (كلام فارغ..كلام فارغ جدا) أخرجها سمير العصفوري 1987، مسرحية واحدة فقط، أستطاعت أن تدرج في تاريخ » المسرح السياسي»‬ المصري، شكلا جديدا مختلفا، من مسرحة الصحف أو الجريدة الحية، شكل من المسرح عرفته فرنسا بالأربعينيات (مسرح الفرق الزرقاء) وعرفته المانيا 1920 (مسرح فرق القمصان الحمراء) وكلها مسرحيات اعتمدت مسرحة الصحف، والتعليق علي الأحداث، وانتقادها، كشكل من أشكال المقاومة.