مؤلم ومتعب ومحير أن تسعي في الدنيا لارضاء الناس وسهل وبسيط ورائع ان تسعي لارضاء الله.. فلماذا نختار الأصعب -غالبا- ونترك الاسهل والأنفع؟!

أمر شاق ومتعب ومؤلم ان تسعي في الدنيا لكسب ود إنسان ويتحول الأمر ويصبح سهلا وميسورا إذا سعيت لكي تكسب محبة الله.. الإنسان تجتهد وتبحث لكي تقدم له ما يرضيه وقد يرضي أو يغضب أو ينصرف عنك بينما الله يقبل عطاءك مهما كان صغيرا، بل قد يكون الصغير في عينيك عظيما عنده فيرضي عنك ويغفر لك ويجعل حياتك سعيدة.. ولكن الإنسان -وهذا هو الغريب- لا يبحث طويلا عن رضا الله السهل والأقرب والانفع وتراه يتهافت لارضاء أشخاص بذاتهم قد يكون رئيسه في العمل أو زوجته أو أولاده أو شخص ذي نفوذ ومهابة أو آخر له عنده مصالح يرجوها منه. فيتهافت ويبدع لعله يصل إلي قلبه وينعم في جواره.. بينما الله ينظر إليك ويري أفعالك وينتظر منك ان تلجأ إليه وتطلب منه ليعطيك دون مذلة أو امتهان. ويظل سبحانه يمهلك ويعطيك الفرصة لعلك تنتبه وتفهم وترد نفسك إليه.. فإذا فعلت فزت وإذا نسيت وغفلت ضعت فكما أن الله غفور رحيم فهو سبحانه شديد العقاب وهو يمهل ولا يهمل. وإذا الإنسان اتخذ إلهه هواه وعاش كما يحب فلا يلومن إلا نفسه.. لاننا لا نعيش هذه الحياة فقط وإنما سنعيش حياة أخري تنتظرنا هناك وسنصل إليها حتما لكي يحاسب الإنسان علي أفعاله.. وقتها سيعرض الله عليك شريط حياتك لتري بنفسك ما قدمت.. ويقول لك إقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا.. فالدنيا بكل ما فيها هي اختيار الله لك.. هي الامتحان الذي أعده الله لكي تخوضه أما الآخرة فهي اختيارك أنت لنفسك بناء علي موقفك من الأحوال التي سيمررها الله عليك. فأنت في الدنيا لم تختر ميلادك ولا أبويك ولا صحتك ولا وعتال ولا نسبك.. كل هذه أمور قدرها الله لك. كما انك لم تختر الأحوال التي سيعرضها الله عليك. سيعرض عليك ان تستخدم يدك لتحصل علي أكثر من حقك وسيعرض علي عينيك أن تنظر إلي الحرام وسيعرض علي قدميك ان تمشي فيما لا يرضي الله.. ستكون هذه الأشياء كلها في ارادتك وطوع أمرك. فإذا امتنعت وتعففت وقررت ألا تساير نفسك التي تأمرك بالسوء وشيطانك الذي يغريك لتعص خالقك.. كان هذا اختيارك انت لنفسك بان تنحاز إلي أوامر خالقك وتهتدي بهدي رسولك.. فالله يعلم ان عندك هموما وعيالا وأعمالا ولكنه يريدك ان تحقق أمر الله فيها لان أمامك قبرا وحسابا وجنة ونارا.. فنحن في الدنيا نعيش علي "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" فهو المدبر لكل شيء قدر لك ماذا ستأكل وتشرب وتذهب وتكسب. ولكن في أمر الآخرة نحن الذين نحدد مكاننا بحجم ذكرنا لله واعتمادنا عليه وتدبرنا كلامه وتبليغنا غيرنا بأوامره فقد شاءت ارادة الله ان يترك للعبد إرادة فيما هو مسئول فيه.. ويؤجرك عليه إذا فعلته، أما الذي لا اختيار لك فيه فانت معفي من مسئوليتك عنه لانه قدر الله لك.
والناس في الدنيا فريقان.. الأول يعيش علي الهدي والثاني علي الهوي.. وكذلك الناس في الآخرة فريقان.. فريق في الجنة.. وفريق في السعير.. اللهم اجعلنا جميعا من أهل الجنة. آمين